اخر الاخبار

انتهت يوم 6 نيسان الجاري المدة الدستورية الملزمة لانتخاب رئيس الجمهورية، من دون ان ينجز مجلس النواب هذا الواجب بعد محاولتين فاشلتين، وأصبح الخرق الدستوري واقعا، وتوقف العقل السلطوي عند نقطة الافتراق بين التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي. 

لقد عجز عقل طغمة الحكم عن إيجاد مخرج، بل وانتج ازمة جديدة تزيد أزماته شدة وتعقيدا.

ليس هناك مخرج واضح من الانسداد السياسي، الذي اوصلتنا اليه طغمة الحكم. والمتوقع هو الانحدار أكثر في درك الازمة التي تفاقمت، حيث يصر الإطار على تشكيل حكومة التوافق، مقابل تمسك السيد مقتدى الصدر مع حلفائه بحكومة الأغلبية الوطنية. ويتساءل الناس بقلق عن قادم الأيام وما ستسفر عنه الأوضاع السياسية - الاقتصادية – الاجتماعية، من دون ان يحصلوا على جواب يطمئنهم إزاء المصير المجهول، الذي يدفعهم اليه صراع الضواري على السلطة. فليس لدى ابواق الطغمة وصقورها ما يقدمونه غير تصريحاتهم المتشنجة، التي تشحن الجو العام بالمزيد من القلق. اما المبادرات التي يعلنون عنها فليست غير تعبيرات ملتبسة تتمسك بمنهج المحاصصة ذاته.

وامام هذا الانسداد لا بد من العودة الى المواطنين والاصغاء الى آرائهم، فهم أصحاب الحق الوحيدون في تحديد مصيرهم، بعد عجز الطغمة عن تقديم اية حلول. 

وهناك في الواقع خياران للمعالجة، الأول هو حل مجلس النواب والتحضير لانتخابات مبكرة أخرى، وهذا يخضع للفقرة أولا من المادة 64 من الدستور العراقي، التي تنصّ على (اولاً: يُحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث الاعضاء، او طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء). لكن يبدو ان هذا الخيار مستبعد الآن، لأسباب لا مجال هنا لتناولها، اما التصريحات التي يطلقها بعض النواب الصقور، فهي غير صادقة النوايا، وغير جدية المقاصد، وغرضها هو تصعيد الصراع ليس الا.

ويبقى الخيار الاخر الممكن، وهو خيار يؤمّن العودة الى الشعب واستطلاع رأيه عبر استفتاء شعبي عام، تديره المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعد ان يشرّع مجلس النواب عاجلا قانونا بذلك. وبحيث يحدَّد في ورقة الاستفتاء خياران اثنان، الاول هو حكومة توافقية والثاني حكومة الأغلبية، ويصار الى تشجيع المواطنين على أوسع مشاركة.

 وقطعا سيكون لنتائج استفتاء كهذا وقع مهم وتأثير واضح على الوضع السياسي، يضع النواب في الوقت ذاته على المحك امام الإرادة الشعبية، والخضوع لها دون أية مراوغة، والانضمام الى صوت الشعب وتجسيد ارادته.

اما اذا أصرت طغمة الحكم على البقاء متمترسة في حدود رأيها، غير عابئة بالخروقات الدستورية التي هي من اسباب وقوعها .. نقول اذا بقيت غير مكترثة كعادتها بمعاناة المواطنين المتفاقمة جراء ارتفاع الأسعار، واتساع ظاهرة البطالة، وما يرافق ذلك من ازدياد حدة الفقر، فلا يمكن تصور صمت المواطنين طويلا. 

فللناس قول يؤكدونه ويكررونه، وهو حقهم في العيش الكريم، وقطعا سيكون لهم فعل بجانب القول، وسيكون احتجاجهم كبيرا ومدويا، واكثر راديكالية من انتفاضة تشرين الباسلة. 

وقد يتبين ان انتفاضة تشرين ليست سوى (بروفة) او تمرين للثورة السلمية الواسعة المرتقبة.

عرض مقالات: