اخر الاخبار

تتزايد حالات العنف الأسري يوما بعد آخر في العراق، ولا يمر يوم من دون وجود حالات تتعرض للتعنيف الأسري تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي.

وتتسع مساحة العنف الأسري في استمرار دون أية بارقة أمل بالحد من تنامي هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة.

وفي ظل ارتفاع “مؤشرات التعنيف”، تجددت المطالبات بإقرار قانون الحماية من العنف الأسري الذي بات ظاهرة تهدد حياة العوائل العراقية.

إجراءات حكومية! وقصة تعنيف

وضمن مسلسل مؤسف من العنف الأسري المتفشي في العراق هذه الأيام أعلنت الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية، الأثنين الماضي، إعادة 9 فتيات هاربات بسبب التعنيف ومشاكل أسرية إلى ذويهن.

وذكرت المديرية في بيان لها أن “مفارزها أعادت ثلاث فتيات هاربات إلى ذويهن في بغداد، واثنتين في نينوى، وفتاة في كل من كركوك والبصرة والنجف وصلاح الدين”.

تقول زينب (26 عاما) “بعد انفصال والدي قبل حوالي 20 سنة، ذهبنا انا وشقيقي الأصغر رفقة أمي إلى بيت أهلها، وكانت حياتنا طبيعية لحين وفاة والد أمي”.

وتروي زينب لـ”طريق الشعب”، حكايتها بعد وفاة جدها بالقول: “عائلة جدي كانت تسكن في دار مستأجرة، وبعد وفاته قام أولاده بأخذ جدتي للسكن معهم وطلبوا من والدتي البحث عن منزل آخر أو التكفل بدفع ايجار المنزل”.

وتضيف “قامت والدتي باستئجار منزل صغير، وبدعم من والدتي تمكنت من اكمال دراستي الجامعية، وبعد التخرج حاولت الحصول على فرصة عمل من أجل اعانة والدتي، لكن شقيقي الأصغر رفض عملي وقام بتعنيفي انا ووالدتي أكثر من مرة”.

وتابعت زينب “حاولت أكثر من مرة ترك المنزل، لكن شقيقي يستقوي بأحد اعمامي وهو ضابط كبير في أحد الأجهزة الأمنية”، مشيرة إلى “خشيتها على حياتها من الاستمرار في السكن مع شقيقها الذي يعنفها بسبب او دون ذلك”.

مشروع القانون

ورغم تصويت مجلس الوزراء في آب 2020 على مسودة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، إلا أن القانون ما يزال ينتظر التصويت عليه في مجلس النواب، فيما لا توجد في البلاد سوى 5 “ملاذات آمنة” للنساء المعنفات، 3 منها في إقليم كردستان وآخران في بغداد والأنبار.

ووقعت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اتفاقية مع السفارة الفرنسية في العراق وصندوق الأمم المتحدة للسكان في 27 كانون الثاني الماضي لإعادة تأهيل ملاذ آمن للنساء في بغداد، وإنشاء ثلاثة مراكز أخرى في البصرة والأنبار ونينوى.

 أسباب التعنيف

ويعزو مدير علاقات وإعلام الشرطة المجتمعية، عبد الحافظ هادي الجبوري، ارتفاع مؤشرات التعنيف الأسري وهروب الكثير من الفتيات من ذويهن لأسباب كثيرة، منها الاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي الذي أوقع الفتيات المراهقات بمشكلات عدة، وتدهور الوضع الاقتصادي للأسر”، مبينا ان “التعنيف لا يقتصر على الفتيات، فهناك زوجات يعنفن ازواجهن والعكس أيضا”.

وأشار إلى ان “بعض حالات تعنيف الاطفال انتهت بالوفاة، كما حدث في كركوك قبل حوالي شهر نتيجة التعنيف الشديد من قبل والده”، مضيفا أن “الشرطة المجتمعية اتخذت الاجراءات اللازمة بحق والد الطفل المعنف”.

وشدد الجبوري على “ضرورة إقرار قانون الحماية من العنف الأسري”، داعيا إلى حل “المشاكل بالطرق القانونية والحوار والسلم، والامتثال للقانون بعيدا عن العنف”.

وسجلت رئاسة محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية، 3710 دعاوى عنف أسري خلال عام 2021 موزعة على نحو 14 حالة تعنيف للأطفال، و166، حالة تعنيف للآباء والمتبقي خاص بتعنيف النساء.

ونقلت صحيفة القضاء الأعلى، عن قاضي محكمة تحقيق الرصافة باسم صالح محمد قوله، إن “أبرز دعاوى التعنيف الأسري هي التي تحرك من الزوجة بحق زوجها”، منوهاً إلى “وجود حالات تعنيف الزوجة لزوجها الا انه لا يتم الإخبار عنها من قبل الزوج لشعوره بالخجل من الناحية الاجتماعية ومن أجل المحافظة على هيبته داخل المجتمع الذي ينتمي إليه سواء كان من عشيرته او منطقته التي يسكن فيها”.

كما سجلت وزارة الداخلية 15 ألف حالة عنف منزلي للعام 2020 فيما سجلت الوزارة 17 ألف حالة عنف أسري في عام 2017 حيث تحتل اعتداءات الرجال على زوجاتهم الأغلبية من الحالات المسجلة بواقع 9 آلاف حالة. 

القانون يردع المعَنِف

وتقول المحامية رواء الياسري لو شرع قانون الحماية من العنف الأسري لوضع حدا للكثير من حالات العنف، بل لكان يمكن ان ‏يمنع الحالات التي تصل إلى تشويه الجسد او القتل”. ‏

وأشارت الياسري إلى ان جزءا كبيرا من الكتل لديها تحفظاتها على القانون وترفض تمريره حين كان بالإمكان تشريعه، مستبعدة قيام المجلس الحالي بإقرار أي قانون يسهم في الحد من انتشار هذه الظاهرة الخطيرة”.

وأضافت أن حالات ‏العنف الأسري لم تعد موجهة للنساء فقط، وانما يطال العنف كل أفراد الأسرة، بغض النظر عن جنسه او عمره.‏

أسباب عدن التشريع

وحول سبب تأخر تشريع القانون يوضح النائب السابق لرئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية قصي عباس الشبكي بالقول ان “سبب ترحيله من دورات سابقة كان بسبب الاعتراضات من بعض القوى في مجلس النواب”.

وقال الشبكي حديث صحفي، ان “الجميع يعلم ان الخلاف حول القانون سياسي ويخص الشرع والدين الإسلامي في بعض فقرات القانون، الذي ترى فيه القوى السياسية الإسلامية انه يمس الشرع الديني”، لافتا إلى ان “القانون تمت مناقشته في ورش عمل داخل المجلس وخارجة وبمشاركة منظمات مجتمع مدني وقانونيين واختصاص لكنه حتى اللحظة لم يصل إلى مرحلة النضوج الذي يجعل الجميع يتوافقون عليه”.

ويشيد الشبكي بـ”اهمية القانون في معالجة المشكلات الأسرية “، مشيرا إلى ان “القانون يتضمن إيجابيات كثيرة في ظل وضع العراق الحالي ويعالج العديد من حالات العنف الأسري الغريبة عن مجتمعنا الشرقي والعراقي سواء بحرق أب لأبنائه او غيرها من الامور التي بحاجة إلى ردع لإيقاف هكذا تصرفات”.

ولفت إلى “المعترضون على القانون يستندون على الدستور في مادته التي تتكلم عن ان الدين الرسمي للدولة هو الإسلام وأن بعض فقرات القانون حسب وجهة نظرهم تتعارض مع فقه الاسلام اضافة إلى الاعتراض على أمور ترتبط بطبيعة تعامل رب الاسرة مع افراد عائلته بما يقلل من هيبة رب الاسرة داخل بيته بحسب وجهة نظرهم”.

وأوضح، ان “القانون يحافظ على تماسك الأسرة وهنالك نوعا من المبالغة في المخاوف المطروحة”.