اخر الاخبار

في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي تواجه العراق راهنا، تبرز الحاجة الملحة لإنشاء الأحزمة الخضراء حول المدن كحل فعّال لمواجهة التغيرات المناخية والتحديات البيئية. وتعتبر الأحزمة الخضراء من الاستراتيجيات المهمة التي تسهم في تحسين جودة الهواء، وتقليل التلوث، وتعزيز التنوع البيولوجي. ومع ذلك، على الرغم من أهمية هذه المشاريع، هناك تأخير وفساد قد عرقل تنفيذها وتطويرها.

أهمية الأحزمة الخضراء

تحدث أنعم ثابت خليل، معاون مدير عام دائرة التوعية والإعلام البيئي في وزارة البيئة، عن  أهمية مشاريع الأحزمة الخضراء كجزء من جهود التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية في العراق.

وقال، أن هذه المشاريع تندرج ضمن محورين رئيسيين في دائرة المناخ: محور التخفيف ومحور التكيف.

وأضاف خليل لـ "طريق الشعب"، أن "محور التخفيف في العراق يواجه تحديات كبيرة، خاصةً فيما يتعلق بانبعاثات الملوثات الناتجة عن الصناعات المختلفة التي تؤثر على البيئة. أما فيما يتعلق بمحور التكيف، فأكد أن زيادة الغطاء النباتي، ومنها مشاريع الأحزمة الخضراء، تأخذ حيزًا كبيرًا ضمن جهود التكيف مع التغيرات المناخية".

وأشار خليل، إلى أن "مشاريع الأحزمة الخضراء قديمة في العراق، حيث بدأت منذ عامي 2007 و2008، وشملت المحافظات المحاذية للمناطق الصحراوية، بالإضافة إلى مشاريع زراعية في البادية الجنوبية بمحافظات كربلاء والمثنى، والصحراء المحاذية بين كربلاء والأنبار، إلا أن هذه المشاريع لم تحقق النجاح المطلوب بسبب عدم الاستدامة، وأهم الأسباب لذلك هو نقص المياه اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع أو الحفاظ على المزروعات".

وأشار أيضًا إلى أن "العراق مر بفترات من الجفاف ونقص الموارد المائية من دول الجوار، ما دفع الحكومة إلى إعطاء الأولوية لتوفير المياه الصالحة للشرب للمواطنين قبل التفكير في تخصيص المياه للأحزمة الخضراء".

وأكد خليل أنه مع تزايد تأثيرات التغير المناخي على العراق، وظهور العواصف الغبارية، أصبح من الضروري التركيز على تقليل هذه التأثيرات من خلال مشاريع الأحزمة الخضراء.

وأشار إلى أن مصادر المياه المستخدمة في هذه المشاريع تنوعت لتشمل مياه الري من الترع والأنهار.

وفي ختام تصريحه، أكد خليل أن الفترة الأخيرة شهدت جهودًا مكثفة من قبل منظمات المجتمع المدني والحكومة العراقية لدعم هذه المشاريع.

واكد أن حملات التشجير التي أطلقها رئيس الوزراء ستسهم في تحسين جودة الغطاء النباتي في العراق، معربا عن أمله في أن تحقق هذه الجهود نتائج إيجابية في المستقبل القريب.

ويتحدث الخبير البيئي أحمد صالح عن الأهمية البالغة للأحزمة الخضراء في حماية البيئة، خاصة في بلد مثل العراق الذي يواجه تحديات كبيرة بسبب وجود مساحات شاسعة من البوادي والصحاري.

وأوضح صالح، أن "هذه الأحزمة تلعب دورًا حيويًا في الحد من تحوّل الأراضي القاحلة إلى عواصف غبارية، وذلك بفضل قدرتها على تثبيت التربة ومنع تطايرها خلال فترات الرياح".

وأشار صالح خلال حديثه لـ "طريق الشعب"، الى أن "الأحزمة الخضراء تعمل كمصدات للرياح وتسهم بشكل كبير في ترسيب الأتربة وامتصاص الكربون المنبعث من الأنشطة البشرية، مثل استخراج الوقود الأحفوري والمحروقات".

وأضاف، أن "الأشجار والنباتات الموجودة في هذه الأحزمة تعمل على ترسيب الكربون، ما يساعد في تقليل التلوث البيئي".

وبين صالح، أن "الأحزمة الخضراء تسهم في خلق بيئة رطبة قابلة للزراعة، مما يؤدي إلى تحسين الغطاء النباتي وتثبيت التربة. هذا الغطاء النباتي يساعد في تقليل احتمالية تحوّل التربة إلى غبار ينتقل عبر الهواء في فترات الجفاف".

وأشار إلى أن هذه الأحزمة تتحول إلى بؤر للتنوع البيولوجي، حيث تجذب الطيور والحشرات والحيوانات، مما يعزز من عملية التلقيح الطبيعية ويسهم في نمو الأشجار والنباتات.

وفي ختام حديثه، ذكر صالح، أن "فضلات الطيور والحيوانات التي تتواجد في الأحزمة الخضراء تعمل كسماد طبيعي، مما يعزز من خصوبة التربة ويسهم في استدامة البيئة الطبيعية".

من الأحزمة الخضراء الى السكن العشوائي

نجوان عامر، الناشطة البيئية في إحدى المنظمات المعنية بالشأن البيئي، أكدت أن "مشاريع الأحزمة الخضراء التي كان من المفترض أن تكون حلاً حيوياً للحد من التغيرات المناخية باتت، على العكس، حيث أصبحت مكانا لسكن العشوائيات بالإضافة الى وجود ملفات فساد ترتبط بها".

وقالت عامر لـ "طريق الشعب"، أن "هناك عشرات القضايا المتعلقة بهذه المشاريع قيد الإنجاز في عدد من المحافظات"، مشيرة إلى أن ما يقرب من 200 مليار دينار قد أُنفقت على مشاريع الأحزمة الخضراء والتشجير منذ عام 2003، لكنها لم تحقق أهدافها".

وتعلل عامر هذا الفشل بأن هذه المشاريع "نُفذت بمنظور تجاري فاسد بدلاً من رؤية بيئية سليمة، ما أدى إلى عدم تحقيق النتائج المرجوة"، مشددة على أهمية الأحزمة الخضراء، التي تتكون من مصدات نباتية مثل أشجار الكالبتوز، الصفصاف، والأثل، التي تتميز بقدرتها على تحمل الظروف القاسية مثل الجفاف وملوحة التربة.

وبيّن ان طريقة الزراعة تكون "على شكل صفوف متداخلة حول المدن في المناطق التي تتعرض لرياح صحراوية شديدة، بهدف الحد من تأثيرات هذه الرياح على البيئة والسكان".

وفي ختام حديثها، دعت عامر الحكومة إلى ضرورة إدراج ملف الأحزمة الخضراء والتشجير ضمن أولوياتها البيئية، مشددة على أن معالجة هذا الملف بات أمراً ملحاً لتجاوز التحديات المناخية المتزايدة التي يواجهها العراق في السنوات المقبلة.

عرض مقالات: