اخر الاخبار

يخبرنا تاريخ وادي الرافدين أن الملك حمورابي أولى في مسلته اهتماما خاصا للطب والقائمين عليه، وأنه لم يسمح باقتراف أخطاء في المجال الطبي. فهو يرى بحسب شريعته أن مثل هذه الأخطاء جرائم بحق الإنسانية، تستحق العقوبة الصارمة ولا يمكن التهاون معها على حساب صحة المواطن. وعلى هذا الأساس، سنّ في شريعته عقوبات بحق الأطباء المهملين. 

والكل يعلم ان الطب مهنة انسانية شريفة ونزيهة ونبيلة، والشخص الذي يزاولها يجب أن يكون إنسانا نذر نفسه لها واقسم بأن يحافظ على شرفها، وان يصونها ويلتزم ببنودها بما يخدم عامة الناس دون تمييز. 

وفي بلدنا الحبيب، كان الطبيب ولا يزال يؤدي عند تخرجه في كلية الطب، قَسَم التخرج، الذي يتألف من فقرات عدة، وعلى ضوئها يباشر مزاولة مهنته بكل امانة وحرص.   

لي زميل يعاني مشكلة في عينه، قام بمراجعة طبيب اختصاص في جراحة العيون. وبعد الفحص والمعاينة أخبره الطبيب أن عينه اليسرى تحتاج الى عملية بواسطة الليزر، بسبب احتوائها على ترسبات ناتجة عن عملية سابقة. 

الطبيب أجرى العملية لزميلي، وكتب له وصفة علاج. فتوجه الأخير إلى الصيدلية ليأخذ العلاج، فتبين أنه يتضمن نوعين من قطرات العين، إضافة إلى حبوب لا علاقة لها بالعين أبدا، وهي “ماكسيل” التي تستعمل لأمراض الجهاز الهضمي، و”بريدنيزول” المستخدمة في علاج حساسية القصبات والربو وأمراض المفاصل والعظام والعضلات، حسب ما أخبره به الصيدلاني!

للأسف الشديد، يوما بعد آخر يتجرد بعض العاملين في مجال الطب من المهنية والإنسانية، ويتحولون إلى تجار باحثين عن الثراء بأية طريقة، على حساب آلام الناس وجراحاتهم، بدءا من رفع سعر الكشفية وعدم مراعاة الوضع المعيشي للمواطن الفقير، مرورا بالإهمال والأخطاء الطبية التي نسمع عنها باستمرار، والتي يروح ضحيتها المئات من نساء حوامل وأطفال وشيوخ وذوي أمراض مزمنة، خلال عمليات جراحية أو بسبب وصفات طبية غير ملائمة للمريض.

ولا يفوتنا ذكر حوادث نسيان آلات حادة في أحشاء المريض اثناء إجراء عملية جراحية له!

كل تلك الأخطاء تحصل بسبب غياب رقابة ضمير الطبيب أولا، وغياب العقاب الصارم من جهة الدولة ثانيا. ويرى بعض الأطباء أن هذا النوع من الأخطاء اعتيادي ولا يتطلب مساءلة قانونية! مثل هؤلاء لا يستحقون شرف هذه المهنة، كونهم يستهينون بأرواح أناس وضعوا أنفسهم أمانة في أعناقهم. 

نتساءل، هل تحول ملائكة الرحمة في عراق الحضارات إلى ملائكة نقمة!؟

عرض مقالات: