اخر الاخبار

... يدلل نشاط “فهد” السياسي والفكري والصحفي في العشرينات واوائل الثلاثينات على سعة جذور الشيوعية في العراق. وقد برز من بين جميع رفاقه الرواد الماركسيين بعمق معرفته بالمزاج الشعبي ووضوحها في اطار وعيه الوطني.

لقد مارس فهد الكتابة الصحفية كنافذة لا غنى عنها لايصال أفكاره، واختبارها، وتوظيفها في خدمة حركة الطبقة العاملة والشعب.. كان مراسلاً لصحيفتي – الأهالي والوطن – والأخيرة كانت لسان حال الحزب الوطني العراقي الذي كان “فهد” عضواً قيادياً فيه. لقد كان يتصل بالصحف البغدادية منذ عام 1927 (1)، كما سافر الى عدد من البلدان العربية لدراسة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ونشر ملاحظاته ومشاهداته في جريدة “البلاد” العراقية(2).

ويكشف فهد في مقاله المنشور في صحيفة “نداء العمال” باسم “فتى المنتفك” عن نظرة متقدمة الى حقوق كادحي المدن والارياف اطارها المفهوم الطبقي لتلك الحقوق، وتفاصيلها المهمات الأكثر تماساً بمصائر البشرية.. يقول: “ان حركة العامل، تلك الحركة التي عليها تتعلق جلً آمالنا وأسمى امانينا، لا يراد بها الا تحقيق ما تصبو اليه البشرية في الحياة من مساواة واخاء وعدالة”(3).

و“فهد” اول عراقي يقف امام المحكمة مدافعاً عن الشيوعية بعد ان القي عليه القبض عام 1933(4)، بتهمة توزيع نشرات باسم مستعار هو “عامل شيوعي” في مدينة الناصرية، ويومها لم يكن الحزب قد ولد كما لم تكن القوانين التي تحرم اعتناق الشيوعية قد صدرت بعد، وليس من دون معنى ان يجري اعتقاله والتحقيق معه – كما جاء في كتاب متصرفية المنتفك 42 في 21 شباط 1933 – باهتمام وتكتم، “وكان يجيب باصرار : نعم انا شيوعي وليس لدى الشيوعي مال عدا الألبسة والاضطهاد”(5).

وعندما ولد الحزب الشيوعي العراقي لم يكف “فهد” عن نشر آرائه بواسطة العديد من الصحف العلنية، فصحف: المجلة، الحكمة، الحارس، المثل العليا، الشعب، الانقلاب، الراي العام، الأهالي والعصبة كانت تنشر مساهماته التي كانت تثير انتباه القراء والنخب المثقفة، من غير ان يقلل ذلك من اشرافه على صحافة الحزب السرية وتحريرها، فضلاً عن مهماته القيادية، والمهم لمن يبحث هذه الظاهرة ان فهد أسس قاعدة من قواعد العمل الإعلامي للحزب لمواجهة قوانين التحريم والمنع والحجر باستخدام أساليب جديدة في الوصول الى قراء الصحف الحكومية او المرخص لها في ظل إمكانات الواقع ومعرفة مؤشراته، وقد غدت الصحف الوطنية بعد ذلك “تفتح صفحاتها لأقلام الشيوعيين والتقدميين”(6).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - جريدة “طريق الشعب” 14 شباط 1979

2 - المصدر نفسه

3 - رزاق إبراهيم حسن/ الصحافة العمالية في العراق/ ص22

4 - د. سعاد خيري/ من تاريخ الحركة الثورية/ مصدر سابق ص 55

5 - نص الوثيقة/ جريدة “طريق الشعب” 14 شباط 1977

6 - صباح علي الشاهر/ مجلة “الفكر الجديد” 10 أيار 1975

 من كتاب (“من العصبة” الى “طريق الشعب”) أطروحة ماجستير 1982