اخر الاخبار

دأب الشيوعيون العراقيون واصدقاؤهم على الاحتفال بيوم ٣١ آذار من كل عام، لأنه اليوم الذي سجلت فيه صفحات تاريخ العراق المعاصر، تأسيس حزب من نوع مختلف، حزب للعمال والفلاحين، لشغيلة الفكر واليد في العراق، إثر مبادرة الماركسيين العراقيين الى الاجتماع في بغداد، التي وفدوا اليها من مختلف مناطق العراق، واضعين تحرر الانسان من الاستعباد والقهر والذل عنوانا أساسيا لكفاحهم، الى جانب تأمين العيش الكريم كهدف آخر لنضالهم المتفاني. وربطوا ببراعة انعتاق الانسان بتحرر الوطن من الاستعمار والهيمنة الاجنبية.

وقد اجمع المؤرخون على واقعة التأسيس في ٣١ آذار ١٩٣٤، واكدها الشيوعيون الأوائل، خصوصا بعد أن احتفل قسم منهم لاول مرة بهذه المناسبة، في سجن بعقوبة المركزي عام ١٩٥٤.

وقد ضم ذلك الاجتماع المبادرين الأوائل الذين حملوا راية التحرر من جميع صنوف الاضطهاد، والتصدي لكل أنواع الاستغلال، واجتمعوا من اجل خير الانسان ولصيانة حقوقه. لم تفرقهم خلفياتهم الدينية، ولم يشظهم تنوعهم الطائفي، ولم يوهنهم تباينهم القومي، بل جعلوا من التنوع جمالا وثراءً، وكان هدفهم رفعة شأن الانسان بغض النظر عن دينه وطائفته وقوميته ومنطقته، مدركين حقيقة وحدة اعدائهم الطبقيين من داخل وخارج الحدود.

لم تكن الظروف ميسرة لنشاطهم وحراكهم الهادفين الى سعادة الانسان، فقلوب خصومهم لا تعرف الرحمة، ومن اين الرحمة لقلوب الماسكين بالسلطة التي تؤمن مصالحهم الخاصة. نعم، لا رحمة تسكن افئدة الحكام النهابين سارقي قوت الشعب، وليس غيرالقسوة ما يلازم الجاثمين على صدور الكادحين. ومقابل ذلك لم يتراجع كفاح الشيوعيين، بل ظلوا يندفعون بلا هوادة نحو أهدافهم النبيلة، غير عابئين بعسف السلطات وبطشها، ويختارون أسلوب الكفاح المناسب لكل مرحلة.

ومع كل ظرف ومهما كانت الاحوال تجدهم لا يتأخرون في إقامة احتفالاتهم بذكرى تأسيس الحزب٫ منذ إقامة اول احتفال لهم في السجن حتى اليوم. وكانوا يحتفلون في اقسى الظروف، وبضمنهم من احتفل في المعتقلات وفي أقبيىة التعذيب تلاحقه سياط الجلادين. وشهد العمل السري احتفالات خاصة تتلاءم مع أوضاع الاختفاء. اما احتفالات العمل الانصاري والكفاح المسلح فكان لها طعمها الخاص، فيما المنافي وبلدان اللجوء اختطت طريقها في الاحتفال.

 وإذا كانت احتفالات العام الماضي اخذت منحى التبرع لإغاثة المحتاجين والمعوزين، الذين ازدادت أحوال معيشتهم قسوة بعد قرار خفض قيمة الدينار امام الدولار، وارتفاع أسعار مواد معيشتهم الاساسية، فان احتفالات هذا العام تتميز  بتزامنها وتَرافقها مع حملة التبرع لبناء مقر للحزب، يراد له ان يكون صرحا وطنيا ومقرا لا يخص اعضاء الحزب وحدهم، بل منصة للثقافة التنويرية والفكر التقدمي والاتجاه الديمقراطي الضامن للعدالة الاجتماعية.

ولعل الجميل يبرز كذلك في مساهمات الفنانين والادباء، والتنافس اللافت في ما  بينهم على تقديم ما يمكن من انجازاتهم الإبداعية، كما في مناسبة التأسيس من كل عام. فتجد منهم من يرسم البوستر السياسي، وغيره اللوحة الفنية وآخر تجود قريحته بقصيدة شعر او اغنية سياسية. ولعل من بين الجميل هذا العام اغنية “آنه مو شيوعي” التي تأتي رسالة راقية تعبر عن نظرة الناس غير الشيوعيين الى حزب الوطن والناس.

عرض مقالات: