اخر الاخبار

تعرفت على الشاعر والصحفي فالح حسون الدراجي قبل أكثر منذ سبعة واربعين عاماً، عندما كنا نسكن في منطقة واحدة.. وكنت أتردد على بيته لاسمع منه الشعر، والنصوص الغنائية العذبة، مثلما اسمع لأول مرة مفردات لم اكن سمعتها من قبل مثل الديالكتيك، والمادية، وفائض القيمة، وغير ذلك.. فكان فالح الدراجي مفتاح علاقتي بالفكر التقدمي.

واليوم، وإذْ تحل علينا الذكرى الثامنة والثمانون لميلاد الحزب الشيوعي العراقي، إستذكرنا انا وإياه بعض تلك الأيام الحلوة، كما مررنا على أغنياته الجميلة التي كان ولم يزل يكتبها للحزب الذي أحبه منذ طفولته..

 قلت لأبي حسون:

“ فهد يا فهد..

كل انسان بالدنيا يمرَّه الموت..

 وكل شجرة الكبر بيها الخريف تموت..

وكلشي بهالحياة يموت..

كلشي يموت..

بس موتك أشكّن بيه..”

 أتتذكر هذا النص؟

أطلق حسرة وقال: طبعاً طبعاً.. كيف أنساه وهو اول نص غنائي كتبته لهذا الحزب العظيم..

قلت: أتتذكر متى كتبته، ومن الذي قدمه بصوته؟

قال: أجل.. كتبته قبل تسعة واربعين عاماً، وقدمه لأول مرة الفنان الشعبي التقدمي بشير الخزاعي بصوته الجميل في الحفل الذي أقامته الشبيبة الديمقراطية في بيت الزميل (حساني) بمدينة الثورة، في مناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لميلاد الحزب الشيوعي.. وكان المناضل والصحفي الكبير شمران الياسري (أبو گاطع) هو الذي اختار هذا النص ضمن باقة من القصائد الشعبية الرائعة التي نشرت في كتاب صدر بمناسبة الذكرى الأربعين لميلاد الحزب، أسماه(قصايد للوطن والناس)، وقد كتب مقدمته الشاعر سعدي يوسف..

قلت: هذا يعني أن أغنية (فهد)هي أول نص غنائي تكتبه للحزب الشيوعي. وما دام الأمر هكذا، دعنا نتحدث عن الأغنيات التي كتبتها للحزب؟

ضحك أبو حسون، وقال بلهجته الشعبية العذبة:

هاي شنو أبو سوزان تريد تسويها لقاء صحفي؟

قلت: أي والله، لأن بصراحة هناك الكثير من الرفاق، والأصدقاء لا يعرفون تلك الأغنيات التي كتبتها للحزب.. خاصة وأن بعضها منشور في اليوتيوب بدون ذكر لاسم المؤلف؟

فقال الدراجي: نعم هذا صحيح.. لقد كتبت ثمانية وخمسين نصاً غنائياً في (صحة) الحزب الشيوعي، لحنَّت وقدمَّت بألحان وأصوات عراقية وطنية متعددة، كتبتها في اماكن ومراحل مختلفة.. ففي مرحلة السبعينيات كتبت مجموعة من الأغنيات للحزب، من بينها أغنية: (يافقراء يا أحباب) التي قدمها الفنان الراحل فؤاد سالم العام 1974، وأغنية(سوفيتات) التي لحنها الفنان الراحل كمال السيد، وقدمتها على ما أظن فرقة (الطريق) في احتفال الذكرى الثلاثين للانتصار على الفاشية.

 ثم كتبت عدداً من الأغنيات الشعبية من بينها (دم بشار)، ومطلعها يقول:

(د تلملم يا غضب بلادي.. واركض ديم يسابگ ديم

ولا تحسب لغيوم أمطارك.. دم بشار يصير الغيم)

وأغنية ( يا قلم خط ابهيده).. وأغنية أممية.. وغيرها.

ويواصل الزميل فالح حسون الدراجي حديثه عن الأغنيات التي كتبها لفؤاد سالم، فيقول:

كتبت لفؤاد سالم ثلاث عشرة أغنية، وكلها للحزب الشيوعي.. من بينها: أغنية الشهيد سلام عادل.. مطلعها:

(سلام الحب على احلى الأسامي..

گبرك وين حتى ابعث سلامي)

وللشهيد فهد أغنية :

(صادق فهدنه كان في كل شي صادق..)

وللشهيد جمال الحيدري :

(ياجمال الغالي عذبنه الفراق.. مدري نبچي اعليك.. مدري اعله العراق)

وللشهيدة عايدة ياسين:

(يانساء العالم اتجمعن سوه..)

وأغنيات للشهيد محمد الخضري، والشهيد جورج تلو.. وللشهيد حسن السريع.. حيث يقول مطلعها:

(ياقطار بهيده لا تمشي سريع

الوكت آذار والموسم ربيع)

وللشهيد هندال البصري أغنية:

(حي ميت هندال نريده)

وللشهيد بيا صليوة.. والشهيد فكرت جاويد.. والراحل أبو گاطع..

.. قاطعت أبا حسون، وقلت له: وماذا كتبت للحزب بعد سقوط النظام؟

قال: كتبت الكثير، ولكني لا أتذكرها جميعاً.. ومن بينها أغنية (إنطي صوتك للشمس والشمس حمره) وكذلك أغنية (لاتحاد الشعب ننطيأصواتنه) وهاتان الأغنيتان من ألحان واداء حسن بريسم.. كما كتبت أغاني للفعاليات الحزبية المتنوعة مثل أغنية (مدنيين) التي لحنهاواداها بصوته الفنان المغترب ماجد ككا.. والمطرب نفسه غنى لي أيضاً (أياديكم نظيفة)، وأغنية في ذكرى رحيل البطل الشيوعي توما توماس.. حيث غنى لي ككا هذا النص الذي يقول:

(ها يبن الشمس، والكَاع والناس

ياهيبة ورجولة وتاج عالراس

اِذا نفترالدنيا اجنوب واشمال

واِذا اِنقيس الرجال بوَزن الرجال

فلا نلكَه شبيه لتوما توماس

توما اِبن العراق بنخله وبمَيّه

مثل بستان كلها اِمريّعه اِبفيه

اهلال العيد، ياهو المايحب ضَيّه

وشجرة ياس، ياهو المايحب الياس؟

حَيّوا القوش جابت سبع السباع

واسم توماس ذاع ابكل ثرى وشاع

موبس الجبل والسهل والكَاع

حتى الهور يعشك توما توماس)

وللراحل توما توماس كتبت أيضاً أغنية قدمت في الحفل الذي أقيم بمناسبة نصب تمثال خاص به في مدينته القوش وقد قدمها الفنان رعد بركات بصوته، وهيمن الحانه:

(لأن أنت جبل.. وجبينك اهلال

صعب تلكه جبل يرهمله تمثال

 لكن رغبة الناس.. ومحبة توما توماس..

يسوولك نصب اعله من الجبال)

وهنا يجب ان لا أنسى أوبريت (انت باچر.. وانت امس)، الذي كتبته للحزب في الذكرى الخامسة والسبعين، والذي قدم في الحفل المركزي الكبير في قاعة المسرح الوطني. والأوبريت من الحان الفنان الكبير طارق الشبلي، سيناريو المبدع الكبير علي العضب، وتقديم الفرقة البصرية.. حيث ضم سبع أغنيات، ولوحات راقصة، كانت أبرزها أغنية:

(هي يا شمس ياكمر.. ينجوم ورياحين..

 حيو الوليد الأجه بربعة وتلاثين..)..

قاطعت صديقي الدراجي، وقلت له:

ولجريدتك التي تتلمذت في صفوفها.. ماذا كتبت؟

فقال، كتبت:

 (يا طريق الشعب يا أم الجرايد

يا قصيدة واحلى من كل القصايد..)

وقد لحنها الملحن البصري التقدمي يوسف نصار، فأبدع فيها كثيراً..

وفي العيد الثاني والثمانين كتبت:

(عيدچ مبارك رفيقة.. وعيدك مبارك رفيق

بعيد ميلاد الشواطي.. والمواسم والطريق

عيد ميلاد الجمال

والنزاهة والنضال..

كل عراقي ايده نظيفة

لو شيوعي.. لو صديق)

وهي أيضاً من الحان الفنان القدير يوسف نصار.. وتقديم فرقة البصرة.

قلت له: سنكتفي بهذا السرد، والتذكر الجميل لهذه الأغنيات العذبة.. ودعنا نتوقف عند العمل الجديد الذي كتبته للحزب في ذكرى ميلاده الثامنة والثمانين؟

فقال: أجل، فقد كتبت لميلاد الحزب في ذكرى ميلاده الجديد، المشرق، أغنية (آني موشيوعي)، الحان / الفنان الكبير محسن فرحان ، أداء / الفنان المبدع محمدعبد الجبار ، توزيع / الفنان المبدع علي أبو شهد.

آني موشيوعي.. واريد أحچي الحقيقة

شفت بس الشيوعي.. الشمس عشگت طريقه

شفت إيده شريفة

ونفسه اشگد عفيفة

مثل وردة الشيوعي.. عطرها بكل حديقة

يالمصادق شيوعي.. أحلفك بالصداقة..

شفت مثل الشيوعي.. وفي يصون العلاقة؟

غمض وامشي وياه

أمانة وشرف ممشاه

يگطعونه الشيوعي.. ولاينطي بصديقه ..

اسأل أي عراقي.. وروح لأي قصيدة

واخذ راي الشواطي.. والبيوت البعيدة..

ابحث في الأماني

وگلب بالأغاني

گمرتلگه الشيوعي

وعالي يظل بريقه

آني موشيوعي.. لكن گلبي حبهم..

وملايين الشغيلة.. عشگ عشگت دربهم..

آني وگبلي هواي

وابني وياي بالراي

حفيدي البعده ماجاي

يجي ويندل طريقه

آني موشيوعي.. واريد أحچي الحقيقة

شفت بس الشيوعي.. الشمس تمشي بطريقه

آني موشيوعي.. واريد أحچي الحقيقة

شفت بس الشيوعي..شمس حمره بطريقه

وختاماً سألت الزميل الدراجي: هل تعتقد ان “ الحقيقة” ادت رسالتها الوطنية وحققت حضورا جماهيريا كما كنت مخططا لها؟ وماذا تقول لقرائها في هذه المناسبة؟

فأجاب :

إن أهم ماحققته جريدة الحقيقة في رأيي، هوهذا الجسرالحميم والقوي الذي شيدته مع الجمهور، خصوصاً جمهورالطبقات الكادحة والشعبية.. وهذا الأمر ليس سهلاً في العراق بالمرة.. وما سؤال القراء عن الجريدة عند تأخر توزيعها، أوعدم صدورعدد منها لأسباب خارجة عن إرادتنا، إلا الدليل القاطع على مصداقية ما أقول..

وأظن ان نجاح الجريدة في السير على خط وطني تقدمي خاص أمر مهم وكبير للغاية، في ظل التعقيدات السياسية، وتشابك الظروف والأحداث الأمنية والاقتصادية في العراق، وفي ظل شحة الموارد المالية، فجريدة الحقيقة، تكاد تكون الجريدة الأقل بين الصحف العراقية من ناحية الحصول على الاعلانات الوزارية، ورغم ذلك فقد اختطت الحقيقة طريقاً وطنياً تقدمياً منحازاً للعراق، وللطبقات الشعبية الكادحة، وهو برأيي ماكنت أخطط له فعلاً قبل الشروع بإصدارالجريدة وتسميتها بالحقيقة.

أما قولي للقراء الأحبة، فيتلخص بسطرين لاغير،أقول فيهما: بكم نمضي أيها الأحبة، ومعكم نتقدم، وبإسنادكم نحقق مانصبو اليه جميعاً، ويقيناً بدونكم لن تكون هناك جريدة الحقيقة، بل ولا أي (حقيقة) مطلقاً، فأنتم الحقيقة الوحيدة في الوجود..

 

عرض مقالات: