على الرغم من العلاقات المتشابكة والمعقدة التي تسود مجتمع الأدباء والمثقفين بشكل عام ، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود علاقات هادئة وطيبة بينهم مبنية على الاحترام المتبادل والتقدير لبعضهم البعض، بعيداً عن التوتر والخلافات الفكرية والتنافس غير المشروع.
وقد تجسد ذلك في قيام بعض الأدباء بكتابة الآراء الإيجابية بحق زميل لهم، يكتب في نفس المجال، وتناولوا تجارب بعضهم البعض بالنقد البناء، البعيد عن الغيرة او محاولة التقليل من شأن تجربة الأخرين، إنما على العكس كانت هذه الكتابات تحمل في طياتها الكثير من الصدق والمشاعر الطيبة بحق الآخر، وجاءت لتعكس بوضوح صدق النوايا وجمال الاحساس والرقي في المشاعر.
احتفظ بوثيقة محبة بين شاعرين مهمين يدلي فيها الشاعر "كزار حنتوش" رأيه بالشاعر الشعبي " صاحب الضويري " تكشف المشاعر العميقة التي يكنها الشاعر حنتوش لصديقه والتي تمثل انسانيته ونبله وصفاء قلبه تجاه صديقه الضويري .. يقول فيها:
صاحب الضويري: الشاعر الذي أورثنا العصافير والطيب، المعجون بحنّاء عروس من سومر.. الذي يتكلم عصافير .. ومن تحت خطاه ينبت القرنفل، هذا الشاعر الصافي مثل بحيرة في الفردوس، هذا المضيء كصباحات آذار ( لن يصفو عليه الماء ابداً.. معتكرا أبدا، سيظل كبحيرة تمساح جائع). كانت مصائبه كحلا للعاشقات .. وهواجسه نايات .. ومن هنا فأنه كان سفيرا للشعر فوق العادة لدى بلاط جده جلجامش .. وكانت الديوانية هذه المدينة التي أراقت عليه من الدمع ما يكفي لملء بحيرة قزوين .. الديوانية أمرت عشاقها وسكيريها ومتشرديها وشعراءها بأن يقيموا في القلوب نصبا تذكاريا للألم والأمل والشعر، مجسدة بذلك خواص شاعرها الفريد من نوعه صاحب الضويري، وكان لإقدام الشعراء والفنانين من الشباب – ممن كانت لهم قبلا خطوات ناجحة في هذا المجال - على تبني طبع مجموعته الشعرية، طعم البرحي ورائحة الشاي الديواني الأحمر، ولولا جهدهم الخير هذا لضاع كل شيء ولكان هذا الناي وهذه الربابة قد ضاعا إلى الأبد. أما انت يا بن الديوانية الشرعي، أيها الأمير البعيد، نم في قبرك مرتاحا .. فالدنيا في خير، فلا تردد في الجنة:
للنايبات خيولهه مرسنّه
وللموج يبني مشرّعات السفن
ظلينه نلعب ما رجع حِلنّه
الناس ملسه جعابها شما نسن