اخر الاخبار

بعد تسجيل 12 وفاة وأكثر من 55 إصابة، اتخذت السلطات المحلية في محافظات عراقية عدة، إجراءات مشددة لحصر بؤر انتشار الحمى النزفية، منها إغلاق مجازر المواشي والحظائر العشوائية، وحظر نقل الحيوانات بين المحافظات وإخضاع العاملين في المجازر للفحص، وإمداد المستشفيات بالأمصال والعلاجات اللازمة.

وسجلت أسعار اللحوم الحمراء انخفاضا حادا إثر انتشار الفيروس، بعد أن بات الكثير من المواطنين يتجنبون شراءها، فيما تضاعفت أسعار لحوم الدواجن والأسماك.

ويؤكد أطباء أن الإهمال الصحي والبيئي سبب مباشر لتفشي الفيروس. إذ يؤدي الذبح العشوائي للماشية في بيئة لا تتوافق مع الشروط الصحية، إلى انتشار القوارض والبعوض التي تعتبر من أبرز نواقل الفيروس.

لا علاج

يقول الطبيب عباس الربيعي، ان القضاء على الفيروس غير ممكن لعدم وجود علاج “لكن بالإمكان الوقاية من الإصابة من خلال نشر الوعي في المناطق الريفية، ومناطق السكن العشوائي التي تكثر فيها القوارض والحشرات، والتي سجلت فيها أغلب الإصابات”.

وتفيد المعلومات الصحية المتوافرة حول هذا الفيروس، بأن أسباب إصابة الإنسان متعددة، ومن بينها التعرض للدغات الحشرات المصابة بالعدوى، أو مخالطة الحيوانات المصابة أثناء ذبحها من دون استخدام الملابس والتجهيزات الواقية، فضلا عن انتقال العدوى من أشخاص مصابين.

تجنب اللحوم الحمراء

وباتت الحمى النزفية تشغل حيزاً من أحاديث العراقيين اليومية. فقد بدأوا يتخذون الاحتياطات للوقاية من الإصابة، لكن البعض يبالغ كثيراً في ذلك - بحسب عادل جميل، وهو صاحب محل جزارة في منطقة الكرادة.

يوضح جميل في حديث صحفي، أن بعض زبائنه المعتادين صاروا يحجمون عن شراء اللحوم خوفاً من الإصابة بالفيروس، مشيراً إلى أنه يحاول دوماً التأكيد لهم أن محال الجزارة المرخصة تراعي الشروط الصحية، وبالتالي لا يمكن أن تكون لحومها ناقلة للفيروس.

ويضيف قوله: “أعتقد أن عزوف الناس عن الشراء وقتي، فارتفاع عدد الإصابات يثير القلق”.

مسلحون يحمون المخالفين!

وتنتشر في أنحاء العراق مجازر غير مرخصة. فيما تنتشر في بعض الأحياء السكنية الشعبية حظائر عشوائية لتربية الماشية، بعضها يقوم بجزر الحيوانات وبيع لحمها.

يقول المفتش في وزارة الصحة، فاضل خضر، ان لجان التفتيش في الوزارة تقوم بمداهمة مواقع الجزر العشوائي، مستدركاً “لكن البعض ممن يمارسون هذه المهنة لا يمكن محاسبتهم كونهم على ارتباط بجهات مسلحة. وهناك مشكلات أخرى تتعلق بالنزاهة، فبعض اللجان الرقابية لا تتخذ الإجراءات اللازمة، أو تتغاضى عن المخالفين مقابل تلقي الأموال”.

ويضيف خضر أن “الماشية المصابة بالأمراض يحظر ذبحها إلا بموافقة من الطبيب البيطري. فهناك أمراض لا تؤثر على صحة الإنسان بعد طهي اللحوم، إذ ينتهي الفيروس في درجة حرارة 50 مئوية”، مبينا أن “المجازر المرخصة تحظى برقابة طبية، ويرتدي العاملون فيها ملابس ونظارات واقية كي لا يصابوا بالأمراض. لكن هذه الاحترازات غير موجودة في المجازر العشوائية”.

انتشار الوعي

يؤكد الطبيب البيطري حيدر قاسم، الذي يدير وحدة للطب البيطري في محافظة ديالى، زيادة انتشار الوعي بين الكثيرين من مربي الماشية، الذين يحاولون منع إصابة ماشيتهم بالفيروس، وبالتالي تفادي انتقاله إلى البشر، مضيفاً في حديث صحفي، أن “تواصل سكان القرى المحيطة مع الوحدة البيطرية زاد بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة. فالجميع يسعون للحفاظ على صحتهم وصحة ماشيتهم”.

ويتابع قوله: “بات أغلب عمل وحدتنا البيطرية داخل الحظائر. إذ يتم استدعاؤنا باستمرار لمتابعة أحوال الماشية. وأعتقد أن الالتزام بالنصائح الطبية أمر مهم لمنع تفشي الفيروس”، موضحا أنه “بالإمكان القضاء على الفيروس في جميع المناطق في حال اعتماد طرق المكافحة الصحيحة، والالتزام بإرشادات اللجان الطبية والبيئية، وإلا فإن الفيروس سينتشر، وسوف تسجل إصابات ووفيات أكبر، وسيطول وقت مكوثه في البلاد، وقد يصل إلى بلاد مجاورة”.

شائعات ومبالغات

بعد انتشار الحمى النزفية بات العديد من الناس يطلقون الشائعات حولها. إذ يروج البعض ان هذا الفيروس سيتسبب في غلق الحدود، ويشبه آخرون مخاطره بمخاطر فيروس إيبولا الذي ضرب دولا أفريقية عدة قبل سنوات.

تقول نجاة حميد (57 سنة) ان أولادها يمنعونها من مغادرة البيت، ويجلبون لها كل ما تحتاجه من مستلزمات معيشية، خوفاً من إمكانية إصابتها بالفيروس، موضحة أن خوف أولادها مرده إلى كون مناعتها ضعيفة، ويمكنها التقاط العدوى الفيروسية بسهولة.

فيما يعتقد صلاح المعموري، أن ظهور فيروس جديد في بلاده “أمر بديهي”. ويقول أن “العراق من أسهل مناطق العالم التي يمكن للفيروسات أن تنتشر فيها، كونه بلداً يدار بشكل خاطئ. هناك فساد إداري كبير، وهناك إهمال للبيئة، وإهمال للصحة نتيجة هذا الفساد، ومع التراجع الخطير في الاهتمام بصحة البشر فإنه من السهل انتشار أي فيروس”.