على الرغم من ارتباط غزلان الريم تاريخيا ببلاد الرافدين، الا انه يواجه خطر الانقراض، وفق تحذيرات مراقبين؛ إذ تعاني هذه الفصيلة من مخاطر عديدة، من بينها التغيرات المناخية، وما تسببه من جفاف وتصحر، في ظل غياب الاهتمام الحكومي وتجاهل حماية التنوع الاحيائي.
ويتوزع غزال الريم في مناطق أخرى من العالم مثل ليبيا، مصر، والجزائر، حيث يُصنفه الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) ضمن الأنواع «المهددة بالانقراض».
محمية واحدة في العراق
وفي العراق، توجد إحدى أهم المحميات الطبيعية لغزلان الريم في محافظة ديالى. وتُدار هذه المحمية من قبل شخص واحد يتولى جميع المهام، وتحتضن المحمية حوالي 35 غزالًا حاليًا. وبالرغم من ذلك، تحتاج المحمية إلى المزيد من الدعم في عدة جوانب، بما في ذلك توفير العمال والحراس.
وتعتبر محمية مندلي لغزلان الريم من أشهر المحميات على مستوى البلاد. أُنشئت هذه المحمية منذ سنوات عديدة بهدف الحفاظ على فصيلة نادرة ومهددة بالانقراض. وتم تخصيص مقاطعة واسعة تبلغ آلاف الدونمات لهذه المحمية، وذلك لزيادة أعداد غزال الريم ضمن برنامج دعم حكومي واجه العديد من التحديات.
غالي المرشدي، وهو مدير متنزه وحديقة حيوانات البصرة قال: أن «ريم العراق هو أحد اشهر الأنواع المعروفة على مستوى البلد والوطن العربي»، وأشار الى وجود نوعين من غزلان الريم: الأول موطنه ديالى، تحديدًا في الخالص وأطراف ديالى. والثاني يعيش في العمارة وأطرافها مثل الشيب والطيب.
الوعول الجبلية
وأضاف المرشدي في حديث مع «طريق الشعب»، أن «غزال الريم في محافظة ميسان يختلف عنه في ديالى، من حيث اللون، حيث يكون غزال ديالى مائلًا للبياض، لكن كلاهما يشتركان في الطباع والصفات»، موضحا ان «النوع الاخر، وهو الوعول الجبلية، التي تتواجد في جبال حمرين، والشيب، والطيب، حيث استطعنا جلبها وتكثيرها في محميات، وأنشأنا لها سياجًا بارتفاع أربعة أمتار لمنعها من الهرب، نظرًا لقدرتها على التسلق والقفز».
وبيّن أن «تكاثرها يعتبر أقل من باقي الحيوانات، حيث نادرًا ما تلد اثنين، وعادة ما تلد واحدًا فقط، وفترة حملها تقارب الخمسة أشهر وعشرين يومًا».
ووفقا للمرشدي فإن «الوعول الجبلية تفضل العيش في المناطق المرتفعة لحماية نفسها من الصيد والحيوانات المفترسة. كما أنها تعيش في مجاميع عائلية تتكون من ذكرين أو ثلاثة وما يقارب من 12 إلى 14 أنثى، وتتميز بقوة طبيعية في أقدامها وسيقانها التي تمكنها من التسلق».
الصيد الجائر واللامبالاة الحكومية
وعن التحديات والصعاب، يذكر المرشدي، «أننا نواجه صعوبات كبيرة، خصوصًا في ظل غياب الدعم الحكومي»، مطالبا بمحاسبة من يمارس الصيد الجائر من الهواة والمربين الذين يعملون بجهود شخصية، دون أي دعم من الحكومة»، مؤكدا أن الصيد الجائر انعكس سلباً على التنوع الإحيائي في البلاد، وسبب ضررا كبيرا للغزلان العراقية.
وشدد على أهمية اهتمام وزارات الزراعة والثقافة والسياحة والبيئة وبقية الجهات المعنية بالحفاظ على التنوع الإحيائي، حيث تمثل هذه الحيوانات إرثًا وتاريخيا للعراق».
وناشد المرشدي أن يتم اتخاذ إجراءات صارمة بحق ممارسي الصيد الجائر، خاصة خلال موسم التكاثر، وعدم التجاوز على المساحات الخضراء.
وفي السياق ذاته، حذر رعد الأسدي، مدير منظمة جبايش العراق، من ظاهرة الصيد الجائر التي تتفاقم في العراق من دون رادع.
ونبه الاسدي في حديثه مع «طريق الشعب»، الى ان الصيد الجائر وتدهور الوضع البيئي قد يؤديان إلى انقراض هذا النوع الهام من الكائنات البرية.
وقال الأسدي، أن «المحميات الحالية، برغم أهميتها، تحتاج إلى دعم وتعزيز لتكون فعالة بشكل أكبر في حماية الحياة البرية والتنوع البيولوجي». كما أشار إلى ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية لتعزيز التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة ومكافحة الصيد الجائر.
وشدد على أن حماية البيئة والتنوع البيولوجي يعدان ركيزتين أساسيتين للتنمية المستدامة في العراق، داعيًا جميع الأطراف إلى العمل المشترك لضمان بقاء هذه الثروة الطبيعية للأجيال القادمة.
وختم الأسدي بدعوة عاجلة إلى تشديد تطبيق قوانين الحماية البيئية واتخاذ إجراءات حازمة ضد المتجاوزين والصيادين غير القانونيين، مؤكدًا أن الاستمرار في الإهمال قد يعرض الحياة البرية للخطر، مع التأكيد على أن الظروف المناخية السائدة قد تسببت بتدهور الوضع البيئي وتقلص المساحات الخضراء.