اخر الاخبار

يواجه العراق تحديات اقتصادية واجتماعية معقدة، أبرزها ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إذ تسعى الحكومة عبر برامج الإنفاق الاجتماعي إلى تحسين الظروف المعيشية وتقديم الدعم للفئات المحتاجة، إلا أن عددا من المراقبين يؤكدون ضرورة تعزيز عمل قطاعات الإنتاج وضمان عدالة توزيع الثروة، لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.

برامج الحكومة

وأكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، د. مظهر محمد صالح، أن "المنهاج الحكومي الحالي يولي اهتماما كبيرا بمسألة الإنفاق الاجتماعي، ويركّز على معالجة قضايا الفقر وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين في العراق".

وبيّن صالح لـ "طريق الشعب"، أن "الجوانب الاجتماعية باتت تشكل جزءًا أساسيًا من الموازنة العامة للعراق، ما يعكس التزام الحكومة بتحقيق أهداف اجتماعية، تسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي".

وقال صالح أن "مشكلة الفقر في العراق هي مشكلة متوارثة، وتعود أسبابها إلى ارتفاع نسب البطالة التي تتراوح بين 16 و17 في المائة، نتيجة لتراكمات ناجمة عن الحروب والصراعات".

وأضاف، ان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تقوم بدور رئيسي، حيث يغطي برنامج الرعاية الاجتماعية حاليًا حوالي مليون عائلة، وهناك مليون عائلة أخرى في طور الدراسة لتحديد أهليتها للحصول على المنحة الشهرية.

ويأتي هذا ضمن خطة شاملة لتحديد الأسر المحتاجة وإيصال الدعم لها، وذلك لضمان وصول الرعاية الاجتماعية لجميع المستحقين، موضحا أن 30 في المائة من الإنفاق الحكومي يتم توجيهه لدعم الفئات الهشة.

وواصل صالح حديثه بأن "برامج الدعم الاجتماعي تمثل حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وهو رقم كبير يعكس حجم الإنفاق الاجتماعي الذي تقدمه الحكومة، والذي يذهب بشكل أساسي لدعم الفقراء"، مشيرا الى ان "الحكومة تسعى لتحقيق تغطية شاملة للفئات المحتاجة في كافة أنحاء العراق، معتمدين على إحصائيات دقيقة وبرامج متعددة لضمان العدالة الاجتماعية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة".

السياسات الاقتصادية "غائبة"

يقول الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش لـ"طريق الشعب"، إن "مشكلة الفقر في العراق تفاقمت بسبب غياب السياسات الاقتصادية الواضحة والفعالة التي تهدف إلى خدمة المجتمع"، مشيرا الى أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 40 في المائة، ما يعني أن أكثر من 16 مليون عراقي يعيشون تحت خط الفقر في بلد يتمتع بموارد اقتصادية هائلة".

ويضيف حنتوش، أن "غياب العدالة في توزيع الثروة الوطنية، إضافة إلى انعدام خطط تشغيلية فعالة، يمثلان أبرز الأسباب وراء انتشار الفقر بهذا الحجم"، مبينا أن "البطالة تعد عاملاً أساسياً في خلق هذه الأزمة، إذ تصل إلى نحو 8 ملايين عاطل عن العمل، وهو رقم يعادل تقريبا 80 - 90 في المائة من عدد الفقراء".

ويشير الى أن "البطالة تؤدي مباشرة إلى ارتفاع معدلات الفقر، حيث يجد عدد كبير من الناس أنفسهم غير قادرين على تأمين لقمة العيش، ما ينعكس سلبًا على الأسر، بمن في ذلك الأطفال والأرامل وذوو الاحتياجات الخاصة، والذين يشكلون نسبة تتراوح بين 10-20% من الفقراء".

أما عن دور الرعاية الاجتماعية، فيشير أكرم إلى أنها تغطي حوالي 4-5 ملايين مستفيد في مختلف الفئات، من ضمنها الرعاية المقدمة للأرامل وذوي الإعاقة، بالإضافة إلى منحة للشباب العاطلين عن العمل. ويبلغ حجم الإنفاق السنوي على برامج الرعاية الاجتماعية حوالي 27 تريليون دينار عراقي، ورغم ضخامة المبلغ، إلا أن هذا الإنفاق لا يسهم بشكل فعّال في تحسين مستويات المعيشة بسبب عدم توجيهه نحو خلق فرص عمل مستدامة.

ويعتقد أكرم، أن الحل الأمثل يكمن في تنشيط عمل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عبر تحسين قطاعات حيوية كالصناعة، والزراعة، والسياحة؛ فالقطاع الصناعي يعاني من شلل شبه تام في ظل عدم توافر القروض وعدم وجود حماية للمنتجات المحلية، فيما يعاني القطاع الزراعي من مشاكل متعلقة بشح المياه والتحديات التي تواجه خطة زراعية شاملة. أما قطاع السياحة، والذي يملك العراق فيه 13 نوعًا من السياحة المحتملة، فهو أيضًا شبه معطل.

ويذكر، ان قطاع النقل يحتاج إلى تحديث شامل بالبنية التحتية للنقل العام، مثل القطارات والمترو، مبينا أن "الفساد يعد عاملًا معوقًا رئيسيًا بوجه أي تقدم في هذه المجالات".  ويؤكد أن الحل لا يتطلب إلا إعادة توجيه الموارد نحو قطاعات الإنتاج والتوظيف، ما سيؤدي إلى تقليص الفقر بشكل تلقائي.

لا مؤشرات جديدة

المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، ذكر بأن الوزارة لا تمتلك حتى الآن مؤشرات جديدة حول نسب الفقر على المستوى الوطني أو في المحافظات، إذ لا تزال نتائج المسح الاقتصادي والاجتماعي الجديد قيد التحليل بعد انتهاء تنفيذه مؤخرًا.

وقال الهنداوي، إن "آخر البيانات المتوفرة لدى الوزارة تشير إلى أن نسبة الفقر في البلاد بلغت 20.5 في المائة، مع تفاوت كبير بين المحافظات".

وأشار الهنداوي في حديث خص به "طريق الشعب"، إلى أن "محافظة المثنى سجلت أعلى معدل للفقر بنسبة تصل إلى 52 في المائة تليها محافظات جنوبية أخرى مثل ميسان والديوانية، حيث تتراوح نسب الفقر بين 45 و48 في المائة".

وأكد، أن الوزارة تنتظر ظهور نتائج المسح الاقتصادي الجديد في الأسابيع المقبلة، مما سيتيح معلومات محدثة حول مستوى الفقر في المحافظات كافة، ويساعد على توجيه السياسات الاجتماعية والتنموية بشكل أكثر دقة.

عرض مقالات: