اخر الاخبار

كشفت وثيقة حكومية صدرت خلال اليومين الماضيين، عن توجيه رئيس مجلس الوزراء بإلغاء معاملات صحة الصدور للوثائق واعتماد النظام الإلكتروني المركزي لحفظ المستندات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية.

وقوبل هذا التوجيه بآراء وردود فعل دعت إلى المضي قدما بتفعيل مشروع الحكومة الإلكترونية، وأتمتة الدوائر واعتماد هذا النظام في انجاز المعاملات الورقية للحد من تفشي الفساد وحالات الرشى.

خطوة جيدة

وهناك تفصيلات كثيرة تتعلق بمعاملات صحة الصدور، لكنها لا تخلو من الروتين وتعطيل مصالح المواطنين ولجوء البعض أحيانا إلى انجاز أمورهم بطرق الرشاوى، التي باتت ظاهرة منتشرة بشكل واسع.

وتعليقا على هذه الخطوة الحكومية، أوضح مهندس البرامجيات أيمن قادر، أن الكثير من المواطنين قد يرونها أمرا طبيعيا، ولكن في الحقيقة انه توجيه جيد، واذا ما تم تطبيقه في مجالات أخرى فسيقلل بشكل كبير من الفساد داخل الدوائر الرسمية.

ويقول قادر لـ”طريق الشعب”، “أننا يجب أن نعرف حقيقة انتشار الفساد في كافة مفاصل الدولة وتورط كبار السياسيين فيه، لكن هنالك جانب آخر، وهو التماس المباشر لصغار الفاسدين مع المواطنين، وبشكل يومي من أجل إنجاز المعاملات وغيرها من المصالح، حيث يشكل فسادهم اليومي ميزانية ضخمة من الأموال ولذلك فإن أية جهود أو توجيهات من أجل تحويل المعاملات الورقية إلى الكترونية هي أمر صائب”، لافتا إلى أن “متنفذين كثيرين يحاولون عرقلة أي نشاط الكتروني في البلاد”.

ويضيف المتحدث أن “الأمانة العامة لمجلس الوزراء لديها مشروع أتمتة متكامل لجميع دوائر الدولة، وهو مشروع عملاق أبرمت على أثره تعاقدات مع شركة هواوي وجهات معنية، لكن جهودا مؤثرة عرقلته ويتحمل رؤساء الحكومات مسؤولية عدم المضي فيه”.

ويستشهد المتحدث بعمل منظومة الجوازات التي كانت واحدة من أكثر دوائر الوزارة فسادا لكنها تغيرت وتجاوزت غالبية المعرقلات نتيجة للاعتماد على الميزات الإلكترونية. ففي السابق كانت كلفة إصدار الجواز تصل إلى 200 ألف دينار للفرد، أما الآن فلا يتجاوز 50 ألفا.

مشروع الحكومة الإلكترونية

ويواجه مشروع الحكومة الإلكترونية معرقلات كثيرة غير تلك الفنية المتعلقة بضعف البنى التحتية التقنية في الدولة، وتعثّر تحديث البيانات الخاصة بمؤسسات ودوائر الحكومة.

ويعترف الكثير من المعنيين بهذا الشأن، أن جهات سياسية متنفذة تحاول على الدوام عرقلة المشروع لأنها مستفيدة بطرق مختلفة من العمل البدائي للدولة، ولا سيما الذي يتعلق بالفساد المالي والإداري والوظائف الوهمية.

وفي وقت سابق، قال الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي إن العراق تلقى عروضاً عدة من دول متطورة في مجالات التكنولوجيا، للمساهمة في مشروع الحكومة الإلكترونية، مشيراً إلى أنّ “المشروع يحظى باهتمام واسع من حكومة مصطفى الكاظمي، وهو من المشاريع الحيوية والاستراتيجية”. وتحدث الغزي عن أن “المراحل الأولى من مشروع الحكومة الإلكترونية ستكون عبر تداول الوثائق الرسمية بين الوزارات والأمانة العامة لمجلس الوزراء”، لكن الشروع الحقيقي بهذا المشروع لم يصل إلى المستوى المطلوب.

من جهته، اعتبر الخبير في الأمن السيبراني، محمد قاسم الزبيدي، أن مشروع الحكومة الإلكترونية “سيكون علامة فارقة في مواجهة الفساد لو تم تطبيقه، وسوف يقلل الكثير من منافذ الرشاوى بدون مواجهات مباشرة من الجهات المتنفذة لكن الامر يحتاج الى جدية في تطبيقه”.

وأوضح الزبيدي لـ”طريق الشعب”، أن “المشروع وبعد إقراره عام 2014 شهد الكثير من عمليات التعطيل والتسويف وجرى توقيف عدد من لجانه وعاملين فيه”، مردفا “يجب أن يكون المشروع على ارض الواقع، حيث أن خطوة رئيس الوزراء الأخيرة تتطلب اعادة النظر في مجمل الأمور الادارية”.

ونوّه بان “الجميع يعلم أن جهات متنفذة تقف خلف هذا التعطيل والعرقلة، لأن المشروع يضمن الحد بشكل كبير من قضايا خطرة مثل الفساد المالي والتربح والتزوير واستغلال الناس عبر إنجاز معاملاتهم لقاء مبالغ مالية، أو توظيف ذلك في إطار أهداف انتخابية. كما يمكن بموجبه الكشف عن الوظائف الوهمية الكثيرة والمكلفة جدا”.

وفي تصريح سابق للنائب عباس الزاملي، فإن “المضي نحو الحكومة الإلكترونية سيكون واقع حال، حتى مع وجود من يحاول عرقلة المشروع خصوصاً من الجهات المتضررة منه. كما أنه يعني بالسيطرة على المنافذ الحدودية والجمارك وواردات العراق والضرائب، فالأمر لا يتعلق فقط بالخدمات الخاصة بالمواطنين”. ويشير مراقبون إلى أن قضية تأخير اعتماد النظام الالكتروني في المعاملات أمر مرتبط بجانب سياسي أكثر مما هو تقني، حيث ان الحكومة الإلكترونية ستقطع الطريق ليس على الجهات المتربحة من بدائية التعاملات الحكومية فحسب، بل ستكون بداية لمنح الدولة بعداً سيادياً أكبر. إذ يمكن حالياً لأي زعيم فصيل مسلح أو سياسي، الدخول إلى أي دائرة حكومية وإنجاز أي معاملة مخالفة للقانون بفعل السطوة والنفوذ، بينما في الحكومة الإلكترونية سيكون هناك نظام إلكتروني لا يمكنه قبول تمرير أي معاملة بغير الشروط الموضوعة داخله.