اخر الاخبار

مع قرب انطلاق الموسم الدراسي الجديد (2022 ـ 2033) في العراق، تواجه وزارة التربية تحديات كبيرة، أبرزها عدم طبع كتب جديدة للعام الحالي، والنقص المتفاقم في الأبنية المدرسية، وذلك بسبب الأزمة السياسية الراهنة.

وبدأت الكوادر التعليمية في العراق دوامها بشكل رسمي، في الاول من أيلول الجاري، وبانتظار أن تُعلن الوزارة موعد دوام الطلبة خلال الأيام المقبلة، بعد إنجاز امتحانات الدور الثاني الخاصة بالصفوف غير المنتهية للكورسين الاول والثاني، التي تبدأ اليوم الأحد.

وطالما شهدت الأعوام الدراسية السابقة نقصا في المناهج الدراسية لجميع المراحل في أغلب مدارس البلاد، حيث واصل آلاف التلاميذ الدراسة لأشهر عديدة دون تسلم الكتب المدرسية، انما قام أولياء الامور بشرائها من الأسواق المحلية أو القيام بنسخها.

ما الذي حدث؟

عضو لجنة التربية في البرلمان النائب جواد الغزالي، قال إن لجنته أشرّت نقصا حادا في الأبنية المدرسية، واكتظاظ التلاميذ والطلبة في بناية واحدة، فضلا عن الدوام المزدوج والثلاثي، إضافة الى عدم طباعة الكتب المنهجية لهذا العام، بسبب غياب التخصيصات المالية، برغم وجود عائدات هائلة للنفط، لكن أزمة تشكيل الحكومة حالت دون الاستفادة منها.

وأردف الغزالي أن تلك المشكلات أفرزت طوال السنوات الماضية “ملايين الأميين”.

وزاد بالقول: ان طباعة الكتب بحاجة إلى أموال طائلة، ولا يمكن اللجوء إلى طرق أخرى مثل الطبع بالآجل أو غيره، بسبب التعقيدات ورفض أغلب الجهات المختصة ذلك، مشيرا الى اضطرار الطلبة لاستخدام الكتب القديمة، والاعتماد على المسترجع لحين إيجاد مخرج لهذه الأزمة.

وبيّن ان الإحصائيات تكشف عن وجود 12 مليون أمّي في عموم العراق، مما يستلزم بذل جهود إضافية، لتعزيز البيئة المدرسية ومكافحة التسرب الحاصل منها، خاصة مع عدم قدرة الكوادر التربوية على أداء مهامها، بسبب قلة التخصيصات لتوفير المستلزمات اللوجستية والأدوات الضرورية.

تأثير الخلافات السياسية

وتسببت الخلافات بين الكتل السياسية العراقية منذ إجراء الانتخابات النيابية في العاشر من تشرين الاول الماضي، في الحيلولة دون تشكيل حكومة جديدة، بينما تمنع القوانين العراقية الحكومة الحالية من التصرف بأموال مبيعات النفط باعتبارها “حكومة تصريف أعمال”.

هذه الأزمة انعكست على أغلب القطاعات الخدمية، مثل الكهرباء، والتعليم، والصحة، والتربية، وتفاقم أثرها مع حلول العام الدراسي الجديد الذي يستلزم متطلبات لتلبية احتياجات المدارس، مع تقرير الوزارة ان يكون الدوام حضوريا.

مختصون في الشأن التربوي، وصفوا بيئات التعليم في العراق بأنها أصبحت “طاردة للطلبة والمدرسين”، وسط “عدم قدرة وزارة التربية على تقديم مشاريع تربوية ناجحة”.. لكن مسؤولا في وزارة التربية قال ان “الأمر خارج عن إرادتنا. معالجة المشكلات تتطلب ملايين الدولارات. وهذه لا يمكن توفيرها بطريقة أخرى”.

المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أكد أن “الوزارة ستعتمد على الكتب القديمة، ولديها بعض المناهج في المخازن الحالية، كما أنها ستقوم ببعض الإجراءات الجديدة، مثل تعزيز التعليم الإلكتروني، مما يقلل من الاعتماد على الكتب المطبوعة”.

وفي كل عام توزع وزارة التربية كتبا منهجية جديدة وتعتمد جزئيا على القديمة، لمساعدة الطلبة في جميع المراحل الدراسية على القراءة واستيعاب المواد والدروس.

ازدياد مشاكل التعليم

“عدم طباعة كتب جديدة يمثل ضربة بالنسبة إلى النظام التعليمي، لأن هذه المناهج تؤدي جملة أغراض، من بينها إدخال الفرحة والسرور على الطالب، خاصة الأطفال في المراحل الأولى”، وفق ما ذكر المشرف المتقاعد، يوسف الجبوري.

وتابع مشيرا إلى الأطفال بالمراحل الابتدائية: “اليوم سيتسلمون كتبا قديمة وممزقة أحيانا، برغم أنهم ينتظرون تلك اللحظات منذ عمر الرابعة”.

ورأى الجبوري خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، أن “مشاكل التعليم في العراق تفاقمت بشكل أكبر، مثل اكتظاظ الطلبة نتيجة لقلة المباني وضعف المناهج وشحتها، وعدم مواكبة التطور التقني والتكنولوجي وغياب البيئة المدرسية الصحية وتفشي الأمراض والأوبئة”، مضيفا أن تلك المشكلات “رفعت من معدلات التسرب الدراسي”.

مراكمة الفشل السياسي!

من جهتها، عدّت بسمة التميمي، عضو مكتب سكرتارية اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، عدم طباعة المناهج الدراسية “فشلا إضافيا” للمنظومة السياسية الحاكمة في العراق.

وقالت التميمي: ان التعكز بعدم وجود الموازنة او تشكيل الحكومة هو “حجة لتغطية على الفشل المستمر في هذا القطاع الحيوي”، منوهة بان “مشكلة توزيع المناهج تتجدد مع انطلاق كل موسم مدرسي”.

وتساءلت التميمي: “اين كان مجلس النواب والحكومة في وقت تشريع قانون الامن الغذائي؟ لماذا لم تخصص الأموال الكافية لطباعة المناهج في هذا القانون خاصة ان فقراته تضمنت تخصيص أموال عديدة لقضايا غير ضرورية؟”.

وخلصت الى ان “الفشل في طباعة المناهج تتحمل مسؤوليته في الدرجة الأولى وزارة التربية، ومن ثم الحكومة ومجلس النواب”، منوهة الى ان “القائمين على القطاع التربوي يحاولون بأقصى جهد تدمير التعليم الحكومي ودفع الأهالي باتجاه التعليم الأهلي”.