اخر الاخبار

يعيش الكثيرون من أهالي الفلوجة، أكبر اقضية محافظة الانبار، حياة صعبة ومقلقة للغاية، جراء المخلفات الحربية والالغام
التي خلفتها عصابات داعش الإرهابية وحرب تحرير المدينة من تلك العصابات عام 2016. وبحسب ما يذكره متابعون، فإن
تلك المخلفات، التي تنتشر حتى في الأحياء السكنية وقرب المنازل، تسببت في انتشار الأمراض السرطانية والجلدية بين
السكان، فضلا عن حوادث الانفجار المميتة التي راح ضحيتها عديد من الأبرياء.
وما تزال الألغام تهدد حياة سكان المناطق القريبة من الطريق الدولي السريع، الذي يربط العراق من جهة الانبار بثلاث دول
مجاورة (السعودية، سوريا والأردن)، وذلك بسبب عدم تمكن القوات الأمنية والمنظمات المتخصصة من إزالتها طوال
السنوات الماضية.
تشوّهات وأطراف مبتورة
الناشطة المدنية كوثر المحمدي، تقول في حديث صحفي أن الاضطرابات الأمنية التي شهدتها الأنبار خلال السنوات
الماضية، أسفرت عن مخلفات حربية وألغام، تسببت في حالات تشوّه وإصابات خطيرة بين السكان.
وبيّنت أن مناشدات كثيرة يطلقها أناس من مختلف الأجناس والأعمار، ممن تعرضوا لأمراض وإصابات بليغة ناتجة عن
متفجرات وألغام وأتربة ملوثة، أملا في إسعافهم وإنقاذهم من هذا الوضع، مشيرة إلى أن “المخلفات الحربية أدت إلى إصابة
العديد من المواطنين بالأمراض الجلدية والتنفسية والسرطانات، فضلا عن الغرغرينا الناتجة عن الانفجارات، والتي تنتهي
إلى بتر الطرف المصاب، إلى جانب حالات التسمم الجسدي”.
وتلفت المحمدي إلى أن “أفضل علاج يمكن تقديمه لهؤلاء الضحايا، هو بتر أطرافهم المصابة، بسبب عدم توفر علاج آخر”،
مؤكدة أن “الحالات تزداد يوما بعد آخر”.
وتتابع قائلة: “اننا نواجه مجاميع كبيرة في بعض الأحياء المزدحمة، تنتشر بينها الأمراض وحالات التسمم. وبصراحة، أن
دور الرقابة ودائرة البيئة ضعيف جداً. ومع كل المناشدات والحملات المنددة بهذه الكارثة والمناصرة للمصابين، لا تزال
ردود أفعال دائرة البيئة فقيرة ومخجلة”!
وتشير إلى أن “منظمات المجتمع المدني تتكاتف في سبيل رفع الأنقاض والمخلفات الحربية، وفي الوقت الحالي تتركز جهود
المنظمات الدولية والمحلية في إزالة الألغام الموجودة في مناطق النعيمية والحصيّ بالفلوجة”.
مأساة في النعيمية
الناشطة المحمدي تبيّن أيضا، أن “هناك إصابات كثيرة بين سكان منطقة النعيمية. وقد شهدت شخصيا حالات بتر أطراف
لكثير من الرجال والنساء، خاصة المزارعون ورعاة الأغنام، وذلك إثر تعرضهم إلى انفجارات ألغام”.
من جانبه، يقول المواطن صلاح هادي، وهو من أهالي النعيمية، أن “العديد من أهالي المنطقة اضطروا منذ زمن إلى بيع
منازلهم والتوجه إلى السكن في مناطق أخرى، وذلك هربا من العبوات الناسفة التي خلفها إرهاب داعش في النعيمية”، مطالبا
في حديث صحفي، بـ “ضرورة تدخل السلطات العليا لرفع العبوات وتطهير المنطقة بالكامل، في سبيل إنقاذ حياة السكان
الذين فقدنا العديد منهم نتيجة تلك المخلفات”.
فيما تقول المواطنة علياء نوري، وهي من أهالي الفلوجة، انها فقدت ابنها المنتسب إلى قوات الشرطة، إثر تعرضه لانفجار
عبوة ناسفة من مخلفات داعش، أثناء أدائه مهامه الأمنية، مضيفة في حديث صحفي، أن “الضحية خلف وراءه ثلاثة أطفال
من دون معيل، كما هو حال مئات او آلاف الاطفال، في وقت لم تتخذ فيه الجهات الحكومية إجراءات في شأن هؤلاء”.
مساع لتطهير المنطقة
إلى ذلك، يقول قائم مقام الفلوجة جمعة المحمدي، انه “حاليا يجري التباحث بين الجهات الحكومية و(منظمة هلو تراست)
البريطانية المتخصصة في شؤون الألغام، بهدف الشروع بتطهير المنطقة من مخلفات داعش”.
ويبيّن في حديث صحفي، أن “المنظمة اجرت أعمال كشف وحصر لأعداد وانواع العبوات الموجودة في المنطقة، إلا أن
عوامل عدة أعاقت عملية المباشرة بإزالتها، من أهمها صعوبة إغلاق الطريق الدولي السريع، فضلاً عن أعمال تأهيل
الطريق ذاته التي تجري الآن، ما يضطرنا الى انتظار إكمال عمليات التأهيل”.
ويؤكد المحمدي: “نحن ماضون في اتخاذ إجراءات من شأنها تطهير المنطقة بالكامل من الألغام والمخلفات. فهذا الأمر بات
ضروريا جدا، سيما أن المنطقة ذات كثافة سكانية عالية”.