اخر الاخبار

ستة عقود من السنين تنقضي هذه الايام على صدور اول عدد من جريدتنا «طريق الشعب».

ففي يوم خريفي من سنة 1961، بعد فترة وجيزة من اغلاق السلطات الحاكمة تعسفا جريدة الحزب الشيوعي العراقي «اتحاد الشعب» العلنية، عاودت الجريدة الصدور، انما بصورة سرية وباسم آخر: «طريق الشعب».

بذلك انطلقت المسيرة الجديدة للجريدة الشيوعية المركزية، التي يعود تاريخ ظهورها الاول تحت اسم «كفاح الشعب» الى ما قبل ذلك بربع قرن ويزيد ، الى سنة 1935.

وكانت مسيرة قاسية في معظمها، شأن مسيرة الحزب نفسه في ظل الارهاب غير المنقطع المسلط عليه، ضاجة بتفاني ابطالها المعلومين والمجهولين وبتضحياتهم القصوى. كما كانت، كلما تهيأ جو من الحرية النسبية للحزب ولصحافته، تحفل بالانجاز اللامع لمحرري الجريدة وكتابها وشغيلتها، وبنجاحاتها المشهودة صحافيا.

لكننا اليوم في هذا الملحق الذي نكرسه لاحياء الذكرى الستين لصدور «طريق الشعب»، وباستثناء مادتين او ثلاث مما يتضمن (احداها تعود الى صحافة السجون واخرى الى صحافة الانصار)، نركز على مقطع زمني محدد من تلك المسيرة، وهو فترة الصدور العلني الاول للجريدة في السبعينات (1973 – 1979).

لم تكن عادية تلك الفترة، لا سياسيا بما شهدت من صراعات شديدة متنوعة الاشكال وغير متكافئة، بين قوى المجتمع الوطنية الديمقراطية العزلاء الا من الدعم الشعبي الواسع لنهجها وتوجهاتها، وقوى النظام الدموي المدجج بأشد وسائل القمع وحشية، والذي لا يقبل بأقل من الرضوخ لارادته، ولا يطيق معارضة ولا حتى مجرد نقد!

كما لم تكن عادية صحافيا، بما استطاع الحزب الشيوعي حشده من خيرة طاقات ومهارات رفاقه واصدقائه الاعلاميين والمثقفين عموما، وما أحسن تنظيمه وتوجيهه في سائر المحافظات مثلما في العاصمة، وبما هيأ له من جهد تثقيفي وتدريبي واسع لاعداد جيل جديد مؤهل فكريا وسياسيا وفنيا، من الصحفيين المتطلعين الى تسلم المهمات الاعلامية لصحافة الحزب، والقادرين على النهوض بها ومواصلة المشوار بمستوى لائق.

في اجواء هذه الفترة غير العادية سلبا وايجابا، والتي لم ينعم فيها العراق وكل ما فيه يوما بالحرية والامان الحقيقيين وبالاستقرار والطمأنينة، اجترح الحزب الشيوعي ورفاقه واصدقاؤه تلك التجربة الفريدة والرائدة لصحافته، والتي خلص كثيرون من ذوي الاختصاص بعدها الى القول من دون مبالغة، انها جعلت من «طريق الشعب» مدرسة صحفية حقيقية ومتميزة.

وعن جوانب من تلك التجربة يقدم ملحقنا الاستذكاري هذا مواد وشهادات متنوعة: مقالات وذكريات وتسجيلات ويوميات وغيرها، تشكل بمجموعها وثيقة هامة وثمينة عن الجريدة الشيوعية وحيويتها وعطائها الابداعي، حين تتوفر لها الشروط الضرورية للعمل، واولها شرطا العلانية والحرية، ولو النسبية.

وتتميز هذه المواد والشهادات بأهمية خاصة نظرا الى اصالة انتماء كتابها الى تجربة «طريق الشعب» السبعينات. فهم ممن خاضوها، وقبسوا منها، ورفدوها، وأسهموا فيها وفي صنعها، وممن اسهمت تجربة الطريق تلك في المقابل، بدرجة او بأخرى، في تكوينهم وتأصيلهم كمبدعين.

تحية لهم

وتحية لـلذكرى الستين لصدور «طريق الشعب»!

 

رئيس التحرير