اخر الاخبار

كشف العديد من المواطنين الذين سبق أن اشتروا وحدات سكنية في “مجمع أبي الفضل العباس السكني” القريب من قضاء الحسينية، عن معاناة مريرة و”احتيال” وقعوا ضحيته بعدما جرى التلاعب بهم، إذ جرى تقاضي الأموال منهم من دون إنجاز المشروع السكني.

ويقول الأهالي، إن المجمع يضم أكثر من 1000 منزل، وهناك عقود أبرمها المستثمر مع الأهالي وتقاضى منهم مبالغ كبيرة، لكنه أخلّ بالعقد وأصبح يقدم الأعذار، مؤكدين أن مواصفات العمل مخالفة والمواد المستخدمة ليست بالمستوى المطلوب، ولا أحد يجيبهم رغم شكاواهم ومطالباتهم المتواصلة.

ويضيف الأهالي، ان المستثمر ترك العمل في هذا المشروع، وباشر إنشاء مشروع آخر في محافظة النجف.

والتقت “طريق الشعب” بالعديد من المواطنين الذين أبدوا تذمرهم من تأخر تسلم وحداتهم السكنية، حيث أكدوا أن ما يجري هو تلاعب ومحاولات لكسب الوقت من قبل المستثمر، وأن الوضع أصبح لا يحتمل الانتظار، ولا بد من تدخل حكومي لحسمه.

أوليات المشروع وموقعه

ووفقا للأهالي، فأنهم راجعوا هيئة استثمار بغداد قبل أن يشتروا من هذه الشركة المشرفة على المشروع، وأكدت الهيئة سلامة كل شيء، وأوضحت أن الشركة معتمدة لديها وحاصلة على جميع الموافقات.

ويقع المجمع الذي يفترض أن يضم 1250 منزلاً، قرب قضاء الحسينية شمالي بغداد، بين مقر الفرقة الحادية عشرة التابعة للجيش العراقي، ومستشفى الشهيد ضاري الفياض، خلف دائرة المرور.

وقال المواطن أبو نور، أن “الترويج التي قدمته الشركة للحصول على مشترين للوحدات السكنية، تضمن دفع مقدمة مقدارها 10 ملايين دينار فقط، وقسط شهري مقداره 416 ألف دينار، وبدون شرط الكفيل من قبل المصرف العقاري. هكذا كانت إعلانات الشركة وترغيبها المواطنين لشراء وحداتها السكنية، خصوصا وأن المبالغ والشروط يسيرة ومعقولة للموظفين”، مؤكدا أن هذا الأمر “كان بمثابة المصيدة التي لم يدركها الجميع”.

وبحسب المشترين، فأن حجم مساحة البيت الواحد يبلغ 200 متر وواجهة البيت 10 مترات والنزال 20 مترا والبناء يكون في 140 مترا من المساحة الكلية، أما المتبقي فيكون حديقة ومرآبا.

ويوضح أبو نور لـ”طريق الشعب” قائلا: ان “أول وجبة من الأهالي اشترت وفقا لتفاصيل الإعلان الأول، لكن بعد فترة وجيزة، أصبحت المقدمة 16 مليونا، بدلا من 10 ملايين دينار. وهنا بدأ التلاعب ومن ثم قالوا نفدت الوحدات لديهم وبقيت فقط التي تقع في مواقع الأركان (بيوت ركن) وهي أغلى وتبلغ مقدمتها 31 مليونا، واكتشفنا بعد ذلك عدم نفاد المساحات”، مضيفا انه “خلال الأربعة أشهر الأولى كان العمل سريعا جدا ومبشّرا، وتفاجأنا بسرعته ومواصلته ليلا ونهارا، وأصبح على أرض الواقع هنالك حوالي 400 هيكل للبيوت، وأصبحنا مطمئنين لكننا سرعان ما اكتشفنا مشاكل كبيرة في التصاميم واختلافها عن التي قدمت في البداية، وهذا أحدث ضجة، وتعهد المستثمر بمعالجتها لاحقا”.

وأكد المتحدث أن “من بين المشترين من هم متخصصون بالعمارة والهندسة، ولاحظوا مشاكل في العمل وطلبوا من المستثمر أن يزودهم بـ(التندر) لكنه رفض رفضا قاطعا، وتبين لاحقا أن مواد العمل رديئة جدا مثل شيش الحديد والطابوق والإسمنت”، لافتا إلى “العدد الكلي المفترض للمجمع هو 1250 بيتا، ويضم مولا تجاريا وست مدارس حكومية توزع بالتساوي بين الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، إضافة إلى ملاعب كرة قدم وأماكن ترفيهية”.

مدة المباشرة والانجاز

من جانبه، قال المواطن أبو سرمد، أن انطلاقة المشروع كانت في بداية عام 2020، وأن عقد الشراء يشير الى أن مدة الانجاز تتراوح بين سنة ونصف إلى سنتين حتى يتسلم الأهالي وحداتهم السكنية.

واضاف أبو سرمد خلال حديثه مع “طريق الشعب”، أن “العقود كانت غير موحدة، حيث اكتشفنا لاحقا أن النسخ تختلف من مجموعة إلى أخرى، وهذه عدم شفافية اكتشفناها داخل مجاميع التواصل الاجتماعي التي أسسناها بعد أن توقف العمل بالمشروع. كذلك أكد العقد الذي أبرمته أن أتسلم بعد ثلاثة أشهر من التوقيع، سند البيت وهذا ما لم يحصل أبدا ومر عامان على ذلك. وفي نهاية العام الماضي توقف المشروع نهائيا بذريعة غياب التمويل من قبل المصرف العقاري وعدم الحصول على موافقاته”، مردفا أن “المستثمر المدعو رحيم العكيلي فتح مشروعا مماثلا آخر في مدينة النجف في الوقت الذي تلكأ في إنجاز مشروعنا الكبير، ونقل آليات شركته إلى هناك”.

ونوه إلى أن “العقد يقول أن كلفة المشروع تبلغ حوالي 150 مليون دولار، فكيف للمستثمر أن يكون بلا حسابات دقيقة ويصطدم بما يدعيه من عراقيل؟ أن هذه الحركة أثارت الفوضى بين الأهالي، وان الشركة نشرت منشورا على موقعها، كان فيه اهانة للمواطنين وعدم احترام، وتغير الأسلوب معنا، وتبين أن المستثمر لا يريد أن يستمع لنا رغم مطالباتنا وشكاوانا واحتجاجنا المتواصل، بل قالت الشركة لاحقا أعطونا أقساطا لإكمال المشروع وسنخصمها لاحقا من قيمة المستحقات التي عليكم، برغم أن هذا الأمر غير موجود في العقد”.

وأكد أبو سرمد أن الكثير من الأهالي “هم من الموظفين البسيطين، والناس الذين لا يملكون موارد مالية كبيرة وتأملوا خيرا بالمشروع للخلاص من الإيجارات، وأصبحوا الآن عالقين في هذه الورطة ومعاناتهم زادت أضعافا”، داعيا رئاسة مجلس الوزراء والمحافظة والجهات الحكومية إلى “النظر في هذه المعاناة وتخليص الناس من هذا المأزق”.

شكاوى لا تجدي

من جانبها، تبين المواطنة أم أحمد، أن “الأهالي قدموا شكاواهم إلى هيئة استثمار بغداد، التي قالت بدورها انها سترسل لجنة تتابع الموضوع. نعم، أتت اللجنة لاحقا من قبل المصرف العقاري، التقطت صورا وقالت أنها راضية عن المشروع وعادت دون أي حلول تذكر”.

وتنوه أم أحمد أثناء حوارها مع “طريق الشعب”، بأن الأهالي لم يشاهدوا المهندس الاقدم المشرف على المشروع، وبالتالي فأن مواد العمل سيئة، وأصبحت أرضيات البيوت التي لا تتجاوز 25 سم تتفطر، وتخرب رغم أنها جديدة، علما أن المشترين من المهندسين قالوا أن هناك أخطاء كثيرة في الصبّ وارتفاعه، وهناك مهندس سوري يشرف على المشروع، ولا يعطي للناس ردودا شافية. بعد ذلك، طالب الأهالي بمقارنة المواد المستخدمة مع المواد المدرجة في بنود العقد، لكن المستثمر رفض ذلك”.

وأضافت المتحدثة، “مع بداية العام الحالي، تواصل تعطل المشروع وقال المستثمر أنه سيعود إلى العمل في شهر نيسان الماضي، حيث أن المصرف سيطلق القرض ولكن هذا كان كذبا، وبعدها رمتنا الشركة على المحافظة، ومن ثم على وزارة المالية، وبقينا عالقين بين هذا وذاك، وقررنا أن نختار ممثلين عنّا يلتقون المستثمر الذي رفض الحضور وقال أنه سيلتقي بهم داخل مجموعة (الواتساب) الخاصة بالأهالي الغاضبين، حيث حضر ولم يتحمل الأسئلة وبدأ يكيل الشتائم والاهانات وهنالك تسجيلات صوتية لما تفوه به”، مردفة “تبين لاحقا أن عدد البيوت المباعة داخل المجمع لا تتجاوز 600 بيت فقط، وأن الشركة لم تبع كل الأراضي لأنها تنتظر يأس الأهالي وبيع أراضيهم التي تحولت الى هياكل، من أجل ان تشتريها الشركة مجددا باثمان بخسة، وتزيد من أسعارها وتبيعها بعد ذلك لتستفيد مرتين” بحسب قولها.

أعذار جديدة

أما المواطن أبو إحسان، فقال بدوره أن “المستثمر تحجج بأن وزارة المالية والمحافظة وقائمقام الحسينية يعرقلون مشروعه. بينما علمنا أن القائممقام طالبه بالمخطط العمراني لكن العكيلي اتهمه بتعطيل المشروع وتطورت القضية إلى دعاوى قضائية بحسب ما يقال”.

ويؤكد أبو احسان لـ”طريق الشعب”، أن “القائممقام يقول أن الكتب التي تأتيه بشان المشروع ليست من مراجعه الوظيفية، ولهذا لا يمكن أن يتعاطى معها. وفي المقابل، اتهم المستثمر القائممقام بمحاولة ابتزازه والحصول على أموال منه وهذا ما ينفيه الأخير. وأصبح الأهالي داخل هذه الدوامة المليئة بالكذب والوعود والتغيير في السلوك بعد توقيع العقود ودفع المبالغ المالية”.

ويبيّن أن “المتضررين خاطبوا جهات حكومية كثيرة جدا وطالبوا بلجنة مشتركة بين رئاسة الوزراء وهيئة الاستثمار والمحافظة من اجل الكشف عن ملابسات القضية وفتح الملف كاملا ومعرفة حقيقة الأمور، لكن الاستجابة كانت غائبة”.

وشدد على أن “البيوت وحتى في حالة انجازها، فهي خارج الضوابط والمواصفات ولن تبق سالمة لأكثر من 3 سنوات وهنالك صور كثيرة توثق سوء التنفيذ ورداءة مواد البناء”.