اخر الاخبار

يعاني سكان نينوى من تفشي الفساد وسوء الإدارة الذي أدى إلى تعطل عشرات المشاريع الحيوية، برغم تحقيق بعض الإنجازات في التنمية والإعمار.

وكشف عضو مجلس نينوى السابق علي خضير، عن وجود عشرات المشاريع المتلكئة في المحافظة بسبب الفساد والعمولات.

50 مشروعا معطلا

وقال خضير خلال تصريح صحفي، إن "أكثر من 50 مشروعاً متعطلاً ومتلكئاً في نينوى بسبب العمولات والنسب التي كانت تفرض على المشاريع خلال الحكومة المحلية السابقة والتي تصل لنسبة 15 بالمئة"، لافتا إلى أن تلك النسب "كانت تفرض من جهات حزبية ومكاتب اقتصادية متنفذة في المحافظة".

في عام 2024، تم تنفيذ وإنجاز العديد من المشاريع المهمة في محافظة نينوى، والتي شملت عدة قطاعات حيوية.

الصحة والتعليم في المقدمة

وأوضح أحمد الكيكي، عضو مجلس محافظة نينوى، أن "هذه المشاريع تأتي ضمن موازنة تنمية الأقاليم، وقد تجاوز عددها 1700 مشروع موزعة على مختلف أنحاء المحافظة".

ويبين لـ "طريق الشعب"، أن "أبرز هذه المشاريع تشمل قطاعي الصحة والتعليم، حيث تم إنشاء 12 مستشفى و50 مركزًا صحيًا نموذجيًا، موزعة على الموصل والوحدات الإدارية الأخرى. ومن بين هذه المشاريع الصحية، مشروع مستشفى عام بسعة 600 سرير تمت إحالته لشركة تركية، بالإضافة إلى مستشفى آخر في البعاج بسعة 100 سرير. أما في قطاع التعليم، فقد تم إنجاز أكثر من 500 مدرسة موزعة على مختلف مناطق نينوى، لتلبية احتياجات السكان في الأقضية والنواحي.

ويضيف، أن "مشاريع البنية التحتية نالت أيضًا نصيبًا كبيرًا من الجهود، مع تنفيذ مشاريع لتحسين الطرق والجسور وتطوير الخدمات البلدية ويشمل ذلك تطوير شبكات المياه والصرف الصحي، إلى جانب مشاريع لتنظيف وتجميل المدينة، مما يسهم في تحسين جودة الحياة للسكان وإعادة إعمار المناطق المتضررة".

على الرغم من هذه الإنجازات، تواجه محافظة نينوى تحديات مالية تتعلق بإدارة وتنفيذ المشاريع، خاصة في ظل الضغط على الميزانية العامة.

الكيكي أشار إلى أن "بعض التقارير تفيد بأن تخصيص الميزانية لبعض المشاريع قد يكون غير كافٍ، ما يؤدي إلى تأخير في تنفيذها أو عدم استكمالها في الوقت المحدد. وقد تم إدراج مشاريع بقيمة 600 مليار دينار عراقي ضمن خطة المحافظة، إلا أن هذه المخصصات تواجه تحديات في تحقيق الأهداف المطلوبة".

إلى جانب التحديات المالية، تمت إثارة شبهات فساد تتعلق بإدارة بعض المشاريع في نينوى. الكيكي أوضح أن "هناك تجاوزات مالية وسوء إدارة في تنفيذ بعض المشاريع، ما أدى إلى تحقيقات حول هذه الشبهات".

وأكد، انه "يتم حاليًا متابعة هذه القضايا لضمان الشفافية وتحقيق العدالة في تنفيذ المشاريع الحيوية للمحافظة".

في الختام، أكد الكيكي أن "محافظة نينوى قد حققت تقدمًا كبيرًا في تنفيذ مشاريع تنموية مهمة ضمن موازنة تنمية الأقاليم لعام 2024. ومع ذلك، تبقى التحديات المتعلقة بالميزانية والفساد مسائل تحتاج إلى معالجة مستمرة لضمان استكمال هذه المشاريع وتحقيق الفائدة القصوى منها للسكان المحليين".

صكوك وهمية

يقول سعد الوزان، ناشط ومراقب للشأن السياسي من محافظة الموصل، إن "هناك مستشفى تمت إحالة عقده في عام 2014، وهو مستشفى تعليمي داخل جامعة الموصل بسعة 600 سرير. هذا المستشفى كان من المفترض أن يقدم خدمة وعلاجات طبية في الوقت ذاته. لكن المقاول المسؤول عن المشروع قام بتقديم صكوك وهمية، وبمساعدة بعض الموظفين، سحب مبلغ 20 مليار دينار من الدولة باستخدام خطابات ضمان وهمية، دون تنفيذ أي جزء من المشروع".

ويضيف الوزان لـ "طريق الشعب"، أن "هناك العديد من المشاريع المتلكئة الأخرى، من ضمنها مشروع الجسر السادس الذي اكتمل كهيكل جسر، لكن تبين بعد الانتهاء منه أنه لا توجد له مقتربات. وأن تكلفة إنشاء هذه المقتربات تفوق تكلفة بناء الجسر نفسه، نظراً للحاجة إلى استملاك أراضٍ وغيرها من الإجراءات التي لم تُأخذ بعين الاعتبار مسبقاً".

ويشير الوزان إلى "مشروعات أخرى قديمة، مثل جسر الفلاح الذي تم بناؤه ولكن دون وجود مقتربات من الجهتين، ولا يزال هذا الجسر يواجه مشاكل بسبب قضايا تتعلق بالتخطيط والموافقات الحكومية السابقة".

أما في ما يخص الواقع الصحي في الموصل، فتحدث الوزان عن مشروع مدينة الطب في الساحل الأيمن، والذي يشمل مجموعة من المستشفيات. معظم هذه المستشفيات تمت إحالتها إلى منظمات دولية مثل الـ UNDP، باستثناء مستشفى واحد للطوارئ الذي ما زال تحت إشراف الحكومة.

ويؤكد الوزان، أن مستشفى السرطان، الذي كان من المفترض أن يُسلّم للدولة في شباط 2022، لم يُستكمل بعد، وأنه لا يوجد في الموصل اليوم جهاز إشعاع أو معدات متخصصة للعلاج، رغم أن نينوى تُعد من المحافظات الكبرى التي تشهد حالات سرطان كثيرة.

ويضيف، أنه "بسبب تقاعس المقاول التابع لمنظمة UNDP، لم يتم تسليم المشروع حتى الآن، وهناك تأخر مستمر في التنفيذ، حيث يتم تجديد المهلة مع كل انتهاء لموعد التسليم.

وفي ما يتعلق بمشروع مطار الموصل، يبين أنه "تم تحديد ستة مواعيد لافتتاح المطار حتى اليوم، أربعة منها في زمن نجم الجبوري، والخامس في زمن عبد القادر الدخيل، لكن المواعيد كانت غير معتمدة، وفي زيارة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي الى الموصل، سأله أحد النواب عن الحاجة لدعم الحكومة المركزية لمشروع مطار الموصل، فكان جوابه بالنص: "كيف تريد مني أن أُنجز مشروعاً وهمياً لا يملك أوراقاً رسمية؟"، وهناك شبهات فساد تطال مشاريع عديدة في نينوى منها مشروع مجاري الأيمن الموحد.

فوضى وسوء تخطيط

ويقول أحد المواطنين من نينوى، طه الموصلي (موظف حكومي)، أن "محافظة نينوى أكبر محافظة عراقية تعرضت للدمار والتخريب على يد عصابات داعش. ورغم حجم المعاناة، نجد أن الإدارة فيها تعاني من الفوضى وسوء التخطيط في تنفيذ أولويات أهالي المحافظة، خاصة عند الساحل الأيمن لمدينة الموصل الذي يعتبر الأكثر تضررًا من العمليات العسكرية، اذ لا يزال عبارة عن أكوام من الحطام، والمشهد يبدو مخيفًا إلى الآن".

ويضيف الموصلي في حديث لـ "طريق الشعب"، انه "بالرغم من مرور السنوات على تحرير المدينة، ما زالت بعض مناطق الموصل محطمة. للأسف، هناك مليشيات مرتبطة بالسلطة لها دور كبير في الفساد الذي طال المحافظة".

ويطالب الموصلي الجهات التنفيذية والرقابية بتحمل مسؤولياتها تجاه أهل نينوى للحفاظ على أموال الشعب العراقي وحمايتها من الاستغلال، مشددا على الضرورة بتوضيح الإجراءات المتبعة في صرف الأموال ومنح العقود وتقدير تكلفتها الحقيقية، بالإضافة إلى تحديد أهمية المشاريع وفقًا لحاجات المواطنين الأساسية وتنفيذها وفق مبادئ المنافسة العادلة والشفافية، والابتعاد عن العشوائية التي أهدرت الكثير من الأموال.

ويستذكر ملف فساد فتحته هيئة النزاهة خلال عام 2021 يعود لعقد مشروع تنظيف الساحل الأيسر من مدينة الموصل، أبرمته بلدية الموصل مع شركة محلية بمبلغ يقارب 18 مليار دينار عراقي.

ووجهت النزاهة اتهامات بالفساد إلى مدير الوقف أبو بكر كنعان، بسبب تعيينه 250 موظفًا يتقاضون أجورًا دون أن يحضروا فعليًا إلى وظائفهم المفترضة، مؤكدا أن "مدينة نينوى قد اهلكها الفساد، حيث يطول الحديث بملفات الفساد التي باتت علنية وواضحة للجميع".

عرض مقالات: