اخر الاخبار

تشهد محافظة ديالى منذ أكثر من عام، موجة جفاف شديدة جرّاء قطع إيران العديد من روافد الأنهار عن العراق وتحويل مجاري أخرى إلى أراضيها ومنعها من دخول الأراضي العراقية. وفيما تواصل وزارة الموارد المائية التلويح بتدويل هذه القضية، لا تزال المشكلة قائمة وتزداد تعقيدا يوما تلو آخر.  

وأدت موجة الجفاف المتفاقمة في ديالى، إلى هجرة أعداد كبيرة من الفلاحين والمزارعين من المناطق الريفية إلى مراكز المدن، بعد أن باعوا ماشيتهم وتركوا أراضيهم في ظل استمرار شح المياه وعدم توصل الحكومة إلى حلول لهذه الأزمة.

وفي سياق هذه الأزمة، أعلنت مديرية الموارد المائية في ديالى، أول أمس الثلاثاء، إلغاء الخطة الزراعية الصيفية واعتماد إجراءات تقشفية حادة لمواجهة أزمة الجفاف وشح الإيرادات المائية.

وقال مدير الدائرة، مهند المعموري في حديث صحفي، ان “الإيرادات المائية ستتوجه فقط لتأمين ماء الشرب وسقي البساتين”.

الأرياف باتت رمادية

عضو اتحاد الجمعيات الفلاحية في ديالى، سعد سليم، يقول في حديث صحفي أن “الأسابيع الماضية شهدت أعلى نسب الهجرة من الريف إلى المدينة، بعد أن تحوّلت الأرياف إلى رمادية اللون بسبب الجفاف الذي أوقف الأنشطة الزراعية وتربية الماشية والحياة بشكلٍ شبه كامل في هذه المناطق”.

ويضيف قائلا، أن “تجارة الثروة الحيوانية في أرياف ديالى معرضة للخسارة، الأمر الذي بات يثير قلق معظم المراقبين في المحافظة، خصوصاً في مناطق بلدروز وكنعان والخالص وبعقوبة، وصولاً إلى المناطق المحاذية للعاصمة، مثل القرى القريبة من بلدة خان بني سعد”، مؤكداً أن “الجفاف الحاد وشح المياه، هو السبب الرئيس الذي يدفع المزارعين إلى ترك الريف واللجوء إلى المدينة. وقد تسببت هذه المشكلة في تصحر البساتين، وتحولها إلى أراضٍ سكنية، في الوقت الذي كان فيه أكثر من 60 في المائة من سكان ديالى يعتمدون في معيشتهم على الزراعة”.

ولا تتوفر أرقام رسمية بشأن عدد القرى التي تضررت جراء الجفاف، لكن مسؤولين وناشطين يقدرونها بالعشرات، ترك الكثير من سكانها منازلهم وارتحلوا إلى مدن أخرى بحثاً عن عمل غير الزراعة.

مجاري الأنهار تحولت إلى ساحات!

من جهته، يشير المزارع عمار التميمي، الذي يسكن قرية تتبع أطراف مدينة بعقوبة، إلى أن “الجفاف وصل إلى أعلى مراحله في المنطقة، خصوصاً مع تراجع معدلات الأمطار، ما الحق المزارعين بخسائر كبيرة”، مؤكدا في حديث صحفي، أن “معظم الأنهر والروافد المارة بمحافظة ديالى نابعة من إيران، وقد أقدمت هذه الجارة على قطع المياه عن المحافظة بشكل كامل، حتى تحولت مجاري الأنهار إلى ساحات للعب كرة القدم!”.

مياه الشرب في خطر

أما النائب السابق عن ديالى، فرات التميمي، فيؤكد أن “أزمة الجفاف باتت تهدد مياه الشرب، وهناك احتمالات ببلوغ الأزمة مرحلة خطيرة”، موضحاً في حديث صحفي، أن “الحكومة مطالبة بمعالجة أزمة المياه التي صارت تشبه الإرهاب الذي يهدد الحياة الاجتماعية، لا سيما مع استمرار تزايد نزوح الفلاحين من الأرياف إلى المدن”. وكان وزير الموارد المائية، مهدي الحمداني، قد ذكر في تصريح صحفي سابق ان العراق يواجه وضعاً مائياً “صعباً للغاية” بسبب سياسة إيران الأخيرة تجاهه، والمتضمنة قطع عدد من روافد الأنهار وتحويل مجرى أخرى إلى أراضيها، مبينا أن هناك اخفاقا في التوصل إلى اتفاق مع إيران في هذا الإطار، على عكس الجانب التركي الذي أبدى تجاوبا. وعلى الرغم من حديث الحكومة عن تدويل قضية المياه مع إيران، إلا أن الجانب الإيراني لا يزال يرفض إطلاق حصص العراق المائية التي تأتي عن طريق روافد للمياه تصب أكثرها في محافظة ديالى. وكانت غالبية أراضي ديالى عبارة عن مزارع وبساتين، قبل أن تقضي عليها الحرائق المفتعلة وبعدها الجفاف.

“الرگي” سيغيب!

إلى ذلك، كشف مدير ناحية العظيم في ديالى، عبد الجبار العبيدي، عن تقلص “غير مسبوق” في زراعة فاكهة الصيف في البلاد هذا الموسم، مبينا في حديث صحفي، أن “الرقّي الذي يعد من أشهر فواكه الصيف، وعنصرا أساسيا في موائد العراقيين، ربما سيغيب بشكل كبير خلال الموسم الحالي، في ظل تقلص حجم الأراضي المزروعة بنسبة 70 في المائة، وربما أكثر”.  واضاف ان “الجفاف دفع المزارعين لهذا الخيار. وما ستتم زراعته سيسقى بشكل مباشر من الآبار الارتوازية”، مؤكدا ان الرقي محصول استراتيجي في العظيم، وتوقف زراعته كارثة اخرى تضاف إلى هذه المنطقة، التي تشكل الزراعة عصب الحياة فيها. إذ سيخلف ذلك بطالة في صفوف المزارعين، وفقرا سيضرب آلاف الأسر”.