اخر الاخبار

في ظل التحديات البيئيّة المتزايدة التي يواجهها العراق، يحذر خبراء البيئة من أن البلاستيك بات يشكل تهديدًا حقيقيًا للنظام البيئي والصحة العامة. خاصة مع تتعاظم المخاطر مع نقص الوعي الشعبي بشأن النظافة البيئية.

نسب واحصائيات

وتقدر نسبة استخدام البلاستيك سنويا بـ 22.8 في المائة.

وتعود هذه الارقام الى تحقيق اجرته شبكة روداوو الإعلامية في العام 2009، وتوصلت الى  ان كل فرد يستخدم 0.5 كيلوغرام من البلاستيك، لكن في عام 2022 وصلت الى 7.2 كيلوغرام. ومن المتوقع ان تصل الى 9 كيلوغرام في 2026.

وبحسب بيانات احدى شركات توصيل الطعام في اقليم كردستان وبغداد هناك 37 الف طلبية يوميا (كمعدل) واكثرها تتطلب تعبئة، اذا كانت لكل طلبية 0.5-1 كيلوغرام من الفضلات والنفايات، اذ هناك ما لا يقل عن 18.5 كحد ادنى و 37 طن فضلات بلاستيكية كحد اقصى من بقايا بلاستيكية ونايلون وكرتون والذي يصل على الاقل الى 67150 طنا وكحد اقصى الى 13431 طنا من البلاستيك والنايلون والكرتون خلال سنة، لذلك استخدام البلاستيك تزايد عاما بعد عام.

تحذيرات!

ويحذر الخبير البيئي أحمد صالح من المخاطر البيئية التي يشكلها البلاستيك في العراق، مشيرًا إلى نقص الوعي الثقافي بشأن النظافة البيئية بشكل عام، وخاصة في ما يتعلق بالمخلفات البلاستيكية.

يشار إلى أن احتراق طن متري واحد من البلاستيك في المحرقة، ينتج عنه ما يقرب نحو طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مع مراعاة إنتاج الطاقة من عملية الحرق، في حين أن تحلل زجاجة واحدة من البلاستيك قد يستغرق مدة 450 سنة.

وأوضح صالح خلال حديث مع "طريق الشعب"، أن "البلاستيك يستغرق عشرات أو مئات السنين للتحلل، ما يسهم في تشويه المناظر الطبيعية وانبعاث الغازات الضارة عند تعرضه للتحلل الجزئي".

ولفت صالح إلى ظاهرة "تراكم المخلفات البلاستيكية في مجاري الأنهار والتي تعيق جريان المياه وتشوه المنظر العام"، مشددا على أن "حرق هذه المخلفات يُعد خطأً بيئيًا كبيرًا لكونه يطلق غازات ضارة أكثر من تركها على حالها أو دفنها".

ويجد صالح، أن "الحل الأمثل للتعامل مع البلاستيك هو إعادة تدويره وتحويله إلى حبيبات يمكن استخدامها في تصنيع منتجات جديدة، حتى وإن كانت ذات قيمة أقل من المنتجات الأصلية".

واختتم صالح بالتأكيد على ضرورة تعزيز الإجراءات الحكومية لمكافحة التلوث البلاستيكي، مقترحًا استخدام أكياس الورق أو الكرتون في تغليف الخبز والصمون كبديل عن البلاستيك، نظرًا لقدرة هذه المواد على التحلل السريع دون التسبب بأضرار بيئية كبيرة.

تدهور النظام البيئي

يقول گشبين إدريس علي، رئيس منظمة هسار للبيئة، إن "التلوث بالبلاستيك يعد أحد أكثر التحديات البيئية إلحاحًا في العراق وعلى مستوى العالم. إذ يؤدي الاستخدام الواسع للبلاستيك غير القابل للتحلل إلى تراكم النفايات في المكبات والأنهار والمحيطات، ما يُسهم بشكل كبير في تدهور البيئة".

وأوضح علي لـ "طريق الشعب"، أن "النفايات البلاستيكية في العراق تسبب تلوثًا كبيرًا لمصادر المياه، وتُلحق أضرارًا جسيمة بالحياة البرية، وتؤدي إلى تدهور النظم البيئية"، مشيرًا إلى أن هذه "النفايات تزيد من مخاطر الفيضانات خلال موسم الأمطار عبر انسداد أنظمة الصرف".

وحذّر علي من تحلل هذه النفايات حيث :"يطلق مواد سامة في التربة والمياه، ما يفاقم تدهور البيئة، ويُبرز الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات فعّالة لإدارة النفايات بهدف حماية البيئة والصحة العامة في العراق".

وفي هذا السياق، أشار علي إلى أن منظمة هسار للبيئة أدركت منذ البداية ضرورة اتباع نهج استراتيجي لتحقيق تأثير ملموس في تقليل النفايات البلاستيكية.

وأضاف: "فشلت الجهود السابقة غالبًا بسبب عدم اكتمال التخطيط، لكننا في المنظمة اتخذنا مسارًا مختلفًا بإطلاق حملة داخلية ركزت على تقليل استخدام البلاستيك داخل فريقنا. ففي البداية، كان 80 في المائة من استهلاكنا يعتمد على البلاستيك، ولكن من خلال تقديم بدائل عملية مثل زجاجات المياه القابلة لإعادة الاستخدام والتعبئة المستدامة، تمكنا من تقليل هذه النسبة إلى 15 في المائة".

وأكد علي، أن جهود المنظمة لم تقتصر على الفريق الداخلي فقط، بل امتدت إلى المتطوعين أيضًا :"حيث زودتهم المنظمة بأدوات قابلة لإعادة الاستخدام خلال الأنشطة الميدانية، لضمان تبنيهم هذه الممارسات بسهولة". وأردف قائلاً: "نركز في المستقبل على تنفيذ مشاريع توفر بدائل لاستخدام البلاستيك، بالإضافة إلى إنشاء أنظمة لإعادة تدوير وإعادة استخدام النفايات البلاستيكية، لضمان إدارة الاستخدام البلاستيكي بشكل مستدام حتى وإن كان استخدامه محدودًا".

ولفت إلى أن "حكومة كردستان أظهرت استعدادًا لدعم المبادرات التي تهدف إلى مواجهة التلوث البلاستيكي، خاصة تلك التي تقودها المنظمات المجتمعية مثل هسار، وهناك وعي نسبي بين الجهات الحكومية بالتحديات التي يفرضها التلوث البلاستيكي، رغم أنه لم يتم بعد تنفيذ خطة شاملة".

وأكد ضرورة أن "تعمل المنظمات والمجتمعات المحلية معًا لمواجهة أزمة النفايات البلاستيكية في العراق، وسد الفجوة في ممارسات الإدارة الحالية، بما يسهم في إحداث تأثير بيئي كبير".

خطر كيميائي

وتوضّح آية علي، عضو نقابة الجيولوجيين وتعمل في منظمة بيئية، أن "التلوث الكيميائي الناتج عن المواد المضافة إلى البلاستيك لا يقتصر على التأثير المباشر على الإنسان، بل يتسرب أيضًا إلى لحوم الحيوانات التي يتناولها الإنسان، مثل الأبقار والأغنام التي قد تستهلك الأكياس البلاستيكية. تتحلل هذه المواد داخل معدة الحيوانات وتتركز في لحومها وعظامها وحتى في حليبها. وعند استهلاك هذه المنتجات، تنتقل تلك المواد إلى جسم الإنسان، ما يعرض صحته للخطر".

ويلجأ العديد من المواطنين إلى حرق النفايات البلاستيكية كوسيلة للتخلص منها. وتصف علي ذلك التصرف بأنه "خطير للغاية"، مشيرة الى ان: "عملية الحرق تُطلق غازات سامة مثل الفينولات والكلور، ما يسبب تلوثًا في الهواء الذي نتنفسه".  وأشارت علي إلى خطورة الفينولات: "غرام واحد من الفينول قد يكون قاتلاً للإنسان".

كما أشارت إلى أن "هذه المواد الكيميائية تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان، حيث تصيب الجهازين التنفسي والهضمي بأمراض عديدة. كما يمكن أن تؤثر على الغدة الدرقية. والأخطر من ذلك، أن هذه المواد تُعتبر مسرطنة، وقد تتسبب في تشوهات خلقية لدى الأجنة". وأعربت عن أسفها لعدم اهتمام العراق بهذا الملف الهام، مشيرة إلى أن التلوث الكيميائي البيئي يمتد ليشمل أيضًا منتجات العناية الشخصية ومنتجات التنظيف.

وأكدت، أن "الخطر الكيميائي الناتج من المواد البلاستيكية قد لا يكون واضحاً حالياً، لكن بكل تأكيد سيكون له نتائج وخيمة في المستقبل، إلى جانب أزمات التلوث والجفاف والتصحر والتدهور الزراعي ونفوق الحيوانات وتدهور التنوع البيولوجي".

وأوضحت ان الخطر لا ينتج فقط من البلاستيك نفسه، بل من المواد الكيميائية التي تضاف إليه".

ويتحدث ثابت خليل، معاون مدير عام دائرة التوعية والإعلام في وزارة البيئة، عن دور الوزارة في تنقية الهواء من الملوثات منها المواد الكيميائية التي تنتج من البلاستيك.

 وأكد أن "الوزارة تلتزم بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة بتقليل انبعاثات الهواء الملوثات فيما وضعت خطة لجلب محطات متخصصة لفحص نوعية الهواء، بهدف تحديد نوع التلوث والمتغيرات في الهواء بشكل دقيق".

وأشار خليل لـ "طريق الشعب"، إلى أن "هذه المحطات ستساعد في تحليل البيانات وتحديد مصادر التلوث، سواء من المصادر الثابتة أو المتحركة، ما يسهم في اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجتها".

 وذكر أن "الوزارة تعمل على نصب مرشحات وتحديث أنظمة معالجة الهواء في كافة المنشآت".

وفي ما يتعلق بإدارة النفايات، أشار خليل إلى أن الوزارة تعمل على تطوير مشاريع لتدوير النفايات تكون بديلة عن المكبات التقليدية التي تفتقر إلى المعايير البيئية.

وأضاف، أن هذه المشاريع ستدخل حيز التنفيذ قريبًا وستسهم في توليد الطاقة الكهربائية من النفايات، ما يقلل من الاعتماد على المكبات العشوائية. كما أشار إلى أن الوزارة جادة في اتخاذ إجراءات لإغلاق المكبات غير النظامية والتحول إلى نظام طمر صحي يتماشى مع المعايير البيئية المعتمدة، مع تعزيز جهود تدوير النفايات كجزء من استراتيجية شاملة للتعامل مع المخلفات البلدية.

وكان المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان قد حذر في وقت سابق من حدوث كارثة بيئية بعد ازدياد معدل دخول البلاستيك إلى البيئات الحياتية اليومية.

 وقال المركز في بيان له، أن "التلوث البلاستيكي يهدد حياة المواطنين والبيئة في العراق، ويؤثر بشكل مباشر على التنوع البيولوجي".

وطالب المركز الحكومة والجهات المعنية بالحد من استهلاك المواد البلاستيكية، والعمل على  إعادة التدوير وتقليل التسربات إلى الحد الأدنى لمنع التلوث البلاستيكي وإنشاء مرافق لإدارة النفايات ومعامل لتدويرها في محافظات العراق كافة، وتدعيم السياسة الوطنية المتعلقة بإدارة النفايات، وفصل النفايات في المصدر ووضع نماذج أعمال جديدة لتحسين دمج إدارة النفايات.

وتؤكد منظمات بيئية دولية، أن أفضل طريقة للحد من أخطار البلاستيك هي التقليل من استخدامه، وهذا يعني الاستغناء عنه قدر الإمكان في التسوق وإعطاء الأولوية للعبوات غير البلاستيكية، بما في ذلك المصنوعة من الكرتون والزجاج، وهي مواد قابلة لإعادة التدوير بسهولة.

عرض مقالات: