اخر الاخبار

بوجهٍ متعب وثياب بالية، تتجول الطفلة بنين، ذات السبع سنوات، في سوق الأنصار الشعبي، جنوب مدينة النجف، باحثة عن صناديق الخضار الفارغة بين أكوام النفايات بهدف جمعها وبيعها لاحقا، من اجل توفير المال لإعالة عائلتها المكونة من ٧ أشخاص.

قصة مؤلمة

ومع ساعات الصباح الأولى، تخرج بنين إلى العمل، ولا تعود قبل انقضاء منتصف النهار، لتقوم بتسليم ما حصلت عليه من اموال الى والدتها من اجل تسديد إيجار المنزل وإعالة أخوتها الأربعة ووالدها المعوق.

تقول بنين انها لا تعود للمنزل قبل ان تحصل على مبلغ ١٠ الاف دينار عراقي، بهدف مساعدة والدتها على شراء الطعام والشراب، ودفع الايجار.

وتضيف، ان والدها ذا الـ ٣٠ عاما، كان يعمل في احد المخابز في حي الانصار بمدينة النجف، مشيرة الى ان “حريقا نشب في المخبز ما أدى الى اصابة والدي بحروق عميقة بيديه، حولته الى معاق وجليس في المنزل”.

توفير لقمة العيش

أمّا والدة بنين (هناء ٢٧ عاما) فتقول: إن لقمة العيش للعائلة يوفرها طفلاي محمد وبنين. بالاضافة الى هذين الطفلين، لدى هناء ٣ أطفال آخرين، جميعهم محرومون من الذهاب الى المدرسة، بينما تعاني لوالدتهم من مرض السكري الذي يمنعها من العمل هي الاخرى.

لدى هناء (أم محمد) خمسة أطفال، اكبرهم محمد عمره 9 سنوات، ومن بعده بنين 7 سنوات، و3 اخوة اخرين، اصغرهم عمره شهران.

وتضيف هناء بألم ان “اكثر ما يؤلمها هو اضطرارها الى ارسال طفليها الى السوق، وهي تعلم ان ذلك يعرضهما للعنف وحتى التحرش”.

وتتابع، ان بنين عادة ما تعود الى المنزل بعيون دامعة، بسبب قيام بعض الاشخاص في الاسواق بضربها او اسماعها كلمات نابية.

ضحية اخرى

اما محمد، شقيق بنين، الذي يبلغ من العمر ٩ اعوام، فقد ترك المدرسة وهو في الصف الاول الابتدائي بعد حادثة الحريق مباشرة.

واستأجر محمد عربة ليقوم بجرها وهي تحمل البضائع في السوق، مع ساعات الصباح الاولى من كل يوم.

يقول محمد ان “مسؤوليتي انا واختي كبيرة. لا بد لنا من توفير المال لاعالة عائلتنا”.

ويضيف محمد، الذي يعيش دورا اكبر من عمره، انه يقلق بشكل كبير على اخته بنين، ما يدعوه لتفقدها بين الحين والاخر، مبينا انه يعلم ان عمل شقيقته لا يناسبها، “خاصة عندما نسمع بكاء والدتنا، عندما ترانا منهكيْن حين عودتنا من العمل”.

وعن العودة لمقاعد الدراسة، يقول محمد ان “ذلك اصبح حلما بعيد المنال له ولبنين”.

ورغم ان معدل التحاق الأطفال في التعليم الابتدائي يبلغ ٩٢ في المائة، الا ان من يكمل منهم هذا المرحلة الاساسية لا يتجاوز ما نسبته ٥٤ في المائة.

اضرار جسدية ونفسية

وحول هذا الموضوع، تعلق مدير قسم تمكين المرأة في ديوان محافظة النجف، حنان سعد راضي قائلة ان “الاضرار الجسدية والنفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الأطفال من جراء العمالة في سن مبكرة، تولد مشاكل لا نهاية لها في حياتهم”.

وتضيف ان “الأطفال في هذه الأعمار عرضة للاغتصاب او تجارة الأعضاء البشرية والضرب”، عازية أسباب هذه الظاهرة الى غياب الاستراتيجيات والخطط.

عرض مقالات: