اخر الاخبار

خاض مواطنو كولومبيا البريطانية في 2001، تجربة ديمقراطية مميزة لتغيير نظامهم الانتخابي، بعد اعتراض أحد احزابها السياسية على النظام الانتخابي النافذ في هذه المقاطعة الكندية. فقد حصل الحزب المعترض في انتخابات تلك السنة على  33 مقعداً في البرلمان الجديد بالرغم من حصوله على 42 في المائة من الأصوات، بينما استحوذ الحزب المنافس له، والذي نال من الاصوات ما نسبته 39 في المائة فقط، على 39 مقعدا. 

وتشكلت على اثر ذلك جمعية مكونة من 160 مواطناً من مختلف الاعمار والاختصاصات وبشكل عشوائي من خلال سجلات الانتخاب. ولم تكن لدى هؤلاء  اية معرفة بالنظم الانتخابية، لذلك جرى تثقيف مكثف لهم ولقاءات لاطلاعهم على مختلف النظم الانتخابية وحيثياتها مع حوارات حولها وحول عيوب كل منها.

وبعد 50 جلسة ومناقشات شارك فيها 3 آلاف مواطن، توصلت الجمعية بأغلبية 146 صوتا الى تغيير النظام الانتخابي، وعُرض تقريرها بشكل رسمي وقدمت توصياتها للاستفتاء العام.

وأثارت هذه التجربة اهتمام مجموعات كبيرة من المعنيين، وجرى اقتراحها في مواقع أخرى كطريقة لإشراك المواطنين في إدارة شؤونهم الخاصة.

اما عندنا في العراق فقد حولت القوى المتنفذة المواطنين الى حقل تجارب خاص بها، وأجرت تجارب لنظم انتخابية مختلفة منذ اول انتخابات في 2005، بدءاً بالقائمة المغلقة وانتهاء بالدوائر المتعددة والترشيح الفردي، وكل ذلك بهدف الاستحواذ على السلطة ومنافعها.

وفي 2010 حينما اعترض الحزب الشيوعي لدى المحكمة الاتحادية على قانون الانتخابات التي جرت الانتخابات وفقه، اقرت المحكمة بعدم دستوريته وقد حرم أحزابا من حق التمثيل في البرلمان، لكنها لم تقضِ بإعادة عملية الانتخاب رغم عدم دستورية قانونها. ومقابل ذلك فان المحكمة العليا الدستورية في مصر، قد حكمت بعدم دستورية قانون الانتخابات في 2012، امرت بإعادة الانتخابات نظرا الى ان ما بني على باطل فهو باطل!

ومن أمثلة عدم عدالة ولاديمقراطية قوانين الانتخابات العراقية، ان مرشح الحزب الشيوعي في انتخابات 2014 حرم من مقعد في البرلمان رغم حصوله على اكثر من 17 الف صوت، أي ما كان يعادل حينها أصوات رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان. 

وفي السنة الماضية 2021 حذر حزبنا من اجراء الانتخابات من دون وضع مطالب المواطنين وانتفاضتهم الجماهيرية في الاعتبار. لكن المتنفذن القابضين على السلطة اهملوا التحذير، وصمموا النظام الانتخابي وفق قياساتهم العددية، وها هي حصيلة ذلك أمامنا يجسدها هذا الانسداد السياسي، والعجز منذ 6 اشهر عن استكمال متطلبات انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، فيما جرى ويجري خرق الدستور وتجاوز المدد المحددة فيه.

لقد اثبتت تجارب بلدان عدة، آخرها تجربة الانتخابات التي جرت في استراليا قبل أيام معدودة، ان من يريد نظاماً مستقراً وتبادلاً سلمياً ودورياً للسلطة، عليه ان يكيف نظامه الانتخابي بما يتيح للناس المشاركة الواسعة في العملية السياسية وإدارة البلد، وليس المشاركة في الانتخابات فقط.

عرض مقالات: