اخر الاخبار

ينتشر الحرامية (اللصوص) في كل دول العالم. فهم حاضرون في كل زمان ومكان، ومنهم شخصيات شهيرة مدربة تدريبا عاليا، ومنهم اذكياء يتمتعون بالفراسة ويمتلكون خبرات فنية وأساليب احترافية وطرقا خاصة في السرقة، ويتراهنون أحيانا في ما بينهم على سرقة شيء ما ويفعلونها. 

وللصوص على مر التاريخ قصص وحكايات مروية وموثقة في بطون الكتب. إذ بينهم من يتصف بصفات إنسانية تكسبه احترام الناس. ويقال ان العصر العباسي شهد كثرة في أعداد اللصوص. ومن هؤلاء أبو عثمان الخياط، الذي يعد أشهر حرامية بغداد في ذلك العصر، لكنه رغم لصوصيته، كان يلقب بـ “اللص الشريف”.

يقول الخياط عن نفسه: “ما سرقت يوما جارا وان كان عدوا لي، ولا سرقت كريما ولا امرأة ولا بيتا ليس فيه رجل، ولا قابلت غادرا وغدرت به”.

ومن تلاميذ الخياط، ابن أحمد العيار، الذي كان يحث اللصوص الآخرين على عدم سرقة أصحاب الدكاكين الصغيرة، الذين تكون قيمة بضاعتهم دون الألف درهم!

أما الخياط، فقد كان يوصي زملاءه الحرامية أيضا بـ “إذا سرقتم بيتا فاسرقوا نصفه واتركوا النصف الآخر ليعتاش عليه أهله، ولا تكونوا من الأنذال”!

الخياط يبدو أشرف من بعض حكّام هذه الأيام، الذين سرقوا “الجمل بما حمل” وباعوا الوطن بثمن بخس.. آهٍ لو كنت بيننا لرأيت بأم عينك “بسم الدين باكونا الحرامية”.. لرأيت ماذا يفعل لصوصنا بالبلاد والعباد، ولكنت وليّت هاربا من شيطنة هؤلاء الانذال واساليبهم الدنيئة، في وقت يقف أمام أعينهم آلاف المتظاهرين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة، من الفقراء والمساكين والمتسولين، والخريجين وأصحاب الشهادات، والعاطلين عن العمل.

الحرامية وسراق المال العام هذه الايام حدّث ولا حرج، يتبعون مختلف اساليب الاحتيال الشيطانية لسرقة ما تصل إليه أذرعهم الطويلة من أموال الشعب، بلا خجل. وبينما الفقير المسكين يتنقل بين اكوام القمامة يفتش عن لقمة عيش أطفاله الذين يتضورون جوعا، يتنعم المسؤولون وعائلاتهم بما لذ وطاب.

ليتك حاضر بيننا يا سيدي الخياط، لرأيت بأم عينك كيف يتفنن هؤلاء بسرقاتهم أمام القاصي والداني، حتى أتخمت بطونهم بالمال السحت واستحوذوا على كل شيء، ولا يزال معظمهم مطالبا بالمزيد.

رحمك الله يا أبا عثمان الخياط وطيب ثراك!

عرض مقالات: