اخر الاخبار

في ظل الاستعدادات الجارية لانتخابات مجلس النواب العراقي المرتقبة في تشرين الثاني 2025، تتزايد المطالب بتهيئة بيئة انتخابية متكافئة، تضمن نزاهة وشفافية عملية الاقتراع.

وفي هذا السياق، نظم مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية جلسة حوار عبر الدائرة المرئية في 22 كانون الثاني 2025، تحت عنوان "البيئة المتكافئة لانتخابات مجلس النواب العراقي"، بمشاركة مختصين في الانتخابات، وممثلين عن شبكات ومنظمات رقابية عراقية.

رؤية قانونية وإصلاحية

وافتتح الجلسة الدكتور محمد صباح، رئيس المركز، مشددًا على أهمية تعزيز الشفافية لضمان تمثيل عادل لإرادة الناخبين. فيما قدم الأستاذ سربست مصطفى، رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات، ورقة إضافية للنقاش، بمشاركة الأستاذ سعد الراوي، نائب الرئيس الأسبق للمفوضية.

وتناولت الجلسة أبرز التحديات القانونية والإدارية التي تواجه العملية الانتخابية، مع طرح مقترحات لتحسين البيئة الانتخابية وضمان نزاهتها.

وتناول المشاركون الإطار القانوني الحاكم للانتخابات، مؤكدين الحاجة لتعديلات جوهرية في بعض النصوص الدستورية والقوانين الانتخابية، أبرزها:

  • إشكالية عدد المقاعد البرلمانية: وفقًا للمادة (49) من الدستور، يُحدد عدد النواب بنسبة مقعد واحد لكل 100 ألف نسمة، ما قد يرفع العدد إلى أكثر من 440 مقعدًا بعد التعداد السكاني، مما يثير جدلًا حول ضرورة تحديد عدد ثابت للمقاعد.
  • عدم تحديد النظام الانتخابي في الدستور: أدى هذا الفراغ إلى تلاعب الأحزاب الحاكمة بالنظام الانتخابي وتقسيم الدوائر بما يخدم مصالحها، مما يؤثر على تكافؤ الفرص السياسية.
  • قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015: رغم نصوصه التي تمنع الارتباط العسكري والتمويل الخارجي للأحزاب، إلا أن التطبيق الفعلي يشهد تجاوزات، مما يتطلب تفعيل دور المفوضية في مراقبة التزام الأحزاب بالقانون.

التعديلات المطلوبة

وناقش المشاركون قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات رقم (4) لسنة 2023، مؤشرين غياب الاستقرار في القوانين الانتخابية، حيث يجري تعديلها مع كل انتخابات، ما يعرقل عمل الأحزاب والناخبين والمفوضية، مقترحا اجراء تعديلات ابرزها:

  1. خفض سن الترشح إلى 25 عامًا بدلًا من 30 لتعزيز مشاركة الشباب.
  2. إلزام المسؤولين الحكوميين بالاستقالة أو الإجازة قبل الترشح، لمنع استغلال النفوذ في الحملات الانتخابية.
  3. إعادة النظر في نظام الدوائر الانتخابية، حيث أوصى المشاركون باعتماد العراق كدائرة انتخابية واحدة أو جعل كل محافظة دائرة انتخابية مستقلة، بدلًا من التقسيم الحالي الذي يخدم الأحزاب المتنفذة.
  4. تبني نظام التمثيل النسبي عبر صيغة سانت ليغو الأصلية، لتقليل ضياع الأصوات وتعزيز التعددية السياسية.

ضبط الإنفاق ومراقبة التمويل

وتمت الإشادة بإضافة المادة (23) التي تحدد سقفًا للإنفاق الانتخابي، مع ضرورة إلزام الأحزاب والمرشحين بفتح حسابات مصرفية، وتعيين محاسبين قانونيين لضمان الشفافية. كما تم التأكيد على ضرورة تطبيق عقوبات صارمة ضد شراء الأصوات والتلاعب بالتمويل الانتخابي.

وأثار المشاركون قضية العراقيين المقيمين في الخارج، إذ يشترط القانون الانتخابي الجديد استخدام البطاقة البايومترية حصريًا، وهو ما اعتُبر شرطًا تعجيزيًا يقصي شريحة واسعة من المشاركة. واقترح الحاضرون اعتماد آليات بديلة مثل التصويت عبر البريد أو في السفارات، فضلًا عن تخصيص مقاعد نيابية لعراقيي الخارج، كما هو معمول به في العديد من الدول.

إجراءات الحماية والنزاهة

وأكدت الجلسة ضرورة تسهيل تسجيل الناخبين وإزالة العوائق أمام مشاركة النساء والشباب والأقليات، وتقليص التصويت الخاص إلى الحد الأدنى لمنع استغلال أصوات القوات الأمنية، إضافة الى تعزيز استخدام التقنيات الحديثة لضمان نزاهة الاقتراع، مع ضرورة مراقبة دولية ومحلية فعالة لضبط العملية الانتخابية.

وخلصت الجلسة إلى أن تحقيق بيئة انتخابية متكافئة في العراق يتطلب إصلاحات قانونية وإدارية جذرية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتوفير رقابة صارمة على تمويل الحملات الانتخابية وتقسيم الدوائر الانتخابية. كما شدد المشاركون على ضرورة تمكين الناخبين، خاصة الشباب والنساء والمقيمين في الخارج، من ممارسة حقهم الانتخابي دون قيود تعسفية.