اخر الاخبار

أثار قرار تأجيل امتحان الصف الثالث المتوسط، ردود فعل واسعة وضجة شعبية بعدما صدر بعد منتصف الليل، وتحت عنوان (خلل فني). ومنذ اللحظات الأولى للإعلان، قام المواطنون بانتقاد الوزارة وأرسلوا في التعليقات نسخا مصورة للأسئلة التي يفترض أن تكون لامتحان اليوم التالي، حيث أنها تسربت قبل ساعات، وباتت فضيحة مدوية أجبرت الوزارة على أن تقوم بتأجيل الامتحان، الى الثاني عشر  من الشهر الجاري.

فضيحة مخزية

بشكل مفاجئ، قررت وزارة التربية تأجيل امتحانات طلبة الثالث المتوسط (حتى إشعار آخر)، حددت لاحقاً جدولاً جديداً للامتحانات في يوم الاحد المقبل 12 حزيران الجاري، من دون إعادة للامتحانين (اللغة العربية والإنكليزي) وسط تأكيدات من مواطنين بان اسئلتها سربت ايضاً، ما أثار حفيظة الكثير. ومن الطبيعي أن التبليغ بهكذا قرار في حوالي الساعة الثانية صباحا، قد فات الكثير من العائلات وطلبتهم من كلا الجنسين، حيث فوجئ الطلبة وذويهم عند توجههم إلى مراكز الامتحان في اليوم التالي بتأجيل الامتحان.

وفجّرت تلك القضية، غضبا شعبيا عارما على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعادت الأسئلة الحديث عن واقع التعليم في البلاد، وتغلغل الفساد في مفاصله، فيما تصاعدت الدعوات لإقالة وزير التربية علي حميد الدليمي، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في الحادثة. كما أن الفضيحة التي نالت تفاعلا اجتماعيا كبيرا، هي بحسب مراقبين ومعنيين، قديمة وتجذرت في بنية النظام التربوي والتعليمي بعد العام 2003.

بيان اتحاد الطلبة

وفي السياق، أصدر اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق، بيانا بشأن الحادثة، طالب فيه بفتح تحقيق عاجل مع الوزير وكادره الوزاري المتقدم.

وذكر الاتحاد في بيانه الذي تلقت “طريق الشعب”، نسخة منه، أن “قرار تأجيل امتحان مادة الرياضيات، ومن ثم تأجيل الامتحانات كاملة، يأتي بعد جملة من الخروق في امتحاني اللغة العربية واللغة والانكليزي وما صاحبهما من تسريب للأسئلة الوزارية، ما شكل حالة من الإرباك للطلبة وهم في أعمار مبكرة ومرحلة دراسية حرجة، وهذا يشكل ـ من بين عوامل أخرى ـ أمرا يزيد من عزوف الكثير من الطلبة عن الدراسة والتحضير لأداء أي امتحان مقبل”. وأضاف البيان: “إننا نؤكد أن وزارة التربية تتحمل المسؤولية كاملة في الحفاظ على الأسئلة الامتحانية ومدى تأثير قرارتها على مستوى أداء الطلبة الامتحاني ونسبة التسرب والعزوف ونسب النجاح والتقديرات. ان فضيحة تسرب الأسئلة أثبتت عدم تمكن الوزارة وبشكل كبير من السيطرة على كوادرها وضبط إيقاع العملية الامتحانية وصيانتها وهو ما دفعها للخروج بقرارات ترقيعية متخبطة”، مطالبا بـ”فتح تحقيق عاجل ومعني مع وزير التربية والكادر المتقدم في الوزارة لإيقاف الانهيار المتسارع في العملية التربوية وإقالة المقصرين ومحاسبتهم”.

الفساد والمحاصصة

وتعليقا على هذا الواقع المؤلم، قال الباحث في الشأن التربوي، علي إبراهيم، إن “المحاصصة والإيغال بالفساد والاستهتار بقطاع التربية والتعليم، جعل من قضية تسريب الأسئلة أمرا طبيعيا، حيث يجري ذلك منذ سنوات ولا من مجيب لكل مطالباتنا بالوقوف بوجه هذه الظاهرة المدمرة للأجيال”.

وأوضح إبراهيم لـ”طريق الشعب”، أن “هناك حلولا كثيرة فالقضية ليست مستحيلة العلاج، لكن الفاشلين والفاسدين الذين يمسكون بمواقع حساسة في هذا القطاع، يمثلون أكبر عقبات للنظام التربوي والتعليمي. إن وزارة التربية التي تتحمل مسؤولية تربية وتعليم الأجيال، باتت محط اتهام للأسف الشديد، حيث أنها من يتحمل هذا التسرب والتدمير العلمي وأسباب ذلك معروفة، ولا تبتعد أبدا عن الفساد وفشل الجهات الرقابية في متابعة الموضوع، وابعاد التدخلات الحزبية عن الوزارة”.

وتابع قائلا: “أنها ليست المرة الأولى لتسريب الأسئلة، فقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعي قبل ذلك بأيام نسخ امتحان مادة اللغة الإنجليزية، رغم أن الوزارة نفت حصول ذلك”.

وعلى اثر هذه الفضيحة شكلت جهات عدة مثل وزارتي الداخلية والتربية والبرلمان وهيئة النزاهة، لجان تحقيق في الحادثة. ووجّه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، بتشكيل لجنة تحقيق خاصة حول الواقعة.

وأطلق مواطنون حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن ما جرى، حيث طالبوا بضرورة التوصل إلى المتورطين في تسريب الأسئلة، وتقديمهم إلى العدالة، دون تسويف، فضلاً عن اتخاذ إجراءات تحفظ هيبة التعليم، وتمنع استغلاله.

ومن ضمن الانتقادات الكثيرة التي وجهت إلى وزارة التربية، هو عدم اعتمادها على التقنيات الحديثة في إعداد الأسئلة وتوزيعها، وطرق الحفاظ عليها، إذ هناك بروتوكول واضح لدى المؤسسات التربوية في دول العالم، مثل استخدام قارئ الرموز، والإعداد الآني للأسئلة، وغير ذلك، ما يوفر جهداً ووقتاً، ويحفظ للامتحان هيبته العلمية.

اعتقال بعض المتورطين

وفي غضون ذلك، أعلن جهاز الأمن الوطني، امس، اعتقال موظفين متهمين بتسريب الأسئلة الوزارية.

وفي بيان مقتضب طالعته “طريق الشعب”، فإن “جهاز الأمن الوطني شرع في إجراء تحقيق شامل بخصوص تسريب الأسئلة الوزارية بالتعاون مع وزارة التربية والأدلة الجنائية التابعة لوزارة الداخلية وبإشراف من الجهات القضائية المختصة”.

وتابع البيان، أن “التحقيقات توصلت إلى إدانة (3) موظفين مسؤولين مباشرين عن تسريب الأسئلة فضلاً عن الاشتباه بـ(2) آخرين ما زال التحقيق جاريا معهما”، مع القاء القبض على مروّجين للأسئلة في مواقع التواصل الاجتماعي.

سؤال مهم

ووجه أهالي الكثير من الطلبة ومعهم أساتذة تدريسيون خلال اليومين الماضيين أسئلة كثيرة إلى الحكومة ووزارة التربية، كانت على شكل رسالة الكترونية غزت مواقع التواصل الاجتماعي، تضمنت: “ضرورة الإجابة إذا ما كانت ظاهرة التسريب فعالة طيلة السنوات الماضية، وهل من المنطقي أن تتحمل المديرية التي حدث التسريب في رقعتها الجغرافية وحدها مسؤولية الأمر، أم أن هناك جهات تدير العملية بصورة منظمة ولا يستطيع احد محاسبتها؟”.