إصحى يا بلد!
أعادت وزارة التعليم العالي العمل بما يسمى "نظام السلامة الفكريّة"، والذي كان معتمداً في زمن النظام المقبور لمراقبة أية أبحاث لا تروق مضامينها له ومعاقبة المخالفين، مما كان له أبلغ الآثار السلبية على مستوى البحث العلمي حينها، لاسيما في مجالات الفكر السياسي والعلوم الاجتماعية. هذا وفيما يأتي القرار متزامناً مع أدلجة تُنفذ في هذا الميدان الهام، وفق ما يريده المتنفذون في منظومة المحاصصة، يثير قلق الناس من مخاطر عودة أشكال من الاستبداد والقمع، ضحى العراقيون بالكثير للخلاص منها، لاسيما في ظل التضييق الشديد على الطلبة وممثليهم واستبدال الملاكات على أساس الولاء وليس الكفاءة.
حاميها حراميها
كشفت لجنة الصحة والبيئة عن قيام بعض أفراد الأجهزة الأمنية والموظفين باستخدام الحيل القانونية لتهريب المخدرات عبر المنافذ الحدودية الرسمية وغير الرسمية ومساعدة العصابات على ذلك، مطالبة رئيس الحكومة ووزير الداخلية باستبدال هؤلاء دورياً. هذا وتجدر الإشارة إلى أن مواجهة الأمر بإجراءات أمنية جيدة كتوقيف 7000 متورط منذ بداية 2024 وضبط نحو طنين من المخدرات و10 أطنان من المؤثرات العقلية، وإصابة وقتل نحو 30 وصدور نحو 100 حكم بالإعدام والسجن المؤبد بحق تجارها، لم تؤدِ لإيقاف تفاقم المشكلة، مما يستلزم رسم برامج المكافحة في إطار إستراتيجية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وليست أمنية فقط.
راس السمجة!
جاء في الأنباء بأن 40 في المائة من مشاريع التنمية في بابل متلكئة بسبب فساد الإدارات التي تحكمت في المحافظة، والذي يعّد من أبرز الدلائل الكثيرة عليه، ما أُتخذ من عقوبات وإجراءات قضائية بحق آخر أربعة محافظين لها، وتدني مستوى الخدمات الأساسية للمواطنين، في التعليم والرعاية الصحية والطرق غير المنجزة والتأخر في إنجاز مشروع مجاري الصرف الصحي ومشروع القاسم السكني والفساد في مشروع بوابات بابل الأربع. هذا ويتندر البابليون حول قيام "أولي الأمر" بهدم 96 مدرسة دون أن يعيدوا بنائها، سامحين ببناء 102 مدرسة أهلية في نفس الفترة، مقابل "هدايا" من المستثمرين أو ربما ابتغاءً لرضا الفاسدين.
"اصرف ما في الجيب"!
كشف التقرير الأخير لحسابات وزارة المالية عن صرف ما يزيد عن 60 في المائة (بارتفاع قدره 19 بالمائة) من إيرادات الموازنة للنصف الأول من العام الحالي لتغطية رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية، في وقت تنذر فيه المؤشرات بتناقص الإيرادات جراء تراجع أسعار النفط. هذا وفيما تكشف هذه الأرقام عن مواطن الاختلال الشديد في بنية التخصيصات والأوليات وعن تعارضها مع مستلزمات تحقيق تنمية مستدامة للاقتصاد وتنويعاً لقاعدته الإنتاجية، تثير قلقاً جدياً على معيشة الناس في المستقبل القريب، وتساؤلات جدية عن السر وراء الإصرار على هذه السياسة الاقتصادية والمالية غير المجدية.
"نجاحات" استثمارية
كشف برنامج الامم المتحدة الإنمائي عن هروب أكثر من 5 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات الأجنبية من العراق في العام الماضي، مما يصبح معه حجم الاستثمارات الأجنبية التي خسرتها البلاد خلال العقد الماضي أكثر من 52 مليار دولار. هذا وفي الوقت الذي انخفضت فيه النفقات الاستثمارية في موازنة هذا العام بنسبة واحد بالمائة، لتمثل 26 بالمائة فقط من مجموع الموازنة، يدرك الناس مدى فشل منظومة المحاصصة في تحقيق أية تنمية، لاسيما حين تصرف حتى هذه الأموال الصغيرة على بناء عقارات تخدم المترفين، وتُستبعد عن أنجاز البنى التحتية والمشاريع الإنتاجية في القطاعين الزراعي والصناعي.