اخر الاخبار

ضرورة ضبط الأمن والتعامل بحزم لاستعادة هيبة الدولة 

مع اقتراب الموعد المحدد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، يزداد الجدل بشأن إمكانية تحقيق هذه الخطوة على ضوء الاتفاق الذي أبرمته بغداد مع واشنطن في وقت سابق. وتطرح أوساط واسعة تساؤلات عديدة بشأن مستقبل هذا الانسحاب، ورغم أن مطالبات انسحاب أية قوات أجنبية مهمة جداً من حيث المضمون، لكنها قد تتلاشى مع تعقيدات المشهد السياسي ومع أصرار البعض على انتهاك سيادة البلاد، تلك التي مازالت تتقاذفها أمزجة ومصالح جهات متنفذة.

إنهاء الدور القتالي

وكان الجيش الأمريكي قد أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري، بأن دوره القتالي في العراق سينتهي ليتحول إلى مهام التدريب وتقديم المشورة. وتأتي هذه الخطوة بعد أشهر قليلة من اجتماع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، والاتفاق الذي أعلناه عن عدم بقاء قوات أمريكية ذات دور قتالي في العراق بحلول نهاية العام الحالي.

وبحسب تقرير لموقع “DW” الألماني، فإن “التغييرات القادمة لن تكون ضخمة من الناحية العملية، وهي بالتأكيد بعيدة كل البعد عن الانسحاب الشامل الذي شوهد في أفغانستان مؤخراً”. وذكر التقرير بأن هناك حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق وحوالي 4500 متعاقد مع وزارة الدفاع، إضافة إلى انتشار حوالي ألف جندي من دول التحالف الأخرى. ووجد التقرير غموضاً في الأمر شدّده “ التصريح الذي صدر مؤخرا من المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي والذي قال فيه بأنه حتى بعد الانتقال المعلن عنه فأن من غير المرجح بأن تتغير أعداد القوات الأمريكية كثيرا لأن التغيير يتعلق بالمهمة وليس بالضرورة في تغيير الأفراد”.

وتشير تحليلات الخبراء الأمنيين إلى أن القوات العراقية العسكرية لاتزال دون المستوى المطلوب، خصوصا وأن الغطاء الجوي الأجنبي وخاصة الطائرات المقاتلة، كانت ذا أهمية كبيرة خلال فترة الحرب على تنظيمات داعش الإجرامية، بسبب الضعف النسبي للقوة الجوية العراقية، فضلا عن استفادة الجيش العراقي من معلومات استخبارية أجنبية عن الإرهابيين.

قوات استشارية

وفي السياق ذاته، قال اللواء يحيى رسول المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة، بأن “القوات الأجنبية التي ستبقى في العراق بعد إتمام انسحاب القوات القتالية، هي قوات استشارية وتدريبية وأكثرها من حلف شمال الأطلسي (الناتو). وأن تواجد القوات القتالية الأجنبية سينتهي بنهاية الشهر الحالي”.

وذكر أن القوات العراقية اليوم “قادرة على القيام بعمليات عسكرية ضد داعش وبإمكانها الاستعانة بطيران التحالف الدولي إذا اقتضت الظروف مع العلم أن القوة الجوية العراقية في حالة تطور كبير. ولفت اللواء رسول الأنظار إلى أن “خطر الإرهاب ما زال موجوداً وأن نحو 10 آلاف من عناصر داعش يتواجدون الآن في سورية وبعضهم خطر جدا ونحن نعمل على تحصين الحدود العراقية – السورية، ووصلنا في هذا الأمر إلى مراحل متقدمة من خلال حفر خندق كبير وأبراج مراقبة”. ووصف اللواء رسول استهداف مباني السفارات والبعثات الأجنبية في العراق بصواريخ الكاتيوشا بأنها “رسالة سلبية”.

ردة فعل

وعلى صعيد ذي صلة، أكد الباحث في الشأن السياسي أحمد جميل، أن “العراقيين يأملون أن تتغير طبيعة الدور الأمريكي في العراق ودور الدول المجاورة والإقليمية والتي ساهمت على مدار السنوات الماضية بزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد”.

وقال جميل لـ “طريق الشعب”، أن “ما يثير قلق المواطنين هو اتخاذ قرارات مستعجلة من قبل البرلمان، الذي كان عليه أن يهيئ الأرضية لهكذا خطوة وأن لا يقوم بها كردة فعل، فهنالك توقعات بأن لا تجري الأمور كما يفترض بخصوص الانسحاب، دون أن يكون بإمكان البرلمان أن يعمل شيئاً خاصة في ظل هشاشة الوضع السياسي والأمني”.

وتابع قائلا: “أتوقع أن تنسحب القوات الأمريكية بشكل تام من العراق، بموجب الاتفاق الذي أبرمته حكومة الكاظمي مع الإدارة الأمريكية، خصوصا وأن هذا الانسحاب سيرفع الغطاء عن الأطراف التي تتذرع بالوجود الأمريكي من أجل استخدام السلاح، وهذا ما يشكّل مهمة صعبة على الحكومة القادمة، التي عليها أن تعيد ضبط الأمن والتعامل بحزم لاستعادة هيبة الدولة”. ولفت جميل الانتباه إلى جاهزية العراق لهذه الخطوة حيث تطورت القوات المسلحة العراقية بعد عام 2014 بشكل لافت وكسبت خبرة كبيرة بالتعامل مع المجاميع الإرهابية، رغم اعتقاده بوجود حاجة ماسة للتعاون الدولي، وصياغة نهج جديد في المرحلة المقبلة للسياسة الخارجية بعيداً عن الشعارات والتهديدات.

وشدد جميل على وجود “ قلق من أن يكون مصير العراق كأفغانستان في ظل وجود جماعات مسلحة تابعة لجهات سياسية تعلن أنها جزء من مشاريع خارجية، وبقاء خطر التنظيمات الإرهابية التي زادت من وتيرة عملياتها في الفترة الأخيرة، فكل هذه عوامل لا تطمئن المواطنين والمراقبين مع تزايد الصراع السياسي الحالي للظفر بأكبر المكاسب في الحكومة القادمة”.