اخر الاخبار

شهد قضاء الصادق، شمالي محافظة البصرة، احتجاجات حاشدة في الفترة الأخيرة، شارك فيها الآلاف من السكان الذين عبروا عن استيائهم من تردي الخدمات الأساسية والبطالة؛ حيث تركزت مطالبهم على تحسين البنية التحتية، توفير فرص العمل، ومعالجة الكوارث البيئية الناتجة عن النشاط النفطي.

وبرغم بعض الاستجابات الحكومية مثل توفير وظائف ومشاريع خدمية، إلا أن الأهالي لا يزالون يعانون من الإهمال.

احتجاجات سلمية

ويواصل أهالي القضاء احتجاجاتهم السلمية، التي بدأت منتصف العام الماضي، مطالبين بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل للعاطلين.

وقال سجاد العلي، أحد المشاركين في الاحتجاجات، إن "جميع المتظاهرين هم من أبناء القضاء، ويحرصون على سلمية تظاهراتهم، مع التزام كامل بعدم المساس بمؤسسات الدولة".

واضاف، أن الاحتجاجات تطورت من تجمعات صغيرة إلى تظاهرات تضم آلاف المحتجين، مشددًا على أنهم يتعاونون بشكل ودّي مع الأجهزة الأمنية، ما يعكس حرصهم على إيصال مطالبهم بطريقة حضارية.

وأوضح، أن المطالب الرئيسية للمتظاهرين تتمثل في تحسين البنى التحتية، توفير التعيينات، وحل مشكلة البطالة. محذرا بأنه "في حال عدم الاستجابة، فإن المتظاهرين يعتزمون تصعيد مطالبهم لتشمل تحويل قضاء الصادق إلى محافظة مستقلة".

وأشار إلى، أن الاحتجاجات تأتي في إطار الضغط على الجهات المعنية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للأهالي.

ونبه الى ان "تحويل القضاء إلى محافظة بات مطلبًا جديًا نظرًا لما يعانيه من نقص في الاهتمام الحكومي".

استجابة حكومية

وفصّل عضو مجلس محافظة البصرة جعفر صينخ الحجاج المطالب التي رفعها أهالي قضاء الإمام الصادق خلال الحراك الشعبي، قائلا: أن الحكومة المحلية تعمل بجد على تلبية هذه المطالب وتنفيذها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

 وقال الحجاج لـ "طريق الشعب"، أن "اجتماعًا رسميًا عقد بحضور النائبين الأول والثاني لمحافظ البصرة ووفد من مجلس المحافظة ومدير عام شركة نفط البصرة ومدراء الحقول النفطية ومدير عام تربية البصرة بالإضافة إلى قادة الحراك الشعبي في القضاء، وقد تمخض عن الاتفاق على توفير ألف فرصة عمل تشمل دفعة أولى من خمسمائة فرصة موجهة لخريجي القضاء والعاطلين عن العمل، في حقلي غرب القرنة 1 والرميلة. كما تم الاتفاق على إصدار أربعمائة جواز سلامة للعاملين في الحقول النفطية مع استثناء مهندسي وجيولوجيي القضاء من الشروط التقليدية لتعيينهم بشكل مباشر في الشركات النفطية الكبرى كونهم من أصحاب الشهادات العليا والتخصصات المطلوبة".

وأضاف انه: "من جانب آخر شهد الاجتماع التركيز على مشاريع خدمية لتحسين البنية التحتية في القضاء، حيث جرى التأكيد على البدء بتنفيذ مشروع الشارع الحيوي الذي يربط بين قضاء الإمام الصادق وقضاء المدينة بعد إزالة التجاوزات في المنطقة. كما تم تجهيز القضاء بكميات كبيرة من مادة السبيس والمحولات الكهربائية وإطلاق مشروع الاستشارية في القضاء مع نزول أسطول من الآليات لبدء مشاريع خدمية متعددة".

وأشار الحجاج، إلى أن "أما المطالب المتعلقة بالحكومة الاتحادية فقد تم وضع الحجر الأساس لمشروع مستشفى قضاء الإمام الصادق من قبل محافظ البصرة مع التأكيد على متابعة المشاريع التي تحتاج إلى موافقة وزارة التخطيط لضمان تنفيذها".

وأكد الحجاج، أن "مجلس محافظة البصرة يحرص على تنفيذ المشاريع في شمال البصرة وتلبية احتياجات الأقضية والنواحي بأسرع وقت ممكن"، مشددًا على مواصلة العمل لتلبية تطلعات أهالي قضاء الإمام الصادق.

أداء فاشل

وفي السياق، يذكر الناشط الحقوقي زين العابدين الخويلدي، أن "الاحتجاجات والتظاهر السلمي حق مشروع يكفله الدستور العراقي"، مشيرًا إلى أن هذه الوسائل الديمقراطية تمثل جزءًا أساسيًا من حق المواطنين في التعبير عن امتعاضهم من الأداء الحكومي. وأضاف قائلاً: ان "الوضع الراهن في البصرة، وخاصة شمال المحافظة والأقضية والنواحي المختلفة، يعاني من تدهور كبير على مستوى البنى التحتية والخدمات، باستثناء قضاء شط العرب الذي يُعتبر وضعه نوعًا ما أفضل من غيره".

وأشار زين العابدين لـ "طريق الشعب"، إلى أن "المحافظة، على الرغم من مواردها المالية الوفيرة، تعاني من بطء وتلكؤ في تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية"، ووصف الأداء الحكومي بأنه "سلبي وفاشل"، مؤكداً أن انعكاس هذه الأموال على تحسين الوضع الخدمي كان محدوداً للغاية.

وتطرق زين العابدين إلى حالة قضاء الصادق، واصفاً إياها بأنها "حالة خاصة"، حيث ساهمت عدة عوامل في تصاعد الاحتجاجات هناك، منها الثقل العشائري والاجتماعي الذي تتمتع به المنطقة، بالإضافة إلى وجود رموز بارزة من شيوخ عشائر وأساتذة ومهندسين دعموا الحراك الجماهيري. وأوضح أن مطالب المحتجين لم تقتصر على فرص العمل، بل شملت أيضاً قضايا خدمية أساسية مثل المدارس والمستشفيات والطرق.

وأضاف ان: "القضاء محاط بعدة حقول نفطية، ومع ذلك يعاني سكانه من آثار التلوث والإشعاع الناتج عن هذه الحقول، دون أن يعود عليهم النفط بأي فائدة تُذكر، لا على المستوى الخدمي ولا على مستوى تحسين معيشتهم".

وأردف زين العابدين أن هذه المأساة لا تقتصر على قضاء الصادق، بل تمتد إلى أقضية أخرى مثل المديْنة، الهوير، القرنة، وغيرها، التي تواجه جميعها أوضاعاً خدمية سيئة. وأشار إلى مشروع الزبير المتعثر الذي مضى عليه أكثر من ثلاث أو أربع سنوات دون أن يكتمل، مما تسبب في معاناة مستمرة للسكان، خاصة مع انعدام البنى التحتية الأساسية كالشوارع المعبدة، الأمر الذي أثر سلبًا على ممتلكاتهم الخاصة مثل السيارات بسبب الطرق الطينية والمياه الآسنة.

وختم زين العابدين بالقول: ان "المواطنين في البصرة يعانون من الإهمال الحكومي، مما يزيد من تفاقم الأوضاع"، مؤكدا على ضرورة اجراء إصلاحات جذرية لتحسين الواقع الخدمي في المحافظة".