اخر الاخبار

شهد أهالي بغداد خلال الأسابيع التي مضت، عددا من الهجمات التي طالت مقرّات حزبية ومصارف يقال أنها تعود لجهات متنفذة، اضافة الى استهداف منزل نائب في البرلمان العراقي. وبسبب تزامنها مع المناكفات السياسية بشأن تشكيل الحكومة القادمة، يجد المراقبون في تصاعد موجة العنف وما يحدث من إختراقات أمنية، مجموعة من “الرسائل السياسية” بغض النظر عن من يرتكبها، فالخطاب الحالي والتهديدات التي يطلقها البعض بمضاعفة المخاطر، إن لم تتم ترضيته سياسياً، يهدف الى استغلال ما يجري من أجل الوصول إلى شكل يرضي جميع الأطراف في السلطة!

هجمات متكررة

وكانت السلطات الأمنية، قد أعلنت ليلة الأحد الماضي، عن وقوع تفجيرين، استهدفا مصرفين وسط العاصمة، حيث أكدت خلية الإعلام الأمني في بيان طالعته “طريق الشعب”، أن “القوات الأمنية تفتح تحقيقاً في حادثتين متزامنتين وقعتا في منطقة الكرادة ببغداد”. وأضافت أن “الانفجار الأول هو عبوة صوتية على مصرف جيهان قرب المسرح الوطني، فيما كان الثاني انفجاراً لعبوة صوتية أيضاً، استهدفت مصرف كردستان بالقرب من ساحة الواثق. وقد أسفر الحادثان عن إصابة مواطنين اثنين بجروح طفيفة”.

وكانت العاصمة، قد شهدت مؤخراً عدة هجمات طالت مقرات حزبية بالإضافة إلى المنطقة الخضراء، حيث أُستهدف مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد بقنبلة صوتية ألقاها مجهولون على الباحة الأمامية للمقر، دون أن يسفر الحادث عن خسائر بشرية باستثناء أضرار مادية طفيفة. كما تعرض مقر تحالف تقدم في منطقة الأعظمية لهجوم بقنبلة يدوية من قبل مجهولين والى تفجير عبوة ناسفة عند السياج الخارجي للمقر. واستُهدف منزل نائب ينتمي الى تحالف “تقدم”، بقنبلة صوتية. وتعرض في الليلة نفسها مقر تحالف عزم هو الأخر الى تفجير عبوة ناسفة، فيما شرعت القوات الأمنية بالتحقيق في الحوادث لمعرفة ملابساتها.

على صعيد مشابه، تجددت الهجمات على المنطقة الخضراء، التي تعرضت قبل أيام إلى قصف صاروخي استهدف محيط السفارة الأميركية. و ذكرت خلية الإعلام الأمني في بيان لها انه “في عمل إرهابي جبان، تعرض السكان الأبرياء في المنطقة الخضراء ببغداد ومقرات البعثات الدبلوماسية التي تتحمل القوات الأمنية العراقية مسؤولية حمايتها إلى هجوم بواسطة عدد من الصواريخ انطلقت من منطقة الدورة جنوبي العاصمة”.

رسائل واضحة

وفي الوقت الذي نقلت فيه وكالة فرانس برس عن مصدر أمني قوله أن “الهجمات التي حصلت مؤخرا، تحمل رسائلاً سياسية بشأن تشكيل الحكومة المقبلة”، يرى المراقب للشأن السياسي، أحمد التميمي، في الخطاب الذي يصدر بعد كل هجوم، من بعض الجهات المتنفذة ، رسائلاً واضحة عن مدى الاستفادة من هذه الخروق الأمنية لمصالح نفعية وسياسية. ويقول التميمي لـ”طريق الشعب”، أن “ردود الفعل على الهجمات المتكررة تبين بأنها ضغوط سياسية قوية بشأن عملية تشكيل الحكومة المقبلة. وحتى وأن لم يتورط البعض بها، فأن الخطاب السياسي يوضح حجم الخراب ومدى استعداد البعض لأستغلال أي وضع حرج، من اجل ترسيخ المصالح والنفوذ في الحكومة القادمة، وهو خطاب يفترض أن تتم محاسبة أصحابه، لمخالفته القانون ولاعتدائه على هيبة الدولة”. 

يونامي تدين ما يحصل

وفي السياق ذاته، أدانت بعثة الأمم المتحدة في العراق “ يونامي” التفجيرات التي وقعت في بغداد، داعية السلطات إلى محاسبة الجناة، حيث جاء في بيان أصدرته بهذا الصدد “ندين بشدة التفجيرات التي وقعت في الأيام الأخيرة في بغداد. وندعو السلطات إلى محاسبة الجناة، كما نحث الأطراف المعنية على مواجهة تلك المحاولات السافرة لزعزعة الاستقرار عن طريق التحلي بضبط النفس وتكثيف الحوار للتصدي لأزمات العراق”.

إجراءات حكومية 

وفي أول رد فعل على الخروقات الأمنية، أصدر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، سلسلة من القرارات الأمنية الجديدة بعد اجتماع استثنائي عقده مع كبار قادة الأمن والجيش في بغداد. وبحسب مكتبه الإعلامي فقد ترأس الكاظمي “اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، جرت فيه مناقشة الأوضاع الأمنية التي شهدتها العاصمة، وأكد أنه سيتم اتخاذ إجراءات مشددة ووضع خطط أمنية من شأنها أن تضع حدّاً لمثل هذه الأعمال التخريبية التي تهدّد الأمن العام في البلاد، وستتم إعادة النظر بالقيادات الأمنية التي شهدت قطعاتها خروقات أمنية، وستكون هناك محاسبة لمن يثبت تقصيره في أداء مهامه الأمنية”. وأضاف المكتب الإعلامي أن “الكاظمي وجه القيادات الأمنية كافة بأن تكون خططهم الأمنية والإجراءات المتبعة ملائمة مع الوضع الذي يشهده البلد، وألا تقتصر مهامهم على ردّ الفعل للحدث بعد وقوعه، كما وجه بإعادة توزيع مساحات العمل للأجهزة الأمنية والاستخبارية، مع ضرورة تفعيل الجهد الاستخباري، وأن يكون دوره أساسياً في المواجهات الأمنية، وفي ملاحقة المجاميع الإرهابية وعصابات الجريمة، فضلا عن وضع مكافآت مالية للمواطنين للتبليغ عن أي عنصر مشبوه، وإلزام جميع أصحاب المحال التجارية بوضع كاميرات مراقبة في أماكن عملهم”.

ردود فعل لاحقة

من جانبه، أبلغ مصدر أمني مطلع، جريدتنا “طريق الشعب” بأن “الإجراءات الأمنية دائما ما تأتي كرّدة فعل على الجرائم التي تقع وذلك لوجود خلل حقيقي في بنية المنظومة الأمنية، وتمّكن جهات حزبية من السيطرة على مفاصل كثيرة فيها”. وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن “الخطوات التي أعلنت الحكومة عنها بعد هذه التفجيرات قد تبدو جيدة من حيث محاسبة المقصرين والدعوة لتكثيف الجهد الأمني، لكن الحقيقة تشير الى أن غالبية الهجمات التي وقعت كان لها بعد سياسي، وهذا بعلم الجميع، أي أن جهات فاسدة ومتنفذة راحت تتحاور بالسلاح فيما بينها، والدولة عاجزة عن القيام بشيء لأن نفوذ هذه الجهات وتغلغلها في الدولة، يحدد من قدرة أي رئيس وزراء على تنظيف المؤسسات الأمنية من المتنفذين الفاسدين”. 

هذا وتجدر الاشارة الى تعرض منزل آمر لواء أنصار المرجعية حميد الياسري، في محافظة المثنى، إلى هجوم من قبل مسلحين مجهولين، قبل أيام قليلة. وقال مدير إعلام لواء أنصار المرجعية صلاح لفتة الموسوي، في تصريحات صحفية طالعتها “طريق الشعب”، انه “حصل استهداف لمنزل آمر لواء أنصار المرجعية حميد الياسري، في الساعة الواحدة ليلا واستمر حتى الفجر”. وأوضح الموسوي أن “مجموعة من المسلحين انتشروا في بستان قريب من منزل الياسري، الكائن في منطقة زراعية، حيث توزع المسلحون في البستان، ثم قام شخصان بالاقتراب من المنزل وشنوا هجوماً عليه”.