اخر الاخبار

أكثر من ستة أشهر مرت على إجراء انتخابات مجلس النواب، ولايزال الاستعصاء السياسي مستمرا. وعلى الرغم من المقاطعة الشعبية الواسعة لصناديق الاقتراع بسبب فقدان الثقة بنظام المحاصصة وقواه الحاكمة، لم يحدث شيء ايجابي لاجل استعادة هذه الثقة.

ويبدي مواطنون سخطهم بشأن تعمق الأزمة السياسية وعدم اكتراث أصحاب القرار بهذا الفشل في ظل ظروف معيشية واقتصادية صعبة وأداء نيابي لا يرتقي لمستوى هذه الأزمات.

أجرت «طريق الشعب» استطلاعا للرأي بشأن العملية السياسية الحالية والأداء السياسي. وأبدى مواطنون يأسهم من عدم إمكانية أن تخرج القوى المتنفذة بالحلول اللازمة، كونها جزءا أساسيا من الأزمة، ما يتطلب التفكير ببديل لهذا المأزق السياسي، الذي جعل البلاد على حافة الهاوية.

صواب قرار المقاطعة

تقول الناشطة المدنية صابرين السرّاي، ان قرار المقاطعة للانتخابات النيابية كان محل جدل كبير، لكن مجريات الوضع الحالي «أثبتت صوابه وقربه من الواقع».

السرّاي أشارت إلى أن البرلمان بات يقترب من اختتام فصله التشريعي الأول، لكنه «لم يقدم أي أداء واقعي لمواجهة الأزمات التي تواجه البلد: فشل في انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي فهو لم يمهد لتشكيل حكومة جديدة، وذلك بسبب الخلافات السياسية الواضحة والصريحة والتي أصبحت محط غضب وسخرية المواطنين».

وبيّنت الناشطة أن «المسألة ليست بصواب المقاطعين أو خطأ المشاركين في الانتخابات، لكن ما تقوم به القوى المتنفذة داخل مجلس النواب خير دليل على أن المقاطعة كانت خيارا مناسبا لأن القوى الحاكمة بعيدة كل البعد عن إيجاد أي مخرج من هذه الأزمات، وهذا ما يدعونا للتفكير بكيفية تغيير الواقع الحالي، بعيدا عنها».

أزمة سياسية وخرق دستوري

أما عدي طالب، أحد حملة الشهادات العليا، فيرى أن البرلمان تحول إلى ساحة صراع سياسي من أجل نيل المناصب، وانقسم إلى فرق متصارعة لا هم لها سوى مصالحها.

ووفقا لطالب، فإن «المهل الدستورية انتهت ولم تنجح القوى السياسية بانتخاب رئيس للجمهورية، فكيف يمكن لنظام سياسي اعتاد على خرق مواد الدستور أن يلبي ما يريد الشارع المحتج معالجته؟».

ويتوقع المتحدث أن «تتعمق الأزمة بشكل أكبر. هناك تناقض هائل بين صراع المصالح الذي يجري ومطاليب المواطنين والمحتجين والعاطلين على العمل، حيث لن ينتهي الأمر سوى بغضب جماهيري قد يكون أكبر من انتفاضة تشرين»، مضيفا «لا أحد يمكن أن يتوقع حلا للظرف الراهن، الأنانية والبحث عن السلطة تعمقت في نظام الحكم وبعد مرور هذه الفترة على نتائج الانتخابات ما زالت الكتل تتفاوض وكأن الانتخابات قد انقضت يوم أمس. ما زال العاطلون عن العمل والخريجون ينتظرون فسحة من الأمل وهذا لن يصمد طويلا، بسبب ظروف المعيشة وغلاء الأسعار».

من جانبه، يعتقد المواطن مهند البياتي، أن البرلمان الحالي لا يمثل الشعب العراقي لأنه «جاء بقانون انتخابي غير عادل وبنسبة مقاطعة كبيرة جدا».

ويقول: «أصبح المواطنون على يقين بأن الحلول غير ممكنة وفقا لهذا المشهد. يجب أن يكون هناك تغيير من خارج هذه الكتل المتنفذة، ولا بد من استعادة روح الاحتجاجات لمواجهة ما يجري، كونها الوسيلة الأكثر تأثيرا».

اقتصاد هشّ

وبينما لم تنجح المحاولات في انتخاب رئيس الجمهورية الجديد وتشكيل الحكومة، فشل البرلمان أيضا في تشريع قانون الموازنة برغم أن البلاد على صفيح ساخن.

ويتحدث محمود خضير، تاجر مواد غذائية، عن بقاء البلد بدون موازنة بعد مرور 4 أشهر من العام الحالي وهذا يوضح بأن «المجلس التشريعي هو أداة لعكس إرادات الكتل السياسية، وليس المزاج الشعبي أو متطلباته».

خضير يقول أن «الموازنة الغائبة رهنت أمورا كثيرة جدا تمس حياة المواطنين. هنالك ركود اقتصادي يمكن ملاحظته، ومن ثم أزمة غلاء مستفحلة في الأسواق وفشل يتراكم في حماية المنتجات المحلية والصناعة الوطنية. كل شيء يسير عكس ما يريده الشارع. حتى بعد ارتفاع أسعار النفط لم نرَ أي تغيير ملموس، بينما نسب البطالة والفقر تزيد بشكل مخيف»، مردفا «لا أعتقد أن الأمور ستبقى ساكنة لأنها أصبحت تتعلق بلقمة المعيشة، وما يقابلها من استهتار».

ورصدت «طريق الشعب» سخطا شعبيا واسعا تجاه سوء الإدارة والفساد المتفشي في مفاصل الدولة ورعايته من قبل المتنفذين.

ويؤكد مواطنون أنهم غير مؤمنين بإجراء الإصلاحات من خلال نفس القوى التي تتقاتل على السلطة منذ قرابة عقدين، فيما أجمعت الآراء على أن التغيير بات ضرورة لكنه يتطلب حراكا كبيرا مشروطا باستعادة روح الانتفاضة وتوحيد جهود الغالبية العظمى من العراقيين المتضررين من نظام المحاصصة وتداعياتها الوخيمة.