السكوت من ذهب
مجموعة الإتهامات التي وجهها رئيس هيئة النزاهة في مؤتمره الصحفي قبل أسبوع، لم تكن كافية كما يبدو ليتحرك المدعي العام أو مجلس النواب للتحقيق، رغم أنها كانت تتعلق بمنحِ عطايا لمسؤولين في السلطات الثلاث من أجل إسكاتهم، وبتورط كثيرين في سرقات المتهم الهارب نور زهير، المعروفة منها كسرقة أموال الأمانات الضريبية، وغير المعروفة كسرقة أموال أمانات الكمارك والاستحواذ على 724 دونماً من الأراضي، والمشاركة في صفقة تتعلق بالسكك الحديد قيمتها 18 مليار دولار. هذا وقد اتسعت دهشة الناس حين نسي رئيس الوزراء ايضاً، الحديث عن المصيبة، في الكلمة التي خصصها مؤخراً للتعريف بإنجازات الحكومة.
تعليم فص كلاص
مع انطلاق العام الدراسي الجديد، كشف مختصون عمّا تعانيه العملية التربوية من مشاكل مستعصية في مدارس الأرياف، كغياب الكادر التربوي المتمرس والنقص في الكتب والمناهج والرحلات والسبورات والإنارة والمرافق الصحية والماء الصالح للشرب، إضافة إلى أن هذه المدارس إما مبنية من الطين أو تستخدم فيها الكرفانات. ويذّكر الناس وزارة التربية بوثيقة البنك الدولي، التي وصف فيها نظام التعليم في العراق على أنه أضعف الأنظمة في المنطقة، وأن الطفل المولود في بلادنا لن يصل إلا إلى 40 بالمئة من إمكاناته، متسائلين عن المستقبل في ظل هذا المستوى المتدني من رأس المال البشري.
غسل ولبس
كشف اقتصاديون عن بلوغ حجم الأموال التي يتم غسلها في العراق 950 مليار دولار، تأتي معظمها من تجارة المخدرات وتهريب النفط والرشوة والعمولات إضافة إلى سرقة المصارف. وأكد هؤلاء على أن القسم الأكبر من هذه الأموال يتم غسله في الاستثمار العقاري الأكثر ربحاً بسبب أزمة السكن وتزايد عدد السكان ووجود 4 ملايين مواطن في العشوائيات. ورغم ما تسببه هذه الجرائم العلنية من تدهور بسعر الدينار واخلال بالاستقرار النقدي واضعاف للدخل القومي، فإنها لا تحل مشكلة السكن بسبب الأسعار الخيالية التي يفرضها "المستثمرون" للوحدات التي يشيدونها، والتي لا تناسب حتى دخل الطبقة المتوسطة.
لماذا تنسون المياه؟!
دعا رئيس الجمهورية ضيفه الرئيس الإيراني، أثناء لقائهما في بغداد، إلى إطلاق مياه الأنهر الحدودية والتوصل إلى تفاهمات مُرضية للجميع حول تقاسم المياه، مشدداً على أهمية تعزيز التعاون المشترك وروابط الصداقة بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين. هذا وفي الوقت الذي أدت فيه السياسات المائية لطهران إلى حجب 90 بالمائة من حصة العراق من المياه القادمة من الشرق، مشددة من المخاطر التي يواجهها الأمن المائي للبلاد، وتاركة تأثيرات سلبية قاسية على الإنتاجين الزراعي والحيواني، خلت الإتفاقيات الأربعة عشرة التي وقعها البلدان على هامش الزيارة، والتصريحات التي أطلقتها الحكومة، من أية إشارة إلى مشكلة المياه.
وهل يصلح العطار..؟
زفّ رئيس هيئة النزاهة بشرى للعراقيين بتحسن مكانة بلادهم على مقياس الفساد من الموقع 157 إلى الموقع 153 من أصل 180 دولة يقيّمها المقياس، واعداً بتواصل التقدم على هذا الطريق بتعاون الجميع وبدعم المنظمات الدولية ذات الصلة. هذا وفي الوقت الذي جمع فيه العراق 23 نقطة من أصل 100، وللعام الرابع على التوالي، مما يعني عدم تحسنه وضعه وبقاءه متخلفاً في مستوى الشفافية ومكافحة الفساد عن معظم الدول العربية المستقرة، يتساءل الناس عن معنى لجوء "أولي الأمر" لتجميل صورة الواقع البشعة، فالاعتراف بالحقيقة أولى خطوات النجاح، ولن تُحجب عين الشمس بغرابيل الإدعاءات.