اخر الاخبار

عمت مدن عراقية عديدة، موجة من الإحتجاجات الشعبية، التي عبرت فيها الجماهير الغاضبة، عن رفضها للإرتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية، وطالبت بحماية أمنها وأمن أطفالها الغذائي، في وقت حُرمت فيه، ومنذ سنوات، من أبسط الخدمات الأساسية، فيما تنهب الطغمة المتنفذة ثروات البلاد. ويستعرض هذا التقرير الذي أعده كلٌّ من أحمد طه (الشطرة) وباسم صاحب (ذي قار)، حافظ الجاسم (البصرة) وعبد الحسين السماوي (المثنى)، معاناة الناس من أزمة أسعار المواد الغذائية التي تضاعفت عما كانت تشهده من ارتفاع، كان قد عزز وفاقم تدني مستويات المعيشة ونسب البطالة والفقر وغيرها مما يثقل كاهل المواطنين.

في الشطرة

ففي مدينة الشطرة، خرج الناس في تظاهرة حاشدة سميت بـ (ثورة الجياع) وذلك احتجاجا على ارتفاع أسعار الغذاء في المدينة ولاسيما أسعار مادتي الزيت والطحين، وبشكل بات يقلق أغلب العوائل، ولاسيما أصحاب الدخل المحدود.

وطالب المتظاهرون الحكومة المركزية بمعالجة المشاكل التي يعانون منها وتقديم الدعم اللازم للعوائل الفقيرة عبر حلول سريعة، تتناسب مع تدني مستويات المعيشة وارتفاع نسب البطالة، وخاصة بين الشباب.

وقال أحد المتظاهرين لـ “طريق الشعب”، “إن أسعار أغلب المواد الغذائية قد تضاعفت خلال الأيام القليلة الماضية، مما صار صعباً علينا إعالة اطفالنا وعوائلنا”، مؤكداً على تواصل وتصاعد الاحتجاجات حتى تتحرك الحكومة وتجد حلاً لمشاكل الناس.

من جهته، أكد الناشط المدني ماجد جابر لـ”طريق الشعب”، أن القطاع الخاص في المدينة يعاني من موت سريري بسبب ارتفاع اسعار صرف الدولار، وعدم وجود خطة استراتيجية للحكومة بهدف تطويره ودعمه، ليساهم معها في حل مشاكل البلاد، فيما اختفى الانتاجان الصناعي والزراعي المحليان. وحذر جابر من تصاعد الاحتجاجات، إذا ما أهملها المتنفذون وبقوا يتصارعون على المغانم، خاصة وقد اهملوا الموازنة ولم تتم المصادقة عليها رغم إنقضاء ربع العام الجاري.

.. وفي الناصرية

أثارت المنحة الصغيرة، التي قدمتها الحكومة لمحدودي الدخل، سخرية الناس، بسبب ضآلتها وما قد تشكله من ذريعة يتخذها الجشعون للمزيد من رفع الأسعار، وطالبوا بإستخدام هذه الأموال في ديمومة وانتظام البطاقة التموينية، وتحسين نوعيتها وزيادة مفرداتها، والقيام بحملة لتخفيض الأسعار.

ويقول د . ياسر البراك لـ”طريق الشعب”، ان “قرار الحكومة الاخير حول منحة 100 الف دينار (ترقيعي)”، معتبرا ان “حكومات الفساد دأبت على اتخاذ هكذا قرارات منذ عام 2003 حتى الان، من دون وضع حلول جذرية لازمة الفقر المتفاقمة في البلد، والتفاوت الكبير بين رواتب الموظفين خاصة الطبقات الدنيا من المجتمع التي تعاني من شظف العيش”.

واضاف، ان “غياب مفردات البطاقة التموينية وتردي جودة المواد الغذائية الشحيحة التي تمنح للمواطنين بشكل متذبذب الى درجة جعلت من المواطن يكد من اجل سد فجوة تلك المواد من ماله الشحيح”  وتابع ان “رفع الرسوم الكمركية عن التجار سيؤدي بالضرورة الى رفع اسعار السلع وخاصة المواد الغذائية وبالنتيجة سيكون المواطن هو الضحية الاولى لذلك الارتفاع”.

 البصرة

وأدى الارتفاع المريع في أسعار الغذاء، في ظل تعمق أزمة نظام المحاصصة والفساد، الى اشتداد السخط والغضب الشعبيين في محافظة البصرة.

ويقول د. يسر الفرطوسي، عضو تنسيقية التيار الديمقراطي في المدينة لـ”طريق الشعب”، أن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار، وأزمة الحرب الروسية الاوكرانية، قد عمقا الأزمة الاقتصادية وكشفا عن غياب أي خطط للطوارئ لدى الدولة، ما يهدد بحدوث صعاب اكثر قسوة على الناس، واشتداد الفقر والبطالة، وما يمكن أن يجلبه ذلك من مشاكل اجتماعية خطيرة.

ويندد الفرطوسي بالاحتكار الذي يمارسه التجار، وبعدم وجود أية قوانين تنظم السوق.

وضمن السياق، يؤكد العامل حسين احمد، عدم وجود قرارات فعلية وصادقة في مكافحة جشع التجار واصحاب الأسواق، بحيث صارت ظاهرة ارتفاع الاسعار أمراً دورياً، لاسيما في المناسبات كاقتراب شهر رمضان الذي ترتفع فيه أسعار المواد سنوياً دون حسيب أو رقيب، فيما تشتد معاناة الناس مع ندرة توزيع البطاقة التموينية ورداءة نوعية موادها.

ويرفض بسام عقيل، صاحب متجر صغير، توجيه اللوم لأصحاب المحال الصغيرة، الذين لا دخل لهم بتحديد الأسعار، إنما يحددها كما هو معروف كبار التجار.

ويستطرد قائلاً “يقوم التجار بتكديس كميات هائلة من المواد الغذائية حتى تحل المناسبة، فيطلقونها للسوق بأسعار باهظة، ونضطر نحن الى بيعها مع هامش ربح صغير”.

 السماوة

وفي محافظة المثنى أثقل ارتفاع الأسعار وخاصة في سوق المواد الغذائية، كاهل الناس، في وقت تحتل فيه محافظة المثنى، المرتبة الأولى بمعدلات الفقر بنسبة تصل الى 49 في المائة، حسب احصائيات وزارة التخطيط.

وارتفع سعر كيس الطحين في المحافظة من 27 الف دينار إلى 45 الفا، الامر الذي صار يهدد بحرمان الناس من لقمة الخبز.

ويذكر سلام الوائلي، مسؤول المخابز والافران في السماوة، في حديث مع “طريق الشعب”، انه لم يعد بإمكان المواطن شراء 8 أرغفة خبز بألف دينار، كما إعتادت مخابز المدينة على بيعه، وانما قل العدد الى 5 ـ 7 مقابل الألف دينار، بسبب ارتفاع أسعار الطحين.

ويؤكد الوائلي، أن بعض الافران قد أغلقت أبوابها بسبب هذا الغلاء غير المبرر لمادة الطحين، ما أوجد أزمة حقيقية في توفير الخبز، مشيراً الى أنه حث جميع أصحاب الافران على مراعاة المواطنين في البيع وعدم استغلال هذا الوضع.

ويطالب حمدان الجياشي، صاحب فرن في منطقة الاسكان، والذي رفض تخفيض عدد الأرغفة رغم ارتفاع سعر الطحين، في حديث مع “طريق الشعب”، وزير التجارة بتجهيز الافران والمخابز الأهلية بمادة الطحين وبسعر مناسب أقل من السعر الحالي المرتفع في السوق، مقابل أن تبيع الخبز بالسعر القديم.

ويعتقد المواطن محمود كاظم أن السبب يكمن في جشع التجار، الذين لا يراعون الحالة المعيشة للفرد العراقي، خاصة وهم يرون الحكومة عاجزة على محاسبتهم أو ردع تلاعبهم بالأسعار.

وتطالب المواطنة أم علي الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق ومتابعة الاسعار ومحاسبة المخالفين والاستمرار في توزيع مفردات البطاقة التموينية دون تأخير.