اخر الاخبار

مع كل موجة مطرية شهدها العراق خلال الشتاء الحالي، تُقدم الحكومات المحلية في محافظات عديدة على تعطيل الدوام الرسمي في الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات. فالأمطار المصحوبة بعواصف وموجات برد شديدة، تؤدي الى غرق الشوارع العامة والأزقة السكنية، وحتى المنازل .

ويرى مواطنون وناشطون أن “العطل الرسمية التي تطلقها الحكومات خلال الأمطار، ما هي إلا هروب من الواقع ومحاولة لامتصاص غضب الناس ونقمتهم على الجهات المعنية، التي عجزت على مدى سنوات عن إنشاء بنى تحتية رصينة قادرة على مواجهة تقلبات الطقس”.

ومع أول موجة مطرية غزيرة شهدتها البلاد هذا العام، تناقلت وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا وفيديوهات كشفت عن الوضع المزري للبنى التحتية في مراكز المدن والأحياء السكنية. فهناك سيارات عالقة بالمياه، وصغار وكبار يخوضون في الوحل، ومنازل غارقة وأهلها يستنجدون بمن ينقذهم وينقلهم إلى مكان آخر، ومدارس ومستشفيات انقطع فيها الدوام أياما بعد أن غمرتها المياه!

ولم يكن هذا الحال المزري جديدا على العراقيين، فمنذ سنوات وهم يعانون المعاناة نفسها، في الوقت الذي تبشر فيه الجهات المعنية، مع بدء كل موسم شتاء، باستعداداتها وجاهزياتها لمواجهة موسم الأمطار!

ويمنح القانون العراقي الحكومات المحلية في المحافظات صلاحية “إعلان عطلة” في حال حدوث ما يستوجب ذلك من دون الرجوع إلى الحكومة في بغداد.

دليل فشل

يقول الناشط أحمد حقي، انّ “ثمّة ناشطين ومواطنين يروون أنّ تهالك البنى التحتية وعدم قدرة شبكات تصريف مياه الأمطار على استيعاب كميات المياه المتساقطة، والتي تتسبب في غرق الشوارع بشكل متكرر، هي أسباب رئيسة للجوء الحكومات المحلية إلى تعطيل الدوام الرسمي، بهدف امتصاص غضب الناس”.

ويشير في حديث صحفي، إلى أنّ “اللجوء إلى تعطيل الدوام مع كلّ موجة مطرية هو دليل فشل”!

ويضيف حقي أنه “إلى جانب عرقلة مسيرة تعلم الطلبة والتلاميذ، والخسائر الاقتصادية الناجمة عن توقف العمل في المؤسسات الحكومية، فإنّ التعطيل المتكرر للدوام الرسمي خلال الأمطار يمثّل حالة هروب من الواقع”، متسائلا عن “المبالغ الكبيرة التي خُصصت لإنشاء شبكات الصرف الصحي والطرقات في المحافظات منذ سنوات. إذ لا نتائج واضحة على أرض الواقع”!

إهمال وترقيع

من جانبه، يرى المواطن سيف علي كطوف، من محافظة واسط، أن الإهمال والترقيع من بين أسباب غرق مراكز المدن والأحياء السكنية خلال الأمطار، مشيرا إلى أن “تعطيل الدوام الرسمي في مثل هذه الظروف اضطراريٌ، بالرغم من كونه إجراء خاطئا وفاشلا أيضا! إذ من الصعب على الموظفين والطلبة والتلاميذ الصغار، الوصول إلى مواقع دواماتهم دون أن يخوضوا في الأوحال والمياه الآسنة. وحتى المركبات، لا يمكنها التحرك في مثل هذا الوضع”.

ويوضح لـ “طريق الشعب”، أن “الجهد الخدمي في دوائر البلدية، يقصّر أحيانا في تجهيز شبكات المجاري لتكون مستعدة لاستيعاب الأمطار الغزيرة”، مبينا أن “الكثير من المناطق المزودة بشكات لتصريف مياه المطر، تعرضت للغرق، وهذا ناتج عن عدم تنظيف المنهولات وتسليكها بالشكل الصحيح”.

ويتحدث هذا المواطن عن مشكلة أخرى ترافق سقوط الأمطار، وتكون أحد العوامل المسببة لغرق الشوارع، وهي انقطاع التيار الكهربائي، موضحا أن “مضخات سحب مياه الأمطار المرتبطة بشبكة المجاري، تعمل بالكهرباء، وعند انقطاع التيار ستتوقف وبالتالي تتراكم المياه ويتأخر تصريفها فترة طويلة”.

وينتقد كطوف إقدام السلطات الحكومية على تعطيل الدوام خلال الأمطار. ويقول أنه “بدلا من هذا الإجراء الفاشل، كان يجب على الجهات المعنية الاهتمام بملف البنى التحتية والخدمات، لا سيما أن أموالا هائلة خصصت لهذا الملف طيلة السنوات الماضية”.

مخجل جدا!

إلى ذلك، يقول المواطن محمد علي شهاب أن “العطل الرسمية صارت تشتت أذهان أبنائنا التلاميذ، وتضعف من تركيزهم وقدرتهم على الاحتفاظ بالمعلومة العلمية وترسيخها في الذاكرة. فليس من المعقول أن يذاكر التلميذ مادة دراسية ويستعد لها أتم استعداد، ثم يتفاجأ بأن اليوم التالي سيكون عطلة رسمية. إذ ان هذا الأمر سيحبطه ويهبط من معنوياته”.

وينوّه المواطن إلى “أمر في غاية الأهمية”، وهو امتحانات الطلبة، مشيرا إلى أن امتحانات نصف السنة على الأبواب، ولا يستبعد أن تشهد أيام الامتحانات أمطارا غزيرة. فهل ستقدم السلطات على إطلاق عطلة رسمية في اليوم المطير، وتضطر المدارس إلى تأجيل الامتحان في هذا اليوم، أم يستمر الدوام ويدخل الطلبة إلى القاعات الامتحانية ملطخين بالوحل؟!”.

ويشير شهاب إلى أنه “من المعيب والمخجل أن تغرق مدننا بهذه المناسيب المطرية التي تعد قليلة جدا مقارنة بما تشهده دول أخرى من أمطار غزيرة تستمر أياما أو أسابيع، دون أن تتعرض إلى أدنى غرق”!

ويتساءل بحسرة وألم: “ألهذه الدرجة مازلنا متخلفين عن العالم، ولا نمتلك القدرة على مواكبته في أبسط الأمور. فموضوع توفير الخدمات الأساسية يعد من البديهيات في أيٍ من دول العالم، حتى الفقيرة منها!”.