اخر الاخبار

انتشرت في العراق خلال السنوات الأخيرة ظاهرة الاحتيال المالي على المواطنين، بأساليب يُصعب معها إثبات وقوع الجريمة، وهو ما يؤدي إلى تكبد الضحايا خسائر فادحة فيما يفلت المتهم من العقوبة.

ويجد المحتالون في مواقع التواصل الاجتماعي ضالتهم للإيقاع بالضحايا، مستغلين حاجة الناس إلى المال في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة وتفشي البطالة.

شركات وهمية

تروي المواطنة نور، وهي من بغداد، تفاصيل وقوعها في فخ الاحتيال المالي عبر إعلان وهمي، شاهدته على منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

وتقول ان “شركة أعلنت على الانترنيت رغبتها في انضمام شركاء إليها مقابل دفع كل واحد منهم مبلغ 2700 دولار”، مبينة أن الشركة وعدت المنضمين إليها بتشغيل أموالهم ومنحهم أرباحا عليها.

وتضيف نور في حديث صحفي: “بدا لي أن هذا العمل جيد، لذلك انضممت إلى الشركة ومعي الكثير من الشباب، وتم تدريبنا على العمل بشكل مباشر في أماكن مختلفة، فضلا عن إخضاعنا لإجراء غريب، وهو التوقيع على عقود نُمنع بموجبها من تقديم شكوى على الشركة أو حتى التحدث عنها عبر مواقع التواصل، فيما تترتب على من يخالف هذه الشروط عقوبات تصل إلى السجن!”.

وتتابع قائلة انه “بعد إتمام التدريبات تفاجأنا باختفاء الشركة وأصحابها دون أي أثر، وتبيّن بعدها أنها شركة وهمية تحتال على الشباب بذريعة تشغيل أموالهم، وبالتالي خسرت أموالي، والكثيرون من الشباب خسروا أموالهم أيضا، فيما لم يُعثر على الشركة حتى الآن”! 

احتيال بأساليب قانونية!

يلجأ المواطنون بعد وقوعهم في فخ الاحتيال إلى تقديم شكاواهم للأجهزة الأمنية، التي تتخذ بدورها إجراءات خاصة - بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، الذي يذكر أن “عصابات الاحتيال تسلك طرقا متنوعة ومختلفة، بعضها يعتمد على القانون، مستغلة جهل المواطنين في هذا الجانب، منها إبرام عقود مع الضحايا والزامهم بالتوقيع عليها”.

وعن كيفية تعامل الشرطة مع هذا النوع من البلاغات، يوضّح المحنا في حديث صحفي، أن “الشرطة لديها إجراءات خاصة مع عمليات الاحتيال، من بينها إيقاف عمل الشركات المحتالة من خلال القضاء والأوراق التحقيقية، على أن يكون ذلك بعد جمع الادلة الثبوتية وشهادات الشهود وغيرها من الإجراءات”، داعيا المواطنين إلى “التعاون مع الشرطة وتقديم الشكاوى بحق أي جهة تحتال عليهم”.

ظاهرة 56

ويُطلق العراقيون على هؤلاء المحتالين لقب “56”، وذلك اختصارا للمادة القانونية 456 المعنية بجرائم النصب والاحتيال، من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.

وتُعاقب هذه المادة بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات - حسب جسامة الفعل وخطورته - كل من استعمل طرقا ووسائل لخداع المواطنين والاحتيال عليهم، وأدى هذا الفعل إلى حصول منافع مادية أو معنوية لمرتكب الاحتيال – وفقا للخبير القانوني حيدر الصوفي.

وينبه الصوفي في حديث صحفي، إلى أن “أغلب قضايا النصب والاحتيال والخداع يُصعب اثباتها، نظرا لعدم تحقق شرط الشهود (شاهدان اثنان) على الواقعة، وبالتالي يفلت المتهم من العقوبة”.

ويضيف قائلا أنه “لتلافي الوقوع في عملية النصب والاحتيال، ننصح المواطنين بأن يتأكدوا من الشخص الذي يتفقون معه، سواء في البيع أو التعامل أو الديون، من ناحية صدقه وأمانته، وأن يثبّتوا حقوقهم في مستندات تحريرية وأمام شهادة شاهدين اثنين، حتى يضمنوا تلك الحقوق أمام محكمة الجنح، المعنية بمثل تلك القضايا”.

ويشير الخبير القانوني إلى أن “المتهم عندما يُحاكم بقضية الاحتيال ويقضي فترة محكوميته، يُمنح للضحية الحق في مراجعة المحكمة المدنية (محاكم البداءة) للمطالبة بحقوقه التي سلبها منه المتهم عبر خداعه والاحتيال عليه، فيطالب بتعويض مادي ومعنوي جراء ما أصابه من هذه الجريمة”.