اخر الاخبار

عندما علّق الحزب الشيوعي العراقي في مثل هذه الايام من السنة الماضية مشاركته في الانتخابات، احتجاجاً على جريمة اغتيال المنتفض الشهيد إيهاب الوزني وعلى الاعتداءات الاخرى بحق الناشطين والمحتجين، بيّن في البيان الذي اصدره بهذا الشأن انه “في ظل هذه الاجواء المحملة بالمخاطر، لم يعد الحديث عن توفير اجواء مواتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تسمح للناخب والمرشح بالتعبير عن آرائهم بحرية وأمان، الا ضربا من الخيال وكلاما تدحضه الوقائع والاحداث يوميا”.

وقال البيان موضحا “ان توالي الاغتيالات، وغياب الاجراءات الرادعة لحَمَلة السلاح المنفلت، وعدم الكشف عن القتلة ومحاسبتهم، الى جانب استمرار تدفق المال السياسي، وعدم تطبيق قانون الاحزاب، ان هذا كله يثير شكوكا حقيقية في قدرة ورغبة السلطة والقوى المهيمنة عليها في ضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة”. واضاف انه “لهذا وفي غياب هذه الشروط، لن تكون المشاركة في الانتخابات الاّ تواطؤاً لإعادة انتاج المنظومة السياسية ذاتها، المسؤولة عن الحال الكارثي الذي انتهت اليه البلاد”.

وشدد الحزب على إن “القوى الماسكة بالحكم والمتحاصصة، ستتحمل مسؤولية ما يترتب على اغلاق الباب امام التغيير السلمي الديمقراطي، من عواقب وخيمة تهدد السلم الأهلي ومصائر الشعب والوطن”.

وبعدها، في تموز 2021، اعلن الحزب قراره مقاطعة الانتخابات، نظرا لبقاء الأسباب ذاتها المذكورة اعلاه.

ان ما يحدث اليوم من حالة انسداد سياسي حذر الحزب منها قبل عام كامل، يُظهر ان ما يجري ليس صراعا على منهج تشكيل الحكومة (أغلبية ام توافقية)، وانما هو صراع بين المتنفذين وهم اقلية حاكمة منتفعة، على الحصص ومواقع النفوذ، تتضرر منه غالبية واسعة من المواطنين تتطلع الى العيش الكريم، وان ما يحصل من حركات احتجاجية متصاعدة يدحض الوعود التي قدمت ابان الحملة الانتخابية . 

وجاءت بعد ذلك نتائج الانتخابات لتثبت بوضوح صحة ما ذهب اليه الحزب، من إلقاء مسؤولية ما جرى ويجري على عاتق القوى الحاكمة التي أغلقت الباب امام التغيير السلمي. فالانتخابات لم تأت عمليا بغير القوى التي حكمت حتى الآن وفشلت. 

 وقد جربت هذه القوى كل الوسائل للتوصل الى ترضية مشتركة مناسبة، يجري على وفقها عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وكان آخرها المهلة التي مُنحت للنواب المستقلين، فصدر عنهم موقف عام لم يخرج عن سياق المبادرات التي تكاثرت أخيرا . 

 وتتجه الأنظار الى ما ستقرره المحكمة الاتحادية في جلستها المحددة في 5 حزيران المقبل، للنظر في الدعوى التي رفعها ممثلو التيار الديمقراطي العراقي ضد رئيس مجلس النواب إضافة الى وظيفته، لمخالفته الدستور في عدم عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وما اذا ستعدل  المحكمة عن قرار إلزام عقدها بحضور ثلثي الاعضاء حسبما اشار بعض الخبراء القانونيين، ام انها ستجد مخرجا قانونيا آخر. 

وبعكس ذلك لا يمكن التعويل على أية مبادرة، فمبادرات المتنفذين تتحرك وفق المنهج ذاته، ومحاولات التمرد على نهج المحاصصة تصطدم بالرفض والمقاومة متنوعة الاشكال. علما ان تشكيل الحكومة وفق المنهج الفاشل ذاته وبغض النظر عما  ستعلنه من وعود برنامجية، لن يلبي حاجات الناس وسيواجه الفشل. وهذا في النهاية ليس من خيارات الناس، بل سيأتي وفقا لخيارات المتنفذين . 

لهذا يجدر الحديث عن العودة الى سلطة الشعب، والذهاب الى انتخابات مبكرة بشرطها وشروطها المناسبة، وان تجارب الشعوب مليئة بالوقائع التي تثبت صحة هذا الخيار. 

عرض مقالات: