اخر الاخبار

حدد القانون العراقي عقوبة الحبس شهراً واحداً لكل من يتسول في الطرقات العامة، وشددها في حال تصنع المتسول لإصابة أو إعاقة.

ولم يعد المستولون في العراق من أبناء البلد وحسب، بل إن هناك أعدادا كبيرة من المتسولين الأجانب يفدون من البلدان المجاورة ويدخلون البلد بذرائع مختلفة، وهؤلاء يزدادون يوما بعد آخر في ظل غياب الرقابة والمحاسبة القانونية.

وتنص المادة 1/390 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن شهر كل شخص أتم الثامنة عشرة من عمره وكان له مورد مشروع يعيش منه، أو كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد، وجد متسولاً في الطريق العام أو في المحلات العامة، أو دخل دون إذن منزلاً أو محلاً ملحقاً لغرض التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر إذا تصنع المتسول الإصابة بجرح أو عاهة أو ألح في الاستجداء”.

ومع ذلك، لم تحد تلك العقوبات من انتشار المتسولين في الشوارع وتقاطعات الطرق في بغداد والمحافظات، بل أن “ظاهرة تسول النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، بدأت تزداد بشكل مخيف خلال السنوات القليلة الماضية” – بحسب عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق فاتن الحلفي، التي تؤكد عدم وجود إحصائية رسمية بأعداد المتسولين في بغداد خاصة والعراق عموماً، وذلك “بسبب انتشار التسول في أكثر الأوقات سواء في الليل أم النهار، سيما عند ساعات الفجر. لهذا لن تستطيع أي جهة حكومية أو غيرها وضع إحصائية لأعداد المتسولين”. 

 الأزمات السياسية

تبرز في مقدمة الأسباب التي تدفع أعداداً كبيرة من العراقيين للتسول، الأزمات السياسية التي تمنع وضع خطط شاملة لمكافحة الفقر، إلى جانب المصاعب الاقتصادية الناجمة عن تلك الأزمات.

ولا تتوفر دور لإيواء المشردين والمتسولين. وبهذا الصدد يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، أنه”لا توجد بنى تحتية تستقبل هذه الأعداد الكبيرة، ما يضطر الجهات المعنية إلى إطلاق سراحمن تقبض عليه متسولا، بكفالة مالية أو لعدم كفاية الأدلة”.

ويربط القانوني المتخصص في قضايا مكافحة الإتجار بالبشر، عباس علي بنيان، بين ظاهرة التسول وجرائم الإتجار بالبشر، مبينا أن المتسولين يتم استغلالهم من قبل عصابات تستفيد منهم.

ويشير في حديث صحفي، إلى أن هذه الشبكات والعصابات تبتز المتسول وتهدده وتلزمه بتنفيذ ما تمليه عليه، سواء كان طفلاً أم شيخاً أم امرأة أم شاباً. 

مافيات برعاية أحزاب سياسية!

من جهته، يرى رئيس “مركز الشرق الأوسط للتنمية والحريات الإعلامية”، صلاح العبودي، أن ظاهرة التسول في بغداد مهنة تجارية تقف خلفها أحزاب سياسية متنفذة ومافيات للكسب غير المشروع”، مشيرا في حديث صحفي سابق لوكالة أنباء “ناس نيوز”، إلى أن المتسولين موجودون في جميع مناطق العاصمة، تقودهم مافيات وتقوم بتوزيعهم عند إشارات المرور وأماكن أخرى تجارية. 

 متسولون أجانب

تنقل وكالة أنباء “روسيا اليوم” عن مصدر أمني عراقي، قوله أن “هناك متسولين أجانب يأتون إلى العراق بحجة زيارة المراقد في بغداد والنجف وكربلاء، ويبقون في البلد لسنوات”، مبينا أن “من بين هؤلاء المتسولين أشخاصا من دول آسيوية، وآخرين سوريين نزحوا إلينا بسبب الظروف الأمنية، وقامت عصابات التسول باستغلالهم”.

وكانت السلطات الأمنية العراقية قد أعلنت أواخر العام الماضي، عن اعتقال 700 متسول من جنسيات آسيوية، وإبعادهم إلى خارج البلاد. وهو رقم متواضع قياساً بعدد المتسولين الأجانب، الذين توفر لهم العصابات السكن والطعام مقابل استغلالهم في التسول والدعارة، وحتى في تجارة الأعضاء البشرية.

وعن ذلك يقول المحامي زياد خلف، ان “ظاهرة التسول في البلاد تعود لعصابات الجريمة المنظمة وشبكات الإتجار بالبشر. إذ اتسعت مهامها عبر إدخال أفراد وعائلات في كثير من الأحيان من دول آسيوية، بهدف استغلالهم”، مضيفاً في حديث صحفي، أن “عدم تنفيذ القانون واتخاذ إجراءات رادعة من قبل الحكومة، هو السبب وراء اتساع ظاهرة تسول الأجانب في البلاد”.

ويلفت خلف إلى أن “الكثيرين من هؤلاء الأجانب يُجبَرون على التسول بعد توريطهم وابتزازهم بأمور بعضها يتعلق ببقائهم بشكل غير قانوني في البلاد، خاصة الذين دخلوا كأيادٍ عاملة”.