اخر الاخبار

لا يختلف اثنان على أن المتنفذين وأصحاب القرار السياسي، منذ 2003 ولغاية اليوم، يتصارعون في ما بينهم على كل شيء من اجل المغانم والامتيازات والإثراء الفاحش على حساب لقمة الفقير. ورغم كون هؤلاء تمتعوا بتلك المغانم، لكنهم لم يشبعوا ولن، فلا يزال الصراع قائما ومحتدما في ظل المحاصصة الطائفية المقيتة، على تقاسم الوظائف وغيرها من الامتيازات. فيما الأقربون أولى بالمعروف!

كل طرف من هؤلاء يرمي باللائمة على الطرف الآخر، غير مكترثين لمعاناة الشعب الذي أنهكته الأزمات. فهم في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، بينما جيوش العاطلين والخريجين تزداد، وآلاف المعامل والمصانع مهملة ومعطلة أكلها الصدأ وغمرتها الأتربة، ناهيك عن تردي الخدمات الصحية والبيئية وشح الموارد المائية وتدهور الزراعة والتربية والتعليم، والارتفاع الفاحش في الأسعار.

الكثيرون من الفقراء صاروا اليوم يفتشون عن لقمة عيشهم في أماكن رمي القمامة، فيما يعتمد اقتصاد البلاد على مبيعات النفط وواردات المنافذ الحدودية والمطارات والضرائب، ولا يعلم المواطن أين تذهب هذه المليارات، وكيف تنفق، وفي أي جيوب تدخل!

البلد بحاجة ماسة الى التطوير والتغيير الشامل في كل منحى من مناحيه، وكل واحد من السياسيين المتنفذين يصرخ بأعلى صوته منددا بـ “الفساد الفساد السرقة السرقة”، وكل منهم يمتلك براهين وحججا ودلائل ضد الآخر، ويفضحه عبر الفضائيات بعرض ملفات في النهب والاستحواذ والتحايل والرشوة والاستثمار الوهمي.. كل يدين الآخر على سرقة قوت الشعب وهدر المليارات في مشاريع ليس لها وجود سوى على الورق.

لكن هذه المشاحنات نراها فقط على الإعلام، ويظل الشعب المغلوب على أمره حائرا، بين تصديقها وتكذيبها. فهؤلاء صار ينطبق عليهم المثل الشعبي القائل “اوجوه متخالفه وكلوب متوالفه”!

ويبدو أن الكتل المتنفذة متعاونة في ما بينها على إبقاء الحال على ما هو عليه لإذلال الشعب.. أهم شيء ان المتنفذين سالمون يتمتعون بالحصانة من كل مساءلة أو حساب أو عقاب، ويتوفر لهم كل شيء ما داموا أصحاب قرار محترمين مبجلين!

في العهد العثماني كانت تطلق مفردة “الشلايتي” على الموظف المكلف بمراقبة التجار كي لا يرفعوا أسعار المواد الغذائية بالشكل الذي يرهق المواطن. وقد تبيّن في تلك الحقبة أن قسما من الشلايتيين يتقاضوا رشى من التجار الجشعين كي يتغاضوا عن جشعهم في رفع الأسعار. فقامت الدولة بعد أن كشفت الأمر، بتعيين موظف يطلق عليه “السرسري”، وهذا مهمته مراقبة “الشلايتي”، لإلزامه بأداء واجبه بالشكل الصحيح. لكن تبيّن بعدها أن “السرسري” تواطأ مع “الشلايتي” في التآمر على قوت الشعب. ومنذ ذلك الحين صار الأول أخا للثاني، والعاقل يفهم!

عرض مقالات: