اخر الاخبار

بعد معاناتي - كعراقية مغتربة - والآلاف من أبناء بلدي المغتربين، مع استخدام الخطوط الجوية التركية وغيرها من اجل زيارة أهلنا في العراق، عقب سقوط النظام، اقسمت ألا اسافر الى بغداد الا على متن طائرة عراقية.

وقد تحققت امنيتي في السنوات التالية وحظيت برحلة جميلة على متن طائرة عراقية صغيرة استوفت كل الشروط، التي يدّعي البعض ان الطيران العراقي لم يلتزم بها! وتكررت سفرتي في سنة اخرى، وتأملنا خيرا بعد ان تحقق الامن في البلاد، فحلمنا بأن الطيران العراقي سيصبح افضل بطائرات اكبر تسع الزائرين من مختلف الجنسيات، سائحين ومستثمرين وغيرهم، بل حلمنا بأن الطائرة لن تخضع للتفتيش في الخارج كما يحصل مع كل طائرة عراقية تخرج من البلاد!  لكن ما حصل في إحدى السفرات كان مختلفا. فالطائرات العراقية اختفت تماما في المطارات، وحين عادت بشكل مؤقت ولفترة وجيزة، فوجئنا بأنها لا تمت للعراق بصلة، سوى بشعار الطيران العراقي المعروف. فقد كانت من مخلفات الطيران التركي، وكل الطاقم كان من الجنسية التركية! حتى المضيفات والمضيفين كانوا أبعد ما يكونون عن مهنة الضيافة نظرا لعدم معرفتهم بلغة البلد الذي منحهم فرصة العمل تلك، ولا حتى الإنكليزية، اللغة العالمية التي لا يقبل احد في هذه المهنة اذا لم يتحدث بها وبطلاقة، اضافة الى جفاف تعاملهم وقلة تهذيبهم، ما جعلني اجزم انهم كانوا يتعمدون ذلك لتشويه سمعة الطيران العراقي، وبالتالي يعود الناس مضطرين لاستخدام الطيران التركي وغيره بالرغم من متاعب الانتظار في المطارات التركية، والذي يستغرق ساعات طوال تصل أحيانا الى اكثر من عشر ساعات من الجلوس على مقاعد غير مريحة. تركيا والاردن كانتا اكثر الدول استغلالا لحاجة العراقيين لزيارة بلدهم. بل ان اقتصاد هاتين الدولتين ازدهر على حساب المواطن العراقي، بالرغم من التسهيلات التي تمنحها لهما الحكومة العراقية في استيراد النفط العراقي بأرخص الاثمان ان لم يكن مجانا! ناهيك عن تحويل العراق سوقا للبضائع التركية بشكل خاص! مع هذا لم يفكر اي مسؤول عراقي بمطالبة تلك الدولتين بمنح العراقي الأولوية، أو على الاقل بتخفيض اثمان تذاكر السفر للعراقيين مقابل الخدمات التي تقدمها لهما الدولة العراقية، أو مطالبتهما بعدم تشويه سمعة الطيران العراقي!

ولا ادري ما اذا فكر مسؤولو الطيران العراقي بزيارة منظمة الطيران الدولية؟ أو فكروا بتفنيد ادعاءات الحاقدين على العراق واثبات كون الطيران العراقي افضل من التركي، بل افضل حتى من بعض الخطوط الجوية الاوربية مثل ايزيجت وراينير؟ ما الصعوبة في توفير طائرة صغيرة لتسهيل رحلة العراقيين الى بلدهم؟ ما الصعوبة في فتح حوار صريح مع الدولة التي تستغل هذا الامر لتعزيز مؤسساتها وزيادة ارباحها على حساب سمعة العراق واقتصاده؟

أين وزير المواصلات ومسؤولو الطيران العراقي؟ أين وزراء التجارة والخارجية والسياحة والآثار والنفط من واجباتهم الوطنية، التي تحتم عليهم ان يؤدوا عملهم على اكمل وجه، ليثبتوا للشعب الذي منحهم تلك المناصب انهم اهل للثقة، من خلال العمل على ازدهار الاقتصاد وتوفير الخدمات للمواطنين (فيحللوا خبزتهم) على الاقل، كما يقول المثل الشعبي!

في انتظار النظر في تلك المشكلة التي ليست سهلة كما يتوهم البعض .. ارجو ان نسمع عن عودة الطيران العراقي متحديا كل العراقيل والصعوبات.

وبالرغم من حاجتي الماسة لزيارة اهلي واحبتي في العراق، لا اريد ان استخدم الطيران التركي، ليس لأنني أقسمت بأني لن أسافر على غير الخطوط الجوية العراقية، إنما يأتي هذا حرصا على بلدي ومؤسساته، ورفضا لاستغلال محنة الشعب الذي أنتمي إليه.

عرض مقالات: