اخر الاخبار

يحاكي “بحر النجف” رمزية وتاريخ المحافظة، التي يطغى عليها طابع السياحة الدينية، لاحتوائها على معالم أثرية عريقة ممتدة الى الآلاف السنين.

ويتعرض هذا المسطح المائي ـ الذي يقع في الجهة الغربية من مدينة النجف، الى اهمال ملحوظ من قبل الحكومات المتعاقبة.

 ولم يجد من يلتفت اليه سوى سكان المحافظة، الذين سعوا لتقديم مبادرات من شأنها ان تنعش السياحة، وتلفت نظر الجهات المعنية الى دورها بالعناية في هذا الموقع.

ويواصل أهالي النجف التوافد عليه، وقضاء أوقات طويلة عنده للشواء والاسترخاء، خاصة عندما يرتفع منسوب المياه فيه بفعل الأمطار والسيول.

عن بحر النجف

يذكر الصحفي المختص بكتابة التحقيقات عن الآثار والتراث، حيدر حسين الجنابي، أن “بحر النجف يعتبر أحد المعالم المهمة لمحافظة النجف، وتبلغ مساحته نحو (أربعمائة) كيلو متر، ويتزود بالمياه من الامطار والسيول والمياه الجوفية”، مضيفا انه “تعرض للجفاف مرات عديدة”.

وارتبطت تسمية هذا البحر بتسمية المحافظة، حيث انه في سابق الزمان كان يطلق عليه (بحر الني) وعندما جف أخذت تتطور هذه الكلمة، فأصبح يطلق عليها (الني جف) ثم تطورت إلى تسمية المحافظة، والتي اشتقت من اسم البحر.

أرض غنية يغيب عنها الاستثمار!

وبالحديث عن أهمية هذا البحر يبين الجنابي لـ “طريق الشعب”، انه “منطقة مهمة من حيث الموارد الطبيعية، حيث يحتوي على مواد أولية تدخل في عملية البناء، مثل حجر الكلس والرمال وغيرها، بالإضافة الى احتوائه على التنوع البيئي الحياتي مثل الأسماك وأنواع مختلفة من الطيور”، لافتا إلى ان هذا البحر تمر من خلاله سنويا، نحو مليون ونصف المليون طائر مهاجر في أوقات الهجرة من قارة أسيا الى أوروبا.

ويتابع، أنه “عند التجوال في محيط بحر النجف تلاحظ تواجد الكثير من المواقع الأثرية، مثل عين الرهبان وقصور الأثلة، ويقع عند حافته بامتداد محافظة النجف، وتحديدا من ساحة المظفر الى السعودية طريق الحج الكوفي البري.

ويعزو الجنابي الإهمال الذي يتعرض له بحر النجف منذ سنين الى “غياب التخطيط الذي يتناسب مع أهمية موقعه السياحي والاقتصادي، فيما يغيب دور المؤسسات المعنية بالحفاظ عليه، حيث نشاهد بالقرب منه العديد من مكبات النفايات”، مشيرا الى انه “الى الان لم يتم استثماره”.

التراث العالمي

ويوجه الجنابي دعوة إلى هيئة الاستثمار في المحافظة من أجل “استثمار هذه المنطقة والاستفادة من جانبيها السياحي والاقتصادي، من خلال المردود المالي للثروة السمكية، والصناعة الوطنية والزراعة بكل أصناف التمور، والعمل على جعلها متنفسا للعائلات النجفية”.

ويردف كلامه بانه “لو كانت هناك حكومة تستجيب وتدعم هذه المبادرات او تقوم بتفعيل دورها الحقيقي بالعناية في هذه المواقع، لأصبح بحر النجف محمية ولدخل قائمة التراث العالمي”.

توفير فرص عمل

وبدوره، يقول علاء السفير، أحد المتطوعين في تنظيم المبادرات الخاصة بإعادة احياء منطقة بحر النجف، ان هناك مقومات عديدة تؤهل البحر ليكون مشروعا سياحيا مهما في المحافظة، مؤكدا ان استثماره بالشكل الصحيح، يوفر الاف فرص العمل للشباب العاطلين.

ويبين السفير لـ “طريق الشعب”، انه “تم العمل بشكل تطوعي على تنظيم مبادرات ومهرجانات حتى مطلع العام الجاري، والتي يسعى منظموها الى إنعاش السياحة في هذه المنطقة وجعلها محمية طبيعية. ومن المؤسف ان الحكومة والجهات المعنية لم يكن لها موقف داعم لهذه المبادرات”، بحسب قوله.

وفي سياق الحديث عن المبادرات أيضا، يذكر الصحفي علي الشريفي (متطوع في مبادرات احياء منطقة بحر النجف)، ان المنطقة “تشهد فعاليات ثقافية بين الحين والآخر، يقوم بها ناشطون من المحافظة”.

وعن اهداف هذه المبادرات، يبين الشريفي لـ”طريق الشعب”، انها “تذكير للحكومتين المركزية والمحلية بأهمية هذه الثروة السياحية”، مطالبين “باستثمارها وتسليط الضوء عليها لتكون مرافئ سياحية ترفيهية لأهالي المحافظة وللسياح من داخل البلد وخارجه”.

ويشير الى ان بحر النجف شهد مؤخرا زيارة العديد من السياح الأجانب، الذي اقدموا من بلدان وديانات وقوميات مختلفة. ويوضح الشريفي، ان ما يعرف عن محافظة النجف التي يقصدها الملايين سنويا، انها مدينة تمتاز بالسياحة الدينية لاحتضانها العديد من المزارات الدينية بالإضافة إلى احتوائها على ثاني أكبر مقبرة في العالم، مع وجود مطار دولي في المحافظة، مضيفاً أن هذه العوامل تعزز فرص النجاح إذا ما تم العمل على استثمار البحر كمرفق سياحي.

عن استثمار بحر النجف

ويُبدي المتحدث أسفه لـ”تجاهل” الحكومتين المركزية والمحلية وهيئة الاستثمار لبحر النجف، وإمكانية إنجاحه كمنتجع سياحي ترفيهي، في ظل افتقار المحافظة الى هذه الأماكن.

بدوره، يقول رئيس هيئة استثمار النجف، ضرغام كيكو، ان “الهيئة وضعت خطة متكاملة تهدف الى تطوير منطقة بحر النجف والمناطق الصحراوية الأخرى”، مؤكدا انها “باشرت أخذ الموافقات الرسمية من الجهات المعنية وتم استحصال موافقة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء/ لجنة تخصيص الأراضي، بأخذ ارض مساحتها اربعمائة ألف دونم، لغرض انشاء مدينة النجف الجديدة”. ويوضح في حديثه مع “طريق الشعب”، ان “هذا الملف تم رفعه الى الهيئة الوطنية للاستثمار، لتجاوز كلفة المشروع حاجز المليار دولار. وبدورها طالبت الهيئة دائرة العلاقات بتجديد الموافقات، الا ان الإجراءات الخاصة بهذه الموافقات مضى عليها أكثر من سنة ونص السنة”، منبها الى أن دائرة العقارات “غير متعاونة مع هيئة الاستثمار بشكل عام”.  ويواصل حديثه بانها تطلب عدة موافقات، ولا تمنحها بشكل سهل، استنادا الى قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل.