اخر الاخبار

في انتفاضة تشرين من العام 2019 تمكنت المرأة ـ وبجدارة ـ من كسر النمطية المجتمعية التي تؤطر كيانها، فكان لها دور وحضور بارزان في الحراك الاحتجاجي برغم المواجهات القمعية غير القليلة التي مورست ضدها في مختلف ميادين الاحتجاج.

مساهمات متنوعة

تقول سكرتيرة رابطة المرأة العراقية شميران مروكل: ان “مساهمات النساء في ساحات الاحتجاج تنوعت بين فعاليات وأدوار مختلفة؛ فمنهن من اسعفت الجرحى واعدت الطعام، وأخريات شاركن في اعمال تنظيف الساحات التي اهملتها السلطات لعقود، فضلا عن دورهن البارز في تقديم الدعم اللوجستي لخيم المعتصمين”.

وتضيف مروكل في حديث خصّت به “طريق الشعب”، “اليوم وبعد مرور عامين على انطلاق الانتفاضة هناك مشاركة فعالة للنساء، وهن يطالبن بالكشف عن قتلة المتظاهرين، ومعرفة مصير المغيبين”.

وتنبّه الى أن “مطالب النساء اليوم تعدت ان تكون مطالب خدمية وأخرى تتعلق بحقوق الانسان في العيش الكريم، خاصة وان هناك المئات من الشهداء وعشرات المغيبين لم تنصفهم السلطات الحكومية الى الان”.

معاناة مجتمعية

ورفعت النساء في ساحات الاحتجاج مع الشباب شعار “نريد وطن” وتنوعت المشاركات من مختلف الاعمار.

مروة محمد، شابة في بداية العشرينات من بغداد تقول لـ”طريق الشعب”، ان “الانتفاضة جاءت نتيجة لمعاناة مجتمعية كبيرة ومختلفة، والمرأة جزء منها”. وأشارت الى أن مشاركتها في الانتفاضة مع زميلاتها الغاية منها “كسر الحواجز المجتمعية المتخلفة التي تفرض على النساء بمختلف الاعمار فقط لكونها امرأة”.

وحول دورها في الانتفاضة تذكر “في بداية الامر كان دورنا يقتصر على الحضور، والتقاط الصور لا اكثر، ولكن بسبب الرمي العشوائي بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي تشكلت لدينا قناعات بالمواصلة، ولكن بشكل مختلف لنثبت ان انتفاضتنا سلمية”.

وبينّت مروة أنها تمكنت مع صديقاتها واصدقائها من تشكيل فرق، في بداية الامر كانت بسيطة لتنظيف ساحة التحرير ونفق التحرير، ولكنها توسعت في ما بعد عبر حماس الشباب المنتفضين ورغبتهم في رسم وطن مصغر، تمثله ساحة التحرير. وترى ان “المرأة في انتفاضة تشرين أعطت درسا للمجتمع بان وجودها فعال في مختلف الميادين، وليس للعرض او مجرد رقم لا اكثر”.

مواهب ابداعية

فيما تمكّنت الشابة سارة علي، دبلوم فنون جميلة، من إطلاق فرشاتها على جدران نفق التحرير، ورسم المشاهد التي تؤكد على سلمية التظاهرات.

وتذكر سارة لـ”طريق الشعب”، انها تخرجت منذ 6 سنوات، ولم تلمس مع زملائها من يحتوي موهبتها، التي عززتها بدراستها في المعهد.

وتضيف أن “مشاهد القمع التي تعرض لها المتظاهرون في مختلف الميادين، والتي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، هي التي منحت الحافز الأكبر للفنانين بمختلف فنونهم، للمشاركة وإبراز مواهبهم، سواء في المسرح الصامت والرسم والنحت”. واشارت الى ان “دور الفنان كان الأبرز في نقل الصورة الحقيقية للعالم بما يجري من انتهاكات للمتظاهرين في ساحات التظاهر، التي ضللها الاعلام الحكومي”.

تحدي كبير

وللمساهمة في تقديم الطعام والدعم اللوجستي للشباب المتظاهرين والمعتصمين، تذكر ميلاد صلاح (22 عاما) انها كانت في المرحلة الإعدادية، عندما انطلقت انتفاضة تشرين، وان حماس الشباب لتغيير واقع الحال كان الحافز الأكبر لمشاركتها في انتفاضة تشرين. وقالت لـ”طريق الشعب”، انه “بعد مضي أيام على انطلاق انتفاضة تشرين كانت هناك رغبة لدى الكثير من الطالبات في المدارس بترك الدوام والانضمام الى صفوف المتظاهرين، لتقديم المساعدة الممكنة”. وأضافت ميلاد أنه “على الرغم من عدم سماح إدارة المدرسة بالخروج، إلا ان الحاح الطالبات كان كبيرا، ومن الصعب السيطرة عليهن، برغم معارضة غالبية أولياء أمورهن”.  وتابعت انها “على الرغم من الحواجز غير القليلة الا اني تمكنت مع عدد من زميلاتي من الذهاب الى ساحات التظاهر والمشاركة في صناعة الوجبات الغذائية للمتظاهرين، وتقديم الدعم اللوجستي الى المصابين، عبر اسناد الفرق الطبية المتواجدة”.

مواقف صعبة

وبخصوص معارضة والديها تذكر “في بداية الامر كان الموقف صعبا، وأبدوا اعتراضهم على الذهاب، خاصة ان هناك رميا عشوائيا وقنابل مسيلة للدموع، إلا انهم بعد الإصرار خضعوا للامر الواقع، حتى وصل بهم الحال الى انهم يتفاخرون بنشر صوري على مواقع التواصل الاجتماعي، بل باتوا يتحمسون الى مشاركتي في الحراك الاحتجاجي في ساحة التحرير”.

ولفتت الى انها “في احد أيام الانتفاضة أصبتُ بقنبلة مسيلة للدموع على جسر الجمهورية، وعمل عدد من الشباب على نقلي الى احدى الخيم الطبية في ساحة التحرير”. وخلصت الى ان “انتفاضة تشرين لم تنته، بل سنحيي ذكراها اليوم، وان مطالبنا بالعيش الكريم ما زالت قائمة، الا ان الكشف عن قتلة المتظاهرين ومعرفة مصير المغيبين، آرز المطالب التي سترفع من جديد في ساحات التظاهر، في يوم الأول من تشرين”.