اخر الاخبار

في الوقت الذي يستعر فيه الصراع الروسي ـ الأوكراني، بدأت تتعطل إمدادات العديد من السلع الغذائية والإنشائية، التي يعتمد عليها العراقيون في تغطية احتياجاتهم اليومية، الامر الذي ينبئ بأن معيشة الفقراء لم تصل بعد للقاع، ربما هناك حال أسوأ يهدد معيشتهم، ما لم تتدارك الحكومة تلك التداعيات، وتتخذ إجراءات حمائية تمنع التأثير المأساوي المحتمل على حياة الناس. 

ويواصل العراقيون بشكل شبه الاحتجاج هنا وهناك تنديدا بارتفاع أسعار المواد الغذائية وشح فرص العمل وغير ذلك، وبالتالي على الحكومة تدارك اندلاع أية تظاهرات غاضبة، اذا ما طالت تداعيات الحرب قوت الفقراء من العراقيين.

105 دولارات برميل النفط

وارتفعت المؤشرات العقود الآجلة للنفط بأكثر من 5 في المائة ، وتباينت الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أمس الإثنين، حيث يراقب المستثمرون الأزمة الروسية الأوكرانية والعقوبات ذات الصلة. 

وصعد خام القياس العالمي مزيج برنت أكثر من 7 دولارات إلى 105.07 دولار للبرميل، وتجاوز خام برنت مستوى 100 دولار الأسبوع الماضي، حتى أنه لامس 105 دولارات قبل تقليص المكاسب. وبالتالي فان ذلك ينعكس بشكل إيجابي على إيرادات العراق من النفط

السليمانية.. أول المتضررين

وقال بيشوا سيروان (وهو رجل أعمال في السليمانية) في حديث مع موقع غرفة التجارة في السليمانية، ان أوكرانيا قررت ايقاف التعامل معهم تماما، بسبب الإعلان عن حالة الطوارئ هناك لمدة 30 يوما، مشيرا الى ان ذلك “”يسبب ضررا كبيرا لرجال الأعمال”.   

وتشمل المنتجات الاوكرانية المصدرة الى السليمانية، مجموعة متنوعة مثل الاغذية والعصير والالبان والأندومي ومساحيق النظافة والفحم والعديد من المنتجات الاخرى.  

وطبقا لكلام سيروان، ان “التجار يبحثون عن إيجاد بدائل أخرى للبضائع والمواد الأوكرانية، في الدول المجاورة للعراق كتركيا وإيران”.  

إيران وتركيا تتصدران المستفيدين

وفي هذا الصدد، قال عضو مجلس إدارة غرفة التجارة العراقية الايرانية المشتركة حامد حسيني، لوكالة “فارس” الايرانية، إن واردات العراق من اوكرانيا ستنخفض عقب التطورات الجارية فيها، وبهذا ستستطيع ايران الاستحواذ على حصتها من السوق العراقية.

وزاد حسيني، أن “إيران وتركيا من أوائل البلدان التي تستطيع تلبية احتياجات العراق”.

زيت عباد الشمس

ونبّه تقرير أعدته صحيفة “المونيتور” الامريكية، الى ان واردات زيت عباد الشمس في الشرق الأوسط قد تتأثر قريبا بالهجوم الروسي على أوكرانيا.

وكان العراق قد استورد ما نسبته 87.8 في المائة من زيت عباد الشمس من أوكرانيا في عام 2020. 

ووفقا لمرصد التعقيد الاقتصادي ـ مقره معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا  ـ أن أوكرانيا كانت أكبر مصدر لبذور عباد الشمس - زيت القرطم (زيت العصفر) في عام 2019، إذ شكلت 45.8 في المائة من الصادرات العالمية، واحتلت روسيا المرتبة الثانية بنسبة 23.4 في المائة من السوق. 

تعطيل أسلحة الخط الثاني

وناقشت صفحة خلية الخبراء التكتيكية (متخصصة بالجانب العسكري العراقي) في تدوينة مطولة: المخاطر والاثار المحتملة للعقوبات المفروضة على روسيا، على قطاع التسليح العراقي من الاسلحة الروسية، وامكانية ان تخرج اسلحة روسية ومروحيات مقاتلة مهمة عن الخدمة. 

وتشكل هذه الاسلحة، بحسب الدراسة، ما لا يقل عن 20 في المائة من القوة الضاربة للجيش العراقي، وتمثل في اغلبها اسلحة خط ثاني واسلحة ساندة للقوات العراقية.

خبير يكشف مؤثرات عديدة

وسلّط استاذ الاقتصاد في جامعة البصرة الدكتور نبيل المرسومي، الضوء على آثار العقوبات ضد روسيا جراء غزوها لأوكرانيا، والمتمثلة بإخراجها من نظام “سويفت”، على استثماراتها في قطاع الطاقة العراقي. 

ونظام سويفت ـ اسم مختصر لجمعية الاتصالات المالية بين المصارف في العالم ـ يربط أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية، تعمل في أكثر من 200 بلد، ما يجعلها بمثابة العمود الفقري لنظام التحويلات المالية في العالم، وهو أقوى الأسلحة المالية التي يمكن أن تُعاقب به دولة، إذ يقطع البلاد عن جزء كبير من النظام المالي العالمي.  

وقال المرسومي، في تدوينة طالعتها “طريق الشعب”، إن إخراج روسيا من سويفت يؤدي الى إلحاق الضرر بالتجارة الروسية، وسيكون من الصعب على الشركات الروسية القيام بأعمال تجارية، إذ أن بنوكها لن تكون قادرة على التواصل بشكل آمن مع البنوك خارج حدودها، وهي نفس العقوبة التي صدرت بحق إيران في عام 2014 بعد التطورات في برنامج طهران النووي.

وزاد المرسومي، أن تلك العقوبات يمكن أن تؤثر على العراق، إذ أن السوق الآسيوية تستورد نحو ثلثي صادرات العراق من النفط الخام وخاصة الهند والصين، إذ ستعرض روسيا خام الأورال المماثل لخام البصرة المتوسط بأسعار مخفضة وهو ما قد يفقد العراق جزءا من حصته السوقية في آسيا. في حين يمكن للعراق أن يزيد من صادراته النفطية إلى الأسواق الأوروبية خاصة في ضوء ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين على الصادرات النفطية الروسية. 

وأشار إلى أنه “وفي المقابل هناك استثمارات روسية في قطاع النفط والغاز العراقي تزيد عن 13 مليار دولار، وستتأثر معظم الاستثمارات الروسية في العراق وخاصة للشركات العاملة في حقول التراخيص النفطية التي تسدد تكاليفها وأرباحها عينا أي مقابل كمية معينة من النفط المنتج مما يتطلب البحث عن آلية جديدة لتسوية الحسابات مع الحكومة العراقية”.

للقمح.. حكاية أخرى

فيما حذر الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، من ان العراق سيتأثر بارتفاع اسعار القمح عالميا، على خلفية الحرب الروسية ـ الأوكرانية، مردفا “الا انه الأقل تأثرا من باقي الدول العربية”.

وقال علي: ان “اوكرانيا وروسيا تشكلان سلة الحبوب لنحو 30 في المائة من دول العالم وغيابهما سيشكل شحا في المعروض الدولي من القمح. والدول العربية من بين أبرز مشتري القمح الاوكراني والروسي وخصوصا مصر والمغرب”.

واضاف ان “العراق هو الأقل تأثرا نسبيا من باقي الدول العربية، كونه يعتمد غالبا على مصادر متنوعة للقمح منها الإنتاج المحلي وكذلك الاستيراد من استراليا”، مستدركا في الوقت نفسه ان “الحنطة الاوكرانية تدخل بشكل غير رسمي وتسوق الى السايلوات على انها حنطة محلية”.

وفي السياق، اكدت وزارة التجارة، ان العراق لديه خزين جيد من الحنطة لمواجهة الازمة الحالية في اوكرانيا من خلال الانتاج المحلي، اضافة الى التعاقد مع استراليا لتوريد القمح منهم وبكميات جيدة.