اخر الاخبار

قبل عامين من الآن، كانت مدينتا كربلاء والنجف، من اكثر المدن العراقية اقبالا على السياحة الدينية، لما تتمتعان به من مكانة دينية وحضارية، لكن مع تفشي جائحة كورونا، بداية العام الماضي، أخذ هذا المورد الاقتصادي يتراجع ليس وقوفا حتى الرقم صفر، انما تكبد عدد كبير من المستثمرين

خسائر بالمليارات

يقول صائب ابو غنيم، رئيس رابطة الفنادق في محافظة النجف، في حديث لـ”طريق الشعب”، ان محافظته وحدها تضم قرابة 350 فندقا، بدرجات متفاوتة، مؤكدا ان “50 فندقا، منها، الغيت اجازاتها، وتحولت الى مخازن ومراكز تجارية”.

ويضيف ابو غنيم، أن “نسبة التشغيل في الوقت الحالي تراجعت الى صفر في المئة”، مبيناً أنه “منذ بداية تظاهرات تشرين، كان نحو 50 فندقا، يستقبل سائحين عراقيين، وما أن تفشى فيروس كورونا في عموم العراق، حتى انقطع الجميع عن زيارة المدينة، ما سبب اندثارا لقطاع السياحة في المحافظة بشكل كامل”.

وبشأن الخسائر الاقتصادية التي تكبدها قطاع السياحة في النجف، يوضح أبو غنيم أن “الدخل السنوي للفندق يبلغ 100 الف دولار سنويا، وبالتالي فإن مجموع الخسائر التي يكبدها اصحاب الفنادق والبالغة 350 فندقا مجتمعة، هي 3,500,000  ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار سنويا”.

تسريح العاملين

ويشير ابو غنيم الى ان “قيمة الفنادق في محافظة النجف كانت تزيد على 3 مليارات دولار، اما في الوقت الحالي فقد اصبحت اقل من مليار ونصف المليار دولار. وبالتالي فان الأضرار كانت كبيرة على أصحاب الفنادق”.

وعزا المتحدث تراجع قيمة العقارات الى “اندثار البنى التحتية للفنادق”، اضافة الى التي العوامل التي افرزتها جائحة كورونا، والتي انعكست على تسريح اغلب العاملين في هذا القطاع، لينضموا الى قافلة العاطلين عن العمل.

إجراءات حكومية سببت الافلاس

ولم تكن محافظة كربلاء بعيدة عن مصير جارتها النجف، بل الضرر الذي طالها كان أكبر بكثير.   

ويحمّل مدير فندق كاردينيا الشام في كربلاء، محمود النصراوي، الحكومة المركزية سبب تراجع قطاع السياحة في المحافظة، مبينا ان “كربلاء تضم ما يقارب 1000 فندق وبمختلف التصنيفات، لكن السياحة الدينية في المحافظة تراجعت منذ العام 2017 بسبب الاجراءات الحكومية”.

ويقول النصراوي في حديث لـ”طريق الشعب”، ان الحكومة لم تراع الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد، وجاءت جائحة كورونا لتكمل مشوار الخراب”.

ويبين النصراوي، ان “الحكومة تراخت كثيرا بمسألة سكن الوفود السياحية في منازل المواطنين، التي تزاحم الفنادق، والتي لا تخضع للرقابة، في حين تخضع الفنادق للشروط والاجراءات الحكومية، ناهيك عن مستحقات الجباية ورسوم الماء والكهرباء والضمان الاجتماعي، واجازة وزارة الصحة والضرائب”.

ويتابع أن “الحكومة ساهمت بشكل وبآخر في تردي قطاع السياحة من خلال توفير اماكن سكن للأفواج السياحية بالمجان، خصوصا في الزيارات الدينية الكبيرة، وهذا ما سبب إفلاس اغلب اصحاب الفنادق وتسريح العمال”.

ويكشف النصراوي، ان خسارته المالية في العام الماضي، بلغت (150,000) دولار، بالإضافة الى ما اصاب الفندق واجهزته من اندثار”.

ويطالب المتحدث، الحكومة “بإعفاءات من الجباية نظرا للوضع الاقتصادي الراهن”.

خسائر اضافية

ويؤيد حيدر اكرم، احد المستثمرين في القطاع السياحي، مطالبة النصراوي.

ويقول أكرم في حديثه لـ”طريق الشعب”، إن “استمرار الاجراءات الحكومية الوقائية من دون حلول بديلة، أدت الى خسائر جمة في هذا القطاع، كونه يحتاج الى نفقات لديمومته، ودون أية ايرادات مالية لهذا القطاع الكبير”.

ويضيف أكرم أن “توالي الخسائر أدى الى تسريح العمالة في هذا القطاع”.

ولم تقتصر الخسائر المالية على الفنادق فحسب، انما شاركتها الشركات السياحية المختصة بتنظيم عمل السفر ونقل المسافرين في المعاناة، حيث أصابها الشلل التام لنحو عام كامل، وما زال الوضع المتردي قائما الا من بعض الاستثناءات.

ويقول مدير شركة عطاء الخير للسياحة والسفر، مجتبى القزويني، إن شركته “توقفت عن مزاولة نشاطها منذ ظهور الجائحة ولحد الان، وهذا سبب بتسريح العمال وخسائر مالية كبيرة”.

ويضيف، أن “سياسة الاغلاق التي اتبعها العراق والدول المجاورة وحتى العالمية، أصابت قطاع السياحة الدينية بأضرار كبيرة”.

ويقدر القزويني خسائر الشركات السياحية بـ 100,000 دولار خلال العام الماضي، مناشداً الحكومة اعفاء الشركات السياحية، من الضرائب واجور الاجازة والنفقات الاخرى، للتخفيف عن كاهل الشركات، مراعاة للوضع الراهن”.

ورفعت بعض الدول أجور الموافقة الامنية (الفيزا) الى اضعاف، بعد تفشي الوباء، كما يوضح رشاد سعيد، مدير دلتا الرافدين للسفر والسياحة في كربلاء.

ويقول سعيد لـ”طريق الشعب”، ان “سعر الموافقة الامنية وصل الى مائة دولار، بعد ان كانت سابقا ما قبل ظهور فيروس كورونا، لا تتجاوز خمسة عشر دولارا فقط”، مشيرا الى ان تكلفة الرحلة الى سوريا تزيد على سبعمائة دولار، بعد ان كانت ثلاثمائة دولار فقط”.

ويتابع سعيد، ان “تركيا صارت تعطي فقط موافقات علاجية تكلفتها 270 دولارا بعد ان كانت واحدة من افضل دول الجوار في تسهيل متطلبات السفر اليها”.

اهمال قطاع السياحة

وبهذا الشأن يقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، حامد الموسوي، في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “قطاع السياحة في العراق يتعرض الى خسائر كبيرة، وللأسف الشديد الجهات القطاعية المسؤولة وهي وزارة الثقافة والسياحة الاثار وهيئة السياحة لا تقدم شيئا، بل تحاول الضغط على هذا القطاع بشكل اكبر من خلال فرض ضرائب ورسوم اكثر”.

واتهم الموسوي، الحكومة بـ”اهمال قطاع السياحة الدينية”.

ويشير الموسوي الى انه “على الرغم من تفشي الوباء في عموم العراق، فقد اتخذت حكومة اقليم كردستان عدة اجراءات من شأنها ابقاء هذا القطاع الحيوي المهم، لكن الحكومة المركزية المتمثلة بوزارة الثقافة والسياحة والاثار والوزارات الاخرى، ابتعدت عن ايجاد حلول ناجعة”.

ويؤكد النائب أن “هناك خسائر بمليارات الدولارات، تعرض لها قطاع السياحة الدينية في العراق”.

عرض مقالات: