اخر الاخبار

تسلمت الحكومة الجديدة رسمياً مهامها بعد المصادقة على منهاجها، وبعد الموافقة على تكليفها بالطريقة ذاتها التي جرى بها تكليف الحكومات السابقة، والتي فشلت في أداء مهامها بصورة عامة. وهذا يعني إمكانية ان يكون نجاح هذه الحكومة محدودا جداً، نظرا الى ان نهج المحاصصة المجرب فشل، وذلك ما اطلق موجات الاحتجاج ضده في انتفاضة الشعب المجيدة، التي تمر ذكراها الثالثة هذه الأيام.

وجاء المنهاج الوزاري مليئاً بالقضايا والمواضيع التي هي موضوع خلاف كبير بين القوى نفسها، وليس مستبعدا ان تنشب الخلافات قريباً، ما يعني إمكانية تعطيل عمل الحكومة وتغييب الرقابة الحقيقية عليها. وقد نسمع مرة أخرى تصريحات ترمي اللوم على الكتل التي شكلتها والوزراء الذين اختارتهم، وعدم تحمل مسؤولية الإخفاقات.

ثم كيف يمكن تصور منهاج حكومي لا يشير صراحة الى خطوات فعلية وبتوقيتات زمنية، بشأن القصاص من قتلة المنتفضين ومن يدعمهم؟ وهل يمكن ان تنجح حكومة لا تتبنى خطابا واضحا ومباشرا في محاربة المليشيات وسلاحها المنفلت؟ ولماذا لم يجرِ بالأساس إفراد فقرات خاصة بالطلبة والشباب والرياضة، مع العلم ان التنمية تبدأ بهؤلاء ولا تنتهي بهم؟

هل ان تجاهل اكبر قطاع عددي في العراق، كان المحرك الرئيس للانتفاضة، مقصود ام ان قوى المحاصصة والفساد تدرك أهمية ان يُغيّب دوره، وتُشتت القوى الشبابية وتمنع من الاتفاق على المشتركات وعلى ترك الخلافات. ويتجسد هذا في نصوص الدستور، وحتى في القوانين النافذة، مروراً بتنفيذ الفعاليات السياسية المختلفة، ومنها غياب الاشارة اليهم في منهاج الوزارة الجديدة.

إن القوى السياسية المتنفذة وخصوصاً التي تمتلك المال والسلاح، تواصل سعيها لاقصاء الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية، وهي تشيع التفرقة الطائفية بينهم وتعسكرهم وتحرمهم من حق العيش بكرامة، ومن حق التعبير عن الرأي. وهذا ما عملت عليه في انتفاضة تشرين، بل واستخدمت الطاقات الشبابية لتنفيذ أجنداتها المتخلفة.

ومن المناسب هنا الإشارة إلى أن أسباب اندلاع انتفاضة تشرين تبقى قائمة، بل وتفاقمت وازداد الوضع سوءا. كما أن ما قبل تشرين لن يكون كما بعدها، سواء من الناحية السياسية او في ما يخص الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وبالتالي فان تغييب دور الشباب في أية مناسبة كانت، سيعجل إمكانية اندلاع انتفاضة جديدة. انتفاضة تكون هذه المرة اشد وقعاً على قوى المحاصصة، وصولا الى ازاحتها.

عرض مقالات: