اخر الاخبار

والسعادة عندما تُسرق من ذاكرة الطفل لن تعوض، كنت في عمر التاسعة نهضت من فراشي على هلهولة الوالدة تنادي انهضوا صارت ثورة وأسقطوا الملكية.

نزلت للشارع المقابل لبيتنا رأيت أخوتي مشاركين في المسيرة الكبرى تأييداً للثورة واستمرت الأعياد، كان الناس فرحين وبدأت منجزات الثورة من تأميم النفط والقضاء على الإقطاع وتوزيع الأراضي للفلاحين وبناء الدور للفقراء وتحسين البرامج الدراسية وتشكيل النقابات العمالية وبرمجة المسيرات حيث خرج مليون إنسان احتفالا بعيد العمال العالمي.

لن أنسى الصور الجميلة الملصقة على واجهة بيتنا مزركشة بالأضوية الملونة لأبطال ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة، صورة الزعيم عبد الكريم قاسم وماجد محمد أمين والمهداوي ووصفي طاهر.

مرت الأيام والسعادة تملأ وجوه الشعب، الكل يعمل وبعد العمل يذهبون للنوادي الرياضية أو المشاركة بالنشاطات الفنية من مسرح وسينما.

كانت هناك قناعة لدى الجميع بأن العراق سوف يكون دولة راقية ومتقدمة، لكن يد الشر امتدت للقضاء على منجزات الثورة من قبل العدو الخارجي والداخلي، ومحاولة اغتيال الزعيم الفاشلة هي خير دليل على ذلك.

والأيادي الخبيثة المدعومة من جمال عبد الناصر والكويت ومحسن الحكيم وأتباعه من تُجار العراق الذين ضربت مصالحهم دعموا انقلاب شباط المشؤوم الذي أطاح وقضى على منجزات ثورة الرابع عشر من تموز بتصفية الضباط الأحرار وعلى رأسهم الزعيم عبد الكريم قاسم.

وبهذا تحولت أفراح الشعب الى كابوس مظلم. وجاءت الذئاب المتوحشة المتثعلبة (الحرس القومي).

عند خروج المتظاهرين مستنكرين هذا الانقلاب أمام المحافظة وانا مشارك فضولي لصغر سني أو بالأحرى دعماً لأخوتي الذين كانوا من أنصار الثورة هجموا على مركز الشرطة والحرس القومي في البصرة وجردوهم من السلاح وفي هذه اللحظة بدأ أحد جحوش الحرس القومي بالرمي بالدوشكا من سطح المحافظة على الجماهير العزّل.

سقط الكثير قتلى وجرحى وسمعت صوت أخي يقول انقلوا الجرحى لبيوتكم لا للمستشفى تفادياً من اعتقالهم.

وفي نفس اليوم ليلاً اقتحموا بيتنا ولم يستطيعوا اعتقال إخوتي.

لن ولم أنس الرعب والخوف حيث سقطت أمي أرضاً وكانت ترتعش من شدة الخوف عليهم.

وقد دخل الحرس القومي وهم مدججون (بسلاح البور سعيد) وقاموا بتكسير جميع الأواني الزجاجية المزّينة بصورة الزعيم.

نعم هي انتكاسة وخيبة أمل لمشاعري الطفولية.

ترعرعت وكنت أتمنى أن أعيش بوطن يضاهي نظامه أنظمة البلدان الدستورية الراقية المتمثلة بالعدالة.

الخزي والعار للأنظمة الظلامية ومنهم

جحوش انقلاب شباط وكل المجد لشهداء

ثورة الربع عشر من تموز المجيدة.

عرض مقالات: