اخر الاخبار

يفرض التجديد نفسه على الحزب الشيوعي العراقي كما يفرضه على التنظيمات الاجتماعية، التي تسعى لمواكبة التطورات على كافة الأصعدة المحلية والعالمية، وما يرافقها من ثورة تكنولوجية هائلة، وسرعة اتصالات مذهلة، ومن تعدد وتنوع لصفحات التواصل الاجتماعي، حتى أصبحت تغطي مساحة كبيرة من الدعاية والاعلان، وصار لها دورها في التسويق ونشر الأفكار وصناعة المواقف، بجانب بروز ظاهرة المدونين ذوي الإمكانيات الفذة في إيصال رسائلهم الى آلاف وآلاف المتابعين.

وفي سياق عملية التجديد نحلل طبيعة المرحلة التي يمر بها العراق، ونقف عند الاستئثار بالسلطة من قبل الأقلية (الاولغارشية)، ونؤشر الاختلال المجتمعي بفعل الفجوة الاجتماعية التي تتسع بين المستأثرين بالسلطة والمال، وملايين المحرومين من ذوي الدخل المحدود ومن الفئات المهمشة التي تسكن العشوائيات وتعيش في ضنك وبؤس موجعين. فيما نشهد أزمات ومشاكل اجتماعية لا حدود لها، ومراتع للجريمة المنظمة والفساد والمخدرات وللنزاعات العشائرية، وانتشارا للامية وتراجعا للتعليم وترديا للمعرفة وانتشارا للخرافة وتمسكا وتشبثا بالقديم، وفرضا للقيم والعادات البالية.

ولا نجد أثرا للتقدم العملي التكنولوجي وثورة الاتصالات سابقي الذكر، واللذين يعدان من اهم ركائز التطور والتجديد والتغيير والتحديث، في الاقتصاد الذي نعتبره نحن الماركسيين عمود السياسة واساس تطور البلد وتنميته، كما لا يشمل التعليم، ويبقى أثر التعامل معه محدودا في إطار النخب. 

ان القراءة الواقعية لكل ذلك، والمعرفة التفصيلية الأعمق بالواقع العراقي وبتراث شعبنا الثوري، هما مرتكز التجديد الذي نتبناه، ونسعى الا يكون شكليا او محدودا، او نوعا من رد فعل عاطفي، او مجاراة لمزاج معين. فلا معنى للتجديد ان كان يمس الشكل وحده ولا يطال المحتوى. والتجديد الذي نعمل على ترسيخه في حزبنا هو نهج ثابت، يشمل الفكر والسياسة والتنظيم معا. وهذا ما درجنا عليه منذ المؤتمر الوطني الخامس للحزب عام ١٩٩٣.

وضمن هذا السياق طرحنا وثائق المؤتمر الحادي عشر للنقاش العام، حرصا منا على أوسع مشاركة في مناقشتها وتصويبها، وصولا الى إقرارها في المؤتمر.

وكانت وثيقة التقرير السياسي محورا لمناقشات واسعة نشرت في موقع الحزب، ولم تهمل أية ملاحظة وردت بصدده، حتى ان صياغته اعيدت احدى عشر مرة، وكانت الأخيرة التي تم إقرارها في المؤتمر مع التعديلات. 

وشملت التعديلات في النظام الداخلي حوالي ٤٠ فقرة، بعد ان استلمت اللجنة المعنية مئات الملاحظات من المهتمين. كذا الامر بالنسبة الى برنامج الحزب، حيث ادرجت ٦٢ ملاحظة أساسية بشأن فقراته. 

والحزب انما يرسخ بهذا تقليدا محمودا، تقليد المناقشة العلنية لوثائقه، وهو ما لم يقدم عليه أي طرف سياسي آخر حتى اليوم. 

وقد التأم المؤتمر من مندوبين تم انتخابهم بالتصويت السري والفرز العلني في جميع منظمات الحزب. إضافة الى نسبة ١٠ بالمائة من قوام المؤتمر رشحتهم اللجنة المركزية وفقا لنص النظام الداخلي، وكانوا من الاختصاصات الحزبية والقيادات السابقة، وقد قُبلت عضويتهم بعد تصويت المؤتمرين على كل واحد منهم.

 ان التجديد عملية مستمرة تديرها قيادة الحزب المركزية والقيادات المحلية، وهو حاضر دائماً في أذهان الشيوعيين وهم يخوضون كفاحهم اليومي. ولهذا جرت العملية بانسيابية تامة داخل المؤتمر، بعد تحضير متأنٍ ودراسة علمية وواقعية شملت الخطاب السياسي للحزب، سبقه تحليل طبقي للمجتمع العراقي بأدوات المنهج الماركسي. 

لقد جاء تجديد قيادة الحزب بنسبة ٤٢ بالمائة بناء على رغبة ومبادرة واعية من لدن الرفاق الاكبر سنا، الذين اخلوا مواقعهم للشباب حتى أصبحت نسبتهم ٧٠ بالمائة من قوام اللجنة المركزية، بعد ان اعيد انتخاب جميع القياديين الشباب ممن سبق انتخابهم في المؤتمر العاشر. كما ضمت اللجنة المركزية في قوامها ولأول مرة خمس رفيقات، ما عكس قناعة المؤتمر بالإمكانيات القيادية لرفيقاتنا ودورهن المشهود في سوح الكفاح.

أخيرا نقول بايجاز اننا ننظر الى عملية التجديد باعتبارها عملية ديمقراطية، تقوم على مواكبة الارتقاء الفكري، وتجديد الخطاب السياسي، وتنويع أساليب الكفاح في الحركة الاجتماعية، وتطوير اساليب العمل التنظيمي، وتنمية القدرات البشرية وقدرات الشباب ورفع كفاءاتهم. 

التجديد هو مشروع اساسه تقوية مواقع الحزب بين الجماهير، ليكون معبرا عن مصالحها ومدافعا عن حاجاتها بقوة وبسالة.

عرض مقالات: