اخر الاخبار

وأنت تتجول في شوارع بغداد أو غيرها من المدن، لا بد لك أن تلاحظ حجم المأساة التي يعيشها عدد كبير من الأطفال، من كلا الجنسين، وهم ينتشرون في تقاطعات الطرق والأسواق ليستجدوا مبلغا بسيطا من المال بوسائل مختلفة.. حينما تلاحظ ذلك ستدرك حجم الضياع الذي لحق بهؤلاء الأطفال، وتشعر بالألم وأنت ترى أعدادهم الكبيرة تتزايد يوما بعد آخر بدل أن تتناقص. أطفال ونساء يمتهنون التسول بوسائل وأساليب عديدة، منها طلب المال مباشرة، أو مسح زجاج السيارات، أو تمثيل دور الضحايا والمتضررين والأيتام والمشردين، او افتعال قصص مؤلمة عن عائلاتهم، وغيرها من الوسائل التي تستدر عطف الناس. ومما لا شك فيه أن هؤلاء الأطفال متسربون من مقاعد الدراسة! هذه الظاهرة، التي غالبا ما تشتد في البلدان تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، نجد ان الجهات الحكومية تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية تجاهها. وبمراجعة بسيطة لإجراءات حكومتنا ازاء هذه الظاهرة، سنجدها لا تتعدى المعالجات الفوقية، مثل إطلاق حملات لاعتقال المتسولين واحتجازهم، ثم إطلاق سراحهم بعد تعريضهم إلى سيل من الوعيد والتهديد.. لذلك مثل هذه الإجراءات لا يبدو أنها تحل المشكلة. المطلوب هو اتخاذ إجراءات جادة لمعالجة هذه الظاهرة، والحد منها قدر الإمكان، والتي هي بالتأكيد جاءت انعكاسا لأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية. فعلى الدولة وأجهزتها المعنية أن تأخذ على عاتقها مهمة تجميع هؤلاء الأطفال المتسولين، وزجهم في مراكز خاصة لتأهيلهم، كي ينخرطوا مجددا في المجتمع، ويعودوا مع أقرانهم في المدارس. ويتطلب أيضا التفريق بين من يتخذ التسول مهنة ومن يضطر إليه بسبب الوضع المعيشي، مع التحري عن عائلات المتسولين ومساعدتها فيما إذا كانت عاجزة عن إعالة نفسها. هذه الظاهرة خطيرة، وتحتاج إلى وقفة جادة. فهؤلاء الأطفال يمكن أن يصبحوا مستقبلا قنابل موقوتة تهدد سلامة المجتمع وأمنه، فيما لو استغلتهم عصابات السرقة والقتل والمتاجرة بالمخدرات.

عرض مقالات: