اخر الاخبار

بالرغم من امتلاكها محطة حرارية عملاقة لتوليد الكهرباء، تعاني محافظة واسط منذ سنوات، صيفا وشتاء، من أزمة حادة في تجهيز الطاقة الكهربائية، تتجلى في قلة ساعات التجهيز وضعف التيار وتهالك الشبكة بفعل التجاوزات.

وتثير هذه الأزمة استياء المواطنين، الذين كثيرا ما خرجوا في السنوات الأخيرة، في تظاهرات ووقفات احتجاجية مطالبين بتحسين خدمة الكهرباء، كانت آخرها تظاهرة نظمها أهالي قضاء الزبيدية الأسبوع الماضي.

وتمتلك محافظة واسط، محطة حرارية لتوليد الكهرباء، تساهم في نحو 15 في المائة من إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية، بما نسبته 3 آلاف ميغا واط. وتشارك هذه المحطة التي تقع على ضفاف دجلة في قضاء الزبيدية، في رفد محافظات الوسط والجنوب بالتيار الكهربائي، بينما مدن المحافظة المنتجة تعاني ترديا حادا في هذه الخدمة الاساسية – وفق ما يؤكده مواطنون عديدون لـ “طريق الشعب”.

وخلال الصيف الماضي، تعرضت المحطة الحرارية إلى الانهيار أكثر من مرة، جراء الضغط الكبير الذي يقع عليها بفعل ازدياد الحاجة إلى التيار الكهربائي. ووقتها حمّل محافظ واسط وزارة الكهرباء مسؤولية تلك الإنهيارات، مشيرا في حديث صحفي إلى “عدم قدرة الوزارة على إدارة محطات الإنتاج، وغياب العدالة عن عملية توزيع الحصص الكهربائية بين المحافظات”.

يشار إلى أن حصص المحافظات من الطاقة الكهربائية تحددها “الهيئة التنسيقية العليا للمحافظات”، التي يترأسها رئيس الوزراء وتضم المحافظين كأعضاء.

“مرور الكرام”

يصف المواطن شاكر ناظم، من مدينة الكوت، الكهرباء الوطنية بأنها “كالزائر.. تمر علينا مرور الكرام”!

ويقول لـ “طريق الشعب”، أن “فترة تجهيز التيار الكهربائي لا تتجاوز 6 أو 7 ساعات خلال اليوم، رغم كوننا في فصل الشتاء. أما في الصيف فالأمر أسوأ”، مبينا أنه “حتى في فترة تجهيز الكهرباء، تكون الطاقة متذبذبة بين قطوعات مفاجئة وضعف في الجهد الكهربائي (الفولتية)”.

ويعرب هذا المواطن عن استيائه من “أزمة الكهرباء المريرة” على حد تعبيره، لافتا إلى أنه “بتنا نتحسّر على الماء الدافئ. فجهاز السخان ما أن يبدأ بتسخين الماء حتى تنطفئ الكهرباء، لذلك صار الاستحمام بالنسبة لنا أمرا في غاية الصعوبة!”.

“نفقات الوقود أثقلت كواهلنا”

أما المواطن أبو محمد، من قضاء العزيزية، فيقول أنه والكثيرين من المواطنين باتوا يعتمدون على الغاز السائل في تشغيل السخانات التي تعمل بهذه المادة. كما يستهلكون كميات كبيرة من النفط الأبيض لتشغيل المدافئ النفطية، “فالكهرباء لا تتوفر في معظم الأوقات، وبالتالي نضطر إلى الاعتماد على الوقود في تشغيل السخانات والمدافئ، الأمر الذي يفرض علينا نفقات إضافية تثقل كواهلنا”.

ويضيف المواطن لـ “طريق الشعب”، أنه ليس من المنطقي أن تمتلك واسط محطة حرارية عملاقة، بينما مواطنوها محرومون من حصة كافية من الطاقة الكهربائية، مبينا أن “مشكلة الكهرباء في واسط ليست جديدة، إنما مضت عليها سنوات، وتزداد حدتها في ذروة فصلي الصيف والشتاء”.

إرهاق وحرق أعصاب!

وكما قلنا: لا تخلو ساعات تجهيز الكهرباء من تذبذب وانقطاعات مفاجئة، وهذا ما يرهق المواطنين كثيرا ويحرق أعصابهم – على حد تعبير المواطن علي حسن من ناحية الحفرية، والذي يقول أن “أزمة الكهرباء في العراق أصبحت جزءا أساسيا من حياتنا، وبتنا لا نستغرب من غياب الكهرباء بقدر ما نستغرب ونندهش من توفرها”!

ويتساءل المواطن بحرقة وألم: “أين المليارات التي أنفقت على هذا القطاع؟ أين وعود تحسن الكهرباء التي صدعوا بها رؤوسنا ولا يزالون؟ متى ينعم مواطننا بحياة كريمة؟!”. 

محوّلة تغذي 180 منزلا!

من جانبه، يتحدث المواطن محمد علي، من أهالي قضاء الصويرة، عن مشكلة التجاوزات التي “أنهكت” الشبكة الكهربائية، مبينا أن “مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والبساتين في القضاء، تحوّلت اليوم إلى أحياء سكنية مكتظة بالمنازل، وبسبب عدم تزويد هذه الأحياء بمحولات كهرباء خاصة بها، نظرا لكونها أحياء غير نظامية، بات أهاليها يتجاوزون على المحولات التي تغذي المناطق النظامية، الأمر الذي يزيد الحمل عليها، وبالتالي يتسبب في عطبها واحتراق كابلاتها”.

ويوضح علي أنه “وفق التخطيط الأساسي لخطوط نقل الطاقة داخل المدن، يتم تجهيز كل زقاق أو زقاقين، أي بين 40 و50 منزلا، بمحولة واحدة. ونظرا للتجاوزات التي تطال الشبكة الكهربائية من المناطق غير النظامية، باتت المحولة الواحدة تغذي عددا أكبر من المنازل، وبالتالي تتعرض للعطب والانهيار”.

ويشير إلى أن “المحولة التي تغذي زقاقنا، ربطت عليها 3 أزقة من حي زراعي، وهذه العملية تمت بموافقة دائرة الكهرباء، وأنجزت من قبل وحدة الصيانة فيها. لذلك تغذي محولتنا حاليا قرابة 180 منزلا، ولا يمر يوم دون أن تتعرض للعطب أو تنفصل عنها الطاقة بسبب الحمل الزائد”.

وينوّه علي إلى أنه “راجعنا الدائرة أكثر من مرة - نحن سكان المنازل النظامية - وطلبنا منها أن تزوّد الأزقة المتجاوزة بمحولة خاصة بها، لتخفيف الحمل عن محولتنا، إلا انها لم تستجب لنا، وأبلغتنا بأن هذا الإجراء يتطلب أن يشترك سكان تلك الأزقة بخدمة الكهرباء اشتراكا رسميا”، مستدركا “لكن معظم هؤلاء السكان من الفقراء والمعدمين، ويرفضون الاشتراك الرسمي تجنبا للأجور التي ستترتب عليهم”.

وينتقد هذا المواطن إجراءات دائرة الكهرباء “غير المدروسة” في ربط الأزقة غير النظامية بالشبكة الكهربائية، ويرى أن “من مسؤولية الدائرة أن توفر لهذه الأزقة محولات خاصة بها، لا أن تربطها بمحولات تابعة لأزقة أخرى، وتزيد بالتالي الحمل حملين”!

وتعد أزمة الطاقة الكهربائية في العراق، من أبرز الأزمات التي عانى بسببها المواطن ولا يزال يعاني، رغم المليارات الطائلة من الدولارات التي هدرت على هذا القطاع. وينتج العراق بين 19 و22 ألف ميغا واط من التيار الكهربائي، يستثمر جزءا منها، فيما يضيع الجزء الآخر خلال عمليات نقل الطاقة. بينما تحتاج البلاد إلى 40 ألف ميغا واط من التيار و20 ألفا أخرى في حال تفعيل الصناعات المحلية – حسب ما يذكره اختصاصيون.