اخر الاخبار

.. طريقان لا ثالث لهما، اما حكومة أغلبية او حكومة توافقية. ولكل خيار منهما احكامه الخاصة، وتأثيره على الوضع السياسي.

وينطلق تشكيل الحكومة وفق هذا الخيار او ذاك من قدرة المتنفذين على استيعاب العوامل التي دفعت العراقيين الى الانتفاضة، والاهداف التي كافحوا وضحّوا من اجلها. وهو في الوقت ذاته يدلل على تفهمهم دروس الانتخابات واحترامهم لنتائجها، وان لا مناص من اخراج البلد من عمق الازمة الخانقة، التي تدفع البلد الى حافة الهاوية.

خيار حكومة الأغلبية يوفر نوعا من الامل بان هناك خطوة في اتجاه الافتراق عن نهج المحاصصة الطائفية، مهما رافق ذلك من تعثر. ويتطلب تشكيل حكومة كهذه وجود تحالف حكومي، اذ لا يمكن لأية كتلة مهما بلغ عدد مقاعدها ان تشكل الحكومة لوحدها. ولكي يكون التحالف حقيقيا، ويتحمل مسؤولية النجاح والفشل، عليه الا يعيد صورة الاتفاقات التي شكلت في ضوئها حكومات المحاصصة، التي ابتلي العراق بها منذ التغيير حتى الآن، بحيث لا يتحمل أي طرف مساهم في الحكومة أي نوع من المسؤولية. فهو مشارك في الحكومة ومعارض لها في الوقت نفسه، او كما يقول العراقيون تندرا: رجل بالحكومة ورجل بالمعارضة. ولكي تكون حكومة اغلبية حقا وفعلا، فمن الضروري اتفاق أطرافها على منهاج وبرنامج حكومي واضح و ملزم لهم.

بطبيعة الحال لا يهتم المواطنون بأسماء الوزراء وعشائرهم ومناطقهم، بقدر تطلعهم الى الخلاص من عدم الاستقرار والازمات الخطيرة التي تعصف بالبلد والقلق ازاء قادم الأيام. وهو ما يمكن ان يبدده بصيص الامل، عندما يتلمس المواطن إنجازات حقيقية ملموسة، تنتقل بالبلد الى طريق الاعمار والتنمية. 

ويبقى نجاح حكومة الاغلبية مرهونا ايضا بحسن اختيار أعضائها على اساس  معايير الكفاءة والنزاهة، وبالحرص على تطبيق البرنامج الحكومي، وان تكون الحكومة فعالة وتتسم بالصدقية في تنفيذ الوعود الانتخابية، التي ما اكثر ما نكثت  بعد كل انتخابات.

يعلق المواطنون على الحكومة القادمة آمالا بتحقيق العديد من المستحقات، سيما العاجلة منها والمتعلقة بتحسين الوضع المعيشي للمواطنين. وفي هذا السياق لا بد من إعادة النظر في سعر صرف الدينار وتقويته، بعد ان أضعفه الخنوع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ولا بد من تنويع اقتصاد البلاد، وتسريع الإجراءات التي تدعم الصناعة والزراعة، وإطلاق برنامج تنمية مستدامة.

 وبطبيعة الحال لا يتسع مجال حكومة الأغلبية الى اشراك جميع الفائزين فيها، وبهذا المعنى لا يمكن لكل القوى ان تساهم في هذه الحكومة، وان هناك منهم من سيختار المعارضة، وللحديث عن المعارضة البرلمانية مجال آخر.

 اما الخيار الثاني، والذي يبدو انه المرجح، فهو تشكيل حكومة توافقية والسير على نفس النهج القديم، نهج المحاصصة المقيت الذي تشكلت على أساسه الحكومات العراقية السابقة.

وهذا يعكس إصرار طغمة الحكم على إبقاء الازمة مفتوحة، وكأنهم لم يفهموا شيئا من دورس الانتفاضة التي جسدت الرغبة الشعبية العارمة في التغيير، ويؤكدون ان لا معنى للانتخابات ما دامت نتائجها لا تترك أي اثر. وانها انما تضعهم  أنفسهم امام الشعب، وبهذا تكون خيارات الشعب مفتوحة للتعبير عن غضبه، وعدم قبوله تدوير الازمة ومسببيها، وعن تطلعه الى التغيير الحقيقي.

عرض مقالات: