اخر الاخبار

مع حلول فصل الشتاء في الايام الماضية شدد ناشطون ومهتمون بمجال حقوق الإنسان، على ضرورة حل أزمة النازحين الذين يعانون بسبب عدم توفر مستلزمات عودتهم.

وروّجت دعوات واسعة لحماية هذه الشريحة المظلومة من مخاطر اشتداد البرد والأمطار، واحتمالية تعرضهم إلى مشاكل جديدة تزيد من معاناتهم، مع توقعات بحدوث سيول قادمة من دول الجوار كما حدث في السنوات الماضية قرب مخيمات النازحين في إقليم كردستان والمناطق المحاذية لها.

تضامن شعبي واسع

ونظم ناشطون خلال الأيام الماضية حملات إنسانية دعت إلى إعادة النازحين إلى مناطقهم، مناشدين رئيس الوزراء وحكومته وضع ملف النازحين في مقدمة أولوياتهم، ومعالجة ما خربه الإرهاب، اضافة الى إعادة الملايين من الناس إلى بيوتهم، خصوصا وأن أرقام النازحين الداخليين كبيرة جدا وفق إحصائيات الأمم المتحدة.

وتعقيبا على ذلك قال الباحث في الشأن السياسي، أحمد جميل، أن ملف النازحين واحد من أهم الملفات حساسية وأكثرها إلحاحا في ظل وجود هذه الحكومة.

واوضح جميل في حديث خص به “طريق الشعب”، ان مدى جدية الحكومة يمكن لمسها من خلال “تحريك هذا الملف الذي يشمل الملايين من المنسيين، ولا بد من انتشال النازحين من مأساتهم قبل دخول منتصف الشتاء، فمعاناتهم مستمرة منذ عام 2014 وحتى الآن، بينما القوى المتنفذة أو السياسية التي استخدمت شعار النازحين كورقة انتخابية، لم تحقق شيئا يذكر وسرعان ما أهملت الملف”.

وبين في سياق حديثه أن “استمرار أزمة النازحين لا تتعلق بشحّ الأموال ولا الجانب الأمني، بل هي سياسية بامتياز، وان هنالك خطوات ملموسة لمحاولة التغيير الديموغرافي في بعض المناطق، فضلا عن السيطرة على عقارات وأراض ومجالات واسعة وفرتها الفوضى، حيث لا تريد القوى المتورطة بهذه الأمور أن تعود الحياة إلى نصابها”.

وقبل مدة قصيرة، نشر مرصد “أفاد” المعني بالقضايا الإنسانية بياناً شرح فيه أوضاع النازحين، وذكر أنّه “يتابع استمرار معاناة عشرات آلاف المهجرين قسراً من أهالي منطقتي جرف الصخر والعويسات التابعتين لمحافظة بابل، منذ 8 سنوات ويزيد، في سابقة لم يشهد التاريخ المعاصر في العراق لها مثيلاً، تحت أنظار الحكومات المتعاقبة المتهمة بالتخاذل عن نجدتهم”.

وأضاف البيان انه “ثمة مئات الآلاف من محافظة الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك، نازحون في مخيمات يضربها العوز والجوع والابتزاز الأخلاقي، ويفتقرون لأدنى احتياجاتهم التي وقعت الحكومات العراقية على الالتزام بتوفيرها، وبينها صرف رواتب إعانة اجتماعية وفتح مراكز صحية وتعليمية، وتسكن هذه المخيمات عائلات غالبيتها من الأرامل والأيتام جراء فقدان المعيلين الذين توزعوا بين قتيل ومفقود وسجين يلفه النسيان”.

ووثّق المرصد معلوماتٍ عن المخيمات التي يقطنها النازحون، وحصل على شهادات أظهرت معاناتهم ومطالبهم، فيما كشفت الشهادات عن ذوي الأمراض المزمنة والمعاقين الذين يفتقدون مراكز صحية بالمخيمات.

الحكومة تعد ولا تفي

وحتى وقت قريب مضى، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة علي عباس جهانكير وجود خطة وزارية جديدة خاصة بملف مخيمات النازحين في عموم مناطق البلاد، من خلال توفير المزيد من الوقود، خصوصاً للمخيمات القريبة من إقليم كردستان، كون الشتاء هناك يكون أكثر برودة.

وأضاف في تصريح صحفي تابعته “طريق الشعب”، أن “الخطة تضمنت أيضاً استبدال العديد من الخيام، وتوفير الملابس والأغطية الجديدة والمواد الغذائية استعدادا لفصل الشتاء”، مردفا ان “الأيام القليلة المقبلة ستشهد الانتهاء من إعداد الخطة”.

أما لجنة الهجرة في البرلمان العراقي، فكانت قد كشفت مؤخرا عن وعود جديدة تتعلق بإعادة النازحين إلى مدنهم ومناطقهم التي نزحوا منها عام 2014 عقب اجتياح تنظيم داعش الإرهابي، مدناً واسعة شمال البلاد وغربها.

أزمة واسعة النطاق

وفي الوقت الذي تشهد فيه مناطق النازحين نوعا من الصراع السياسي أو عقبات في البنى التحتية وغيرها، ما زال الآلاف من أهالي (جرف الصخر) في بابل غير قادرين على العودة إلى مناطقهم، بسبب الصراعات السياسية وسيطرة قوى معينة على هذه المنطقة.

وقال محمد مازن، ناشط في مجال حقوق الإنسان، أن “هذه المشكلة موجودة أيضا لدى العديد من المناطق، مثل قرى مكحول والطوز ويثرب وعزيز وبلد في صلاح الدين، والعويسات وذراع دجلة في الأنبار، اما في ديالى فهناك مناطق واسعة مثل قرى المقدادية وحوض العظيم إلى جانب قرى ومناطق عديدة في محافظة نينوى، تقع على مقربة من الحدود مع سوريا أبرزها ربيعة وقرى سنجار”.

واوضح مازن لـ”طريق الشعب”، أن “البرلمان والحكومة ملزمان في إعادة النازحين وإغلاق جميع المخيمات ضمن البرنامج الحكومي السابق، والذي يجب أن يكون امتدادا لعمل الحكومة الحالية كون القضية تمس الأمن الوطني والمجتمعي ولا يمكن بقاء الحال كما هو عليه”، مشددا على أن “النازحين هم مواطنون من الدرجة الأولى ومن غير المنطقي بقاء معاناتهم طيلة هذه السنوات، حيث أصبح الاهتمام بهم واجباً وطنياً وإنسانياً واجتماعياً، ويجب على الرئاسات الثلاث الالتفات إلى هذا الملف، وعلى الأحزاب السياسية تحمل مسؤوليتها تجاهه”.