اخر الاخبار

هذه القصيدة تمثل تأملًا عميقًا في مرور الزمن وما يتركه من أثر على الإنسان. يبدأ النص بتشبيه العمر بـ”سنابل الشيب”، حيث يبدو العمر كحبات ثقيلة تنمو مع تقدم السنين، لكنها تحمل في طياتها ذكريات وأعباء يصعب التخلص منها. الزمن في هذه القصيدة ليس مجرد لحظات تمضي، بل قوة قاسية تتسارع وتترك الشاعر في مواجهة مع نكبات متوالية.الصور الشعرية في النص تجسد الشعور بالخذلان والضعف. “خيال صبري ابيده مثل الماي” صورة تعكس الهشاشة، حيث يصبح الصبر وهمًا لا يُمسك، مثل الماء الذي يتلاشى عند محاولته الإمساك به. الذكريات تظهر كملاذ وحيد لكنها أيضًا عبء ثقيل، فتتحول إلى “الجمر” الذي لا ينطفئ في عيني الشاعر، مما يعكس المعاناة الداخلية المستمرة.النص مليء بالإيماءات الدينية، مثل الالتجاء إلى الله واستغفاره، مما يعكس محاولة الشاعر إيجاد عزاء أو خلاص من الألم عبر الإيمان. ومع ذلك، يبقى الحزن مسيطرًا، إذ حتى الذكريات التي يلجأ إليها تشكل مصدرًا للألم والحنين.اللغة المستخدمة في القصيدة هي العامية العراقية، التي تضيف بعدًا وجدانيًا قويًا للنص. الكلمات مثل “يتدهده”، “اگالب”، و”يتريض” تجعل النص نابضًا بالحياة وتجعل القارئ يشعر وكأنه جزء من تجربة الشاعر.

النبرة العامة للقصيدة حزينة ومليئة بالاستسلام، حيث يبدو الشاعر غارقًا في تأملاته حول الخسارة والفقد. الزمن، الذكريات، والصبر كلها عناصر تتشابك لتخلق لوحة شعرية تعبر عن ألم وجودي عميق.القصيدة تحمل بُعدًا فلسفيًا عميقًا حول العلاقة بين الإنسان والزمن، حيث يظهر الزمن كخصم دائم للإنسان، يجرده من لحظات الفرح ويثقل كاهله بالذكريات والحنين. في كل مقطع، يتكرر الإحساس بأن الحياة ليست سوى سلسلة من الانكسارات التي تفوق قدرة الشاعر على الاحتمال، حتى أن الذكريات التي يفترض أن تكون مواساة تتحول إلى مصدر للألم.

استعمال الشاعر للتكرار يعمق الشعور بالحسرة، إذ إن الكلمات مثل “نكبة” و”ذكرياتي” تُردد بشكل يوحي بتوالي الصدمات وتكرارها في حياة الشاعر. الذكريات ليست مجرد صور عابرة، بل تبدو كأنها تُحيي الألم وتعيد صياغته بشكل جديد في كل لحظة. الشاعر يعيش حالة من الانشطار بين الماضي والحاضر، حيث الماضي يطارده والحاضر يفتقد لمعنى يعوضه عن ذلك الفقد.الصورة المهيمنة في النص هي صورة الجمر المشتعل في العين، وهو تصوير بارع للألم الذي لا يهدأ. هذا الجمر ليس مجرد نار، بل هو تمثيل للذكريات التي تؤلم القلب والعقل معًا. الأوجاع ليست سطحية أو عابرة؛ إنها متجذرة، تظهر حتى في تفاصيل صغيرة مثل النظرة إلى الأشياء اليومية.

الدين يظهر كعنصر محوري في النص، ليس كحل، بل كوسيلة للتماسك في وجه الانهيار. الشاعر يستغفر الله ويلوذ بمسحاته، لكنه مع ذلك يبدو عالقًا في دوامة ألمه، كأنه يبحث عن الخلاص دون أن يجده. هذا يعكس صراعًا داخليًا بين الإيمان والواقع، بين محاولة التصالح مع القدر ومرارة الفقد التي لا تزول.

التصويرات التي تتعلق بالصبر والسراب تضيف لمسة فلسفية للنص. الصبر يبدو كشيء خادع، كأنه سراب يُرى من بعيد لكنه لا يمنح الراحة. هنا، يظهر الشاعر في حالة مواجهة وجودية، يطرح أسئلة ضمنية حول جدوى التحمل ومعنى الألم في الحياة.

اللغة العامية المستخدمة تضيف للنص واقعية وعفوية، لكنها في الوقت نفسه تحمل طابعًا شعريًا راقيًا من خلال اختيار الصور والتعبيرات. مفردات مثل “يتدهده”، “نكضاه”، و”يتريض” تحمل طابعًا شعبيًا لكنها تخدم النص شعريًا وتضيف إليه قوة تعبيرية، إذ تضع القارئ في قلب البيئة الثقافية والاجتماعية للشاعر.

النهاية تحمل إحساسًا مزدوجًا بالحنين والاستسلام، حيث تتلاشى كل محاولات التماسك أمام الذكريات التي تسكن عيني الشاعر. النص لا يقدم حلاً أو خاتمة مطمئنة، بل يترك القارئ مع شعور عميق بالألم والفراغ، وكأنه يشارك الشاعر عبء ذكرياته وألمه الوجودي.

(كلاسك...)

سنابل شيب..براس عاشگ

حبات العمر چنهن سنابل شيب..

فاض بكل كتر من عندي وتبده..

واراوس بالايام احسبهن امعديات..

اتوسل بالزمن يتريض ويهده

ولك ماشفنه منها الدنيا بس نكبات..

نكبه بكتر نكبه تجسيني بشده

واگٓضٌي الليل اگالب ذكرياتي ارسوم..

مرسومه بخيالي اطيوف تتبده

واعض ببهام حيلي

النگضاه افراگ..

خلاني الاودهم..

واجذب الحسرات

وك يا مگبره للميت اترده..

واحس خيال صبري

ابيده مثل الماي،

من خاوى السراب

اليلصف بضده

الوذ بمسحاتي استغفر الرحمن

وامسح دمع عيني بسكته يتدهده

اشتعل بكتار روحي اتشبث

بطاريك..

يل ناذر سنيني لخاطرك تفده

وفديت الروح من اول لقاء وياك...

الك ناطور يبرى وياك..

دوم اتوسلك من تمشي اتهده..

والمن ذكرياتي والرموش اغطاي

وانت بوسط عيني الجمر ما تهده

عرض مقالات: