اخر الاخبار

اعتادت القوى المتنفذة على أن تحسم القضايا الخلافية في الساعات الأخيرة التي تسبق مواعيد الاستحقاقات الدستورية. وفي هذه الحالة سيُرحل الكثير من القضايا الخلافية ويزداد تعقيدها مع كل عملية انتخاب لرئيس البرلمان والجمهورية وتكليف لرئاسة الوزراء، أو مع التصويت على قانون مهم فيه توزيع للحصص والمغانم.

إن القضايا الخلافية بالنسبة للمتنفذين ليست مشاكل الناس وهمومهم. بمعنى أنهم لا يختلفون على خطط لتحسين معيشة المتقاعدين أو زيادة مفردات البطاقة التموينية وإنعاش سلّتها وإيجاد خطة لامتصاص البطالة وتوفير فرص عمل للعاطلين، أو إيجاد حلول مناسبة لمكافحة ظاهرة المخدرات والانتحار. وذلك سوء الوضع التعليمي والصحي وغيرها الكثير، إنما تتركز جل خلافاتهم، حول تسمية بعض قياداتهم لتبوء هذا المنصب أو ذاك، للظفر بمكاسب الدوائر التي يتولون أمر ادارتها.

لقد سمعنا الكثير عن وعود المتنفذين قبل موعد الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل خمسة أشهر، منها السعي إلى تشكيل حكومة قادرة على نقل حالة الركود السياسي والاقتصادي والأمني إلى شيء آخر، وانهم يسعون إلى تفعيل عمل البرلمان ولجانه، وهم ذاهبون باتجاه تشكيل الحكومة ولجان البرلمان على أساس الكفاءة والقدرة على تحمل المسؤوليات.

 وفي حينها جرى لوم الحزب الشيوعي على قرار مقاطعة الانتخابات كون هذه الانتخابات وبحسب المختلفين في طريقة تشكيل الحكومة الآن، تشكل مخرجا وحيدا من المأزق، وأنها سوف تخرج البلاد من العتمة وغيرها من العبارات التي لم تنطلِ على شعبنا الذي عاقبهم مجدداً بالمقاطعة والعزوف. وهذا جلي من خلال الأرقام التي أعلنت فيها نتائج الانتخابات، حيث إن البرلمان الحالي لا يمثل سوى أقل من 8 في المائة من مجموع المصوتين!

وفي هذه المرة لم يختلف الحال كما في كل المرات السابقة عند تشكيل الحكومة ولجان البرلمان، لأن التصريحات الرسمية تشير إلى استمرار حالة الانغلاق السياسي وتواصل الخلافات حول مرشحي هذا المنصب أو ذاك. فيما أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب المستقلين أن لجانه يجري توزيعها مرة أخرى على وفق المحاصصة.

وبينما يقترب موعد جلسة البرلمان المنتظرة منذ أسابيع، يبقى الخلاف دائراً حول فرضية تشكيل الحكومة: هناك طرف يدعو إلى “أغلبية وطنية” تشترك فيها أقسام من “مكونات” الشعب العراقي. وطرف آخر يريدها “توافقية” يتقاسم حصصها الجميع. فيما لم يتحدث الطرفان عن أي خلاف حول شكل ومضمون ومحتوى هذه الحكومة وبرنامجها، ومن سيتحمل مسؤولية نجاحها أو إخفاقها. وهذا ما يجعل الصراع قائماً إلى حين انعقاد جلسة يوم السبت، المقرر فيها انتخاب رئيس الجمهورية.

وبحكم المعرفة بطبيعة نهج هذه القوى التي تختلف فقط حول تقاسم النفوذ والسلطة وليس على تحسين أحوال الناس ومعيشتهم، تبقى إمكانية تأجيل الجلسة المرتقبة قائمة، لأن هذه القوى لا تريد الذهاب إلى جلسة غير محسومة النتائج مسبقاً تؤمن مصالحها. وهذا ما يعلن عنه مراراً، وأن المعطيات الحالية لا تدل على انفراج في حالة الاستعصاء بين هذه القوى. انما يعني استمرار خرق الدستور. لكن هل هم يأبهون لذلك اصلاً؟!

عرض مقالات: